على الرغم من أن القمم والمؤتمرات العلمية الرياضية لا تزيد على بضعة أيام، فإن تنظيمها وحضورها له من الفوائد ما يصعب حصرها وقياسها. فإذا كانت الحياة المعاصرة وتطورها لا يكون إلا من خلال العلم والبحث العلمي، فكذلك تطور المنظومة الرياضية لا يكون إلا من خلال العلم ونتائج أبحاثه. لذا نرى الدول المتقدمة في المجال الرياضي تهتم اهتمامًا كبيرًا بالقمم والمؤتمرات العلمية في مختلف المجالات الرياضية.
كنت قد ألقيت ورقة علمية مؤخرًا بعنوان «إدارة الاستثمار الرياضي بالأندية الرياضية كمؤشر لتحقيق التمويل الذاتي» ضمن محاور قمة الرياضة البحرينية التي نظمتها الهيئة العامة للرياضة خلال الأسبوع المنصرم بتوجيه ورعاية كريمة من سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، وبحضور ومشاركة جمع كبير من قيادات وصناع القرار في الاتحادات والأندية الرياضية إضافة إلى المشاركين من مختلف القطاعات الرياضية والأكاديمية.
أصبحت الرياضة الآن مصدرًا لإيرادات كبيرة في العالم، وصناعة اقتصادية عالمية مهمة، هذا أقل ما يمكن قوله، ولهذا كنت أقول إنه «إذا الرياضة لم ترتبط بالاستثمار فإن ذلك سيؤدي إلى زوالها»، وها هي أحدث الاحصاءات العالمية تشير إلى ان عن حجم الاستثمار العالمي في الرياضة يتجاوز (500) مليار دولار، كما تبلغ صناعة الرياضة (2000) مليار دولار على مستوى العالم. هذه الارقام المليارية يجب أن تدفع صناع الرياضة في مجتمعنا إلى امعان النظر في ذلك الكنز المدفون باعتباره أحد أشكال الاستثمار البديل التي تسعى العديد من دول العالم للخوض فيها من ضمن أكثر الاستثمارات ربحية في الدول، في حال تم استيعاب المعنى الحقيقي للاستثمار في الرياضة، لأنها تعد أرضا خصبة لمختلف مجالات الاستثمار، ولها أهمية مزدوجة من حيث زيادة العوائد، والرقي بخدمات الأندية والمؤسسات الرياضية.
لا يمكن الحديث حول الاستثمار الرياضي دون التطرق إلى تغيير الفكر التقليدي لأهداف إنشاء أنديتنا الرياضية والمتمثل في أداة للتسلية، ووسيلة لشغل الفراغ. لا أبالغ، ولديّ القناعة الثابتة، عندما أقول إن الرياضة الآن قد انتقلت من جانب اللهو والتسلية والترويح إلى عالم الاستثمار والاحتراف والمال والشهرة والوصول إلى قمة الثراء الذي أصبح واقعا نعيشه، فعلاقتها أصبحت وثيقة بالعلاقات الاقتصادية. فهي تدخل في إطار الدورة الاقتصادية سواء باعتبارها منتجًا وشريكًا أو كقيمة مضافة.
ربما يتوجّب عليّ القول أن لضمان نجاح الاستثمار المستدان في الرياضة التنافسية وحتى الترويحية في منظومتنا الرياضية لا بد من توافر العديد من المقومات، منها: درجة توافر البنية والمنشآت الرياضية النموذجية، الوعى الاستثماري لدى المستثمرين، توافر المناخ الاقتصادي والاجتماعي الداعم لبيئة الاستثمار في الرياضة، وتوافر الكفاءات الإدارية المؤهلة، تقوية السوق الرياضي بشكل فعال ليوفر المكان والزمان المناسبين للجمع بين رغبة المستثمر في استثمار امواله ورغبة الاندية والمؤسسات الرياضية في الحصول على هذه الاموال، كما يتطلب نجاح الاستثمار توافر البيئة التشريعية من القوانين والتشريعات المحفزة للاستثمار من خلال قانون الرياضة واللوائح الداخلية للمؤسسات الرياضية، إنشاء شركات مساهمة في الأندية الرياضية، وجود قنوات رياضية احترافية للبث التلفزيوني، واخير وجود قاعدة جماهيرية عريضة للأندية الرياضية.
خاتمة الرؤى، أن ثمار قمة الرياضة البحرينية ستقطف في الفترة القادمة مع بدء تفعيل توصياتها ومخرجاتها. نحن في البحرين بحاجة ماسة إلى مثل هذه القمم والمؤتمرات العلمية الرياضية التي تتناول بالحديث عن الموضوعات الرياضية ذات الأهمية والمستجدات من البحوث على الساحة الرياضية. أتمنى أن يكون على أجندة الهيئة العامة للرياضة قمةً أو مؤتمرًا كل سنة أو سنتين، يتناول آخر المستجدات العلمية في المجال الرياضي لما لها من أثر كبير في رصد أهم وأبرز التطورات على الساحة الرياضية، وبالشكل الذي يجسد الرؤية البحرينية التطويرية للرياضة.
*نقلاً عن الأيام البحرينية
