بسبب ضبابية موقفها.. هل يعتلي المغرب ركب الدول الخارجة من نفوذ فرنسا بالقارة الإفريقية؟


بدأت العديد من الدول الإفريقية تنتفض ضد مُستَعمرتها القديمة “فرنسا” من أجل التخلص من ماضيها الاستعماري واكتشاف نفسها ومؤهلاتها القوية، كما عملت على فتح المنافسة أمام العديد من الدول الكبرى من مختلف قارات العالم. حيث بدأت العواصم الأوروبية المهم وكذا الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، تدق عواصم الدول الإفريقية وترسل وزراءها وتحتضن قمم “للشراكة والتنمية مع القار السمراء”، آخرها القمة الأميركية الإفريقية في ديسمبر الماضي بواشنطن العاصمة.

 

وقد بدأت دول مثل مالي بالسير نحو روسيا، بعد أن بدأت السلطة الجديدة في باماكو التي يقودها مجلس عسكري بقيادة العقيد أسيمي غويتا بعد انقلاب ماي 2021 بـ”طردت” القوات الفرنسية من مالي، حيث دفعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى أن يعلن في 9 نونبر الماضي إنهاء مهمة قوة “برخان” في المنطقة.

 

في حين قامت بوركينا فاسو. عن طريق المجلس العسكري في واغادوغو، والذي سبق أن عين إبراهيم تراوري في أكتوبر رئيساً انتقالياً، حيث أنهى في 23 يناير الماضي، اتفاقا مع فرنسا كان أبرم عام 1918، ويعلن ذلك بالتوقيت المنصوص (مهلة شهر) عليه داخل “العقد”، ويوحي بأن هذا “الهجر” مناسبة لتصويب علاقات البلدين وتطويرها لا التخلي عنها.

 

في حين تعالت الأصوات داخل المغرب وخارجه من أجل أيكون لفرنسا موقف واضح من قضية الصحراء المغربية، عكس ما يعتبره الجميع لعبا على الحبلين بين المغرب والجزائر، حيث تحاول باريس الحفاظ على نفس المسافة بين الجزائر والرباط، الأمر الذي أصبحت هذه الأخيرة تتعامل معه بحزم أكبر في انتظار زيارة الرئيس الفرنسي للملكة والتي تأجلت إلى ما بعد شهر رمضان المبارك، وذلك بعد تصويت البرلمان الأوروبي على قرار “يدين المغرب والذي أيده حزب ماكرون داخل المجلس الأوروبي”.

 

وتعليق على الموضوع، قال أحمد نورالدين، الخبير في العلاقات الدولية، في حديثه مع الأيام 24، إن قرار البرلمان الأوروبي، ليست مجرد توصية برلمانية بمبادرة فريق أو مجموعة، مضيفا أنها “هي ما سيغير التحالفات الاستراتيجية أو يطوي علاقات قوية استغرق بناؤها سبعة عقود من الزمن على أقل تقدير”.

 

وأضاف نورالدين، أنه إلى حدود الساعة، كل التصريحات الرسمية من رئيس الدولة إلى الدبلوماسيين تصريحات تؤكد على أن العلاقات مع المغرب متميزة وأن هناك حرصا على تطوير هذه العلاقات وعلى كل الاصعدة، بل إن وزيرة الخارجية الفرنسية خلال زيارتها الاخيرة إلى الرباط قالت إنه “بإمكان المغرب الاعتماد على فرنسا في ملف الصحراء..” وهذه رسالة واضحة وفي نفس الوقت تحمل إشارة مشفرة إلى من يعنيهم الأمر.

 

وأشار الخبير في العلاقات الدولية، إلى أنه عند “التحدث عن فرنسا لا يجب أن ننسى أنها كانت سباقة على كل الدول الأوروبية وعلى الولايات المتحدة أيضا في دعم موقف المغرب ومقترحه لحل النزاع في الصحراء المغربية”.

 

فرنسا كانت سباقة لدعم الموقف المغربي، يُضيف نور الدين، ولطالما وقفت سدا منيعا أمام أي تحركات معادية للمغرب داخل مجلس الأمن حتى من طرف الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، مثل ما وقع في حادثة توسيع صلاحيات المنورسو سنة 2013. مؤكدا أنه لا ينبغي إنكار هذا الواقع، “لكن من حق المغرب أن يطالب فرنسا بتطوير موقفها بناء على مسؤوليتها التاريخية في تقسيم أراضي المملكة مع إسبانيا، وعلى ضوء المتغيرات الدولية خاصة بعد اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء”.

 

وأكد المتحدث نفسه، أنه “يجب أن يأتي الطلب من الجانب المغربي وعلى الخارجية أن تتحلى بالشجاعة السياسية والدبلوماسية لمطالبة الشريك الاقتصادي الأول خلال المباحثات والاجتماعات وعبر القنوات الرسمية بموقف واضح وحينها سيكون رد فرنسا بنفس الوضوح. لا ينبغي أن تتستر الخارجية وراء الصحافة أو خلف الأزمة الصامتة، يجب الإفصاح وطرح الملفات على الطاولة”. مؤكدا أنه “لا يجب أن ننتظر المبادرة من فرنسا للاعتراف بمغربية الصحراء لأنه “ما حك جلدك مثل ظفرك”، المبادرة يجب أن تكون من الخارجية المغربية وبكل وضوح وقوة”.

 

وقال نور الدين: “أنا لا ادافع عن هذا البلد أو ذاك، ما أقوله هو أن المغرب تعامل دائما بالحكمة في سياسته ولم يتعامل بمنطق الرجم بالغيب أو الرجم بالحجارة. البوصلة يجب أن تكون هي مصالح المغرب أولا وأخيرا، وأي قرار استراتيجي يجب أن يتم انضاجه بناء على دراسات ونقاش عميق وحوار سياسي هادئ حتى لا تكون له آثار كارثية على التوازنات الاقتصادية والجيوسياسية الكبرى للوطن. لسنا جمهورية موزية ولا جمهورية عسكرية تتخذ فيها القرارات بعشوائية وتنقلب فيها المواقف بين عشية وضحاها”.

 

كما أكد المتحدث عينه، أنه يجب استحضار “أن فرنسا أول مستثمر أجنبي بالمغرب بحجم تراكمي تجاوز 12 مليار دولار، وأن مفخرة الصناعات المغربية اليوم هي صناعة السيارات التي تجاوز حجم صادراتها السنوية 11 مليار دولار، وهي ماركات فرنسية بالأساس، ولا يجب أن ننسى ان فرنسا تشكل الجنسية الأولى في عدد السياح الوافدين على المغرب وبحصة تقترب من 35% من السياح الاجانب، هذه بعض المؤشرات والا فالأمر يستدعي مجلدا لتعداد حجم التعاون بين البلدين”.

 

وأشار الخبير في العلاقات الدولية، إلى أنه “على أولئك المسؤولين الذين يطلقون فقعات كلامية في هذا الصدد، أن يتوقفوا أولا عن ارسال ابنائهم إلى مدارس البعثات الفرنسية بالمغرب التي تستقبل كل سنة  40 ألف تلميذ من أبناء المسؤولين والاثرياء وعلية القوم في هذا الوطن العزيز، وعلى المسؤولين أن يتوقفوا عن الوقوف في طوابير أمام القنصليات الفرنسية للحصول على التأشيرات لقضاء عطلهم في فرنسا، وأن يتوقفوا عن استعمال اللغة الفرنسية في مراسلاتهم الإدارية وفي اجتماعاتهم الرسمية، وفي اصدار البلاغات الوزارية”.

 

ولفت المتحدث نفسه، إلى أن “الادهى من كل ذلك أنهم يستعملون اللغة الفرنسية في مخاطبة ابنائهم داخل بيوتهم، وهي سبة ووصمة عار على جبين المسؤولين والكبراء في بلد حافظ على استقلاله كدولة مركزية خلال 12 قرنا على الاقل وكانت له إمبراطورية امتد حكمها من حدود مصر شرقا إلى جبال البرانس في أوربا شمالا، إلى غانا جنوبا’.

 

من جهة أخرى، استبعد نور الدين، “ما يروج من مراجعة جذرية للعلاقات”، مؤكدا أن “فك الارتباط لا يمكن أن يكون مزاجيا، أو بسبب أزمة عابرة وحتى إذا افترضنا أنه تم اتخاذ قرار في هذا الاتجاه لأسباب معينة قد تكون خافية أو سرية، فالأمر يتطلب خطة استراتيجية لتنفيذ قرار له تبعات ثقيلة مع شريك بهذه الاهمية، وأعتقد أن فك الارتباط بشكل جدي مع فرنسا اذا أريد له أن يتم فسيستغرق 20 سنة على الأقل، باستحضار العلاقات المتشابكة على كل المستويات الاقتصادية والعسكرية والثقافية واللغوية والإنسانية بين البلدين. عدا ذلك سنكون أمام مزايدات فرزدقية تضر بمصداقية المغرب أكثر مما تنفعه”.

تاريخ الخبر: 2023-02-14 15:19:52
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 70%
الأهمية: 72%

آخر الأخبار حول العالم

ضبط مرتكب واقعة قتل أحد الأشخاص خلال مشاجرة بالشرقية

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:21:26
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

وزير الداخلية يهنيء البابا تواضروس والأقباط بعيد القيامة المجيد

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:21:28
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية