من المرجح أن تتسبب الظروف الشبيهة بالركود التي تمر عبر الاقتصاد الأميركي في مزيد من التموجات داخل سوق العمل القوي.
وفي هذه الأوقات، بات من الشائع استخدام مصطلح "الركود الدوّار" أو "Rolling Recessions"، في وصف ما تواجهه الولايات المتحدة منذ التباطؤ الذي بدأ في أوائل عام 2022. ويشير المصطلح إلى أنه في حين أن الاقتصاد قد لا يكون فعلياً قد سقط في الركود، فإن بعض القطاعات ستواجه حالة انكماش حقيقية.
وأشار تقرير لشبكة "CNBC"، اطلعت عليه "العربية.نت"، إلى سوق الوظائف، والذي يعبر بوضوح عن تلك الحالية، فعلى الرغم من بيانات التوظيف القوية، شهدت بعض القطاعات ضعفاً يمكن أن يتفاقم هذا العام، وفقاً لبيانات من موقع شبكات الأعمال الشهير "LinkedIn".
وحدد اقتصاديون قطاعات متعددة ستظهر درجات متفاوتة من الانكماش هذا العام.
من جانبه، قال رئيس الاقتصاد وأسواق العمل العالمية في "LinkedIn"، راند غياد: "تظل أسواق العمل أكثر تشدداً مقارنة بمستويات ما قبل الوباء". "لا تزال صامدة وأقوى مما رأيناه في فترة ما قبل الجائحة، لكنها تباطأت تدريجياً ومن المرجح أن تستمر في التباطؤ خلال الأشهر القليلة المقبلة".
وفيما أظهر دخل الإسكان تباطؤ حاد العام الماضي، وإشارات مؤشرات التصنيع إلى الانكماش لعدة أشهر. كشف أحدث استطلاع لمسؤول القروض من مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد شروط الائتمان بشكل كبير، مما يشير إلى حدوث تباطؤ يؤثر على القطاع المالي.
ويمكن للقطاعات الأخرى أن تحذو حذوها حيث يتوقع الاقتصاديون على نطاق واسع أن الولايات المتحدة ستشهد - في أحسن الأحوال - نمواً بطيئاً إلى معتدل هذا العام.
وتختلف بيانات "LinkedIn"، التي تأتي من إعلانات الوظائف والبيانات الأخرى من أكثر من 900 مليون عضو بالموقع حول العالم، بشكل ملحوظ عن البيانات الحكومية بطريقة مثيرة للاهتمام.
في حين أن البيانات التي نشرها مكتب إحصاءات العمل تشير إلى سوق عمل شديد الضيق، مع وجود ما يقرب من وظيفتين مفتوحتين لكل عامل متاح، أظهر مقياس ضيق سوق العمل في "LinkedIn" أن النسبة 1 إلى 1 وقد تنخفض أكثر.
التداعيات مهمة
وفيما أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى سوق العمل الضيقة تاريخياً باعتباره دافعاً لسلسلة زياداته في أسعار الفائدة بهدف ترويض التضخم، فإن بيانات "LinkedIn" الأخيرة قد توفر زخماً للبنك المركزي للتخفيف من إجراءات التشديد الخاصة به.
أين ستكون الوظائف؟
بالنسبة للباحثين عن عمل، تعني عبارة "فترات الركود الدوّار" أنه سيكون من الأسهل الحصول على عمل في بعض الصناعات، في حين أن البعض الآخر سيكون أكثر صعوبة.
وحدد موقع "LinkedIn" مجالات معينة تعاني من الركود، مما يعني أن أصحاب العمل يجدون وقتاً أسهل في ملء الوظائف ولا يحتاجون إلى استخدام أكبر عدد ممكن من الإغراءات للعثور على عمال. وهذه الصناعات هي الإدارة الحكومية والتعليم وخدمات المستهلك، حيث يفوق عدد المتقدمين عدد الوظائف الشاغرة.
فيما تشمل الأسواق الضيقة إلى حد ما، التكنولوجيا، والترفيه، والمعلومات والإعلام، والخدمات المهنية، وعقارات التجزئة، والبيع بالتجزئة، والخدمات المالية. في هذه الصناعات، يجد المتقدمون للوظائف وقتاً أسهل في العثور على فرص بينما يضطر أصحاب العمل إلى تكثيف جهود التوظيف.
بينما تشمل أسواق العمل الضيقة للغاية، "الضيافة"، والنفط والغاز، وخدمات المسنين والرعاية الصحية. والتي تعاني من صعوبة في إيجاد الكوادر اللازمة بالسرعة الكافية.
مخاوف الركود تلوح في الأفق
من وجهة نظر تجارية، قال غياد إن هناك 4 صناعات كانت مقاومة للركود: الحكومة والمرافق والتعليم والخدمات الاستهلاكية. والتي لا يتوقع أن ترى أي تباطؤ كبير في التوظيف.
على الرغم من الصحة الواضحة لسوق العمل، يعتقد العديد من الاقتصاديين أن ركوداً أوسع لا يزال يلوح في الأفق.
وتوقع مسح حديث أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أن هناك فرصة بنسبة 61% للانكماش، ويشير مؤشر الركود الفيدرالي في نيويورك، الذي يتتبع الفارق بين عوائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات و3 أشهر كمؤشر، فرصة بنحو 57% لحدوث ركود في العام المقبل. هذا هو أعلى مستوى منذ عام 1982.
ومع ذلك، قال غياد إنه يتوقع أن يظل التوظيف قوياً، على الرغم من أن منشورات "LinkedIn" التي تشير إلى كلمات مثل "تسريح العمال" و"الركود" و"منفتح على العمل" كانت في ازدياد في الأشهر الأخيرة.
وأضاف: "بالنسبة لسوق العمل الأوسع، فإننا في وضع جيد للغاية حالياً". "لا يزال سوق العمل هو ألمع بقعة في الاقتصاد الأميركي".
