مرت مصر بالعديد من التحديات والعقبات في أعقاب أحداث يناير 2011، إذ كان الوضع الأمني صعبا، وازداد سوءًا مع صعود جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحكم، وتدهور الملف الاقتصادي في ظل عدم الاستقرار الأمني من جانب، وتوقف عجلة الإنتاج من جانب آخر، كما ضربت أزمات أخرى الشارع المصري، مثل الكهرباء والطاقة والغاز والبنزين، وغيرها من التحديات التي استلزمت تحركات وإجراءات سريعة من قبل القيادة السياسية، لضمان الحفاظ على هذا الوطن من إرث اقتصادي مليء بالطلاسم واللوغاريتمات، وأوضاع أمنية أثرّت سلبا على التنمية.

وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن التجربة المصرية بعد أحداث عام 2011، لافتًا إلى كيفية التعامل مع التحديات التي واجهتها الدولة آنذاك بشكل متواز، وقال الرئيس خلال كلمته في القمة العالمية للحكومات في الإمارات، إن عام 2011 كان حاسما وكاشفا، وإن مصر كادت أن تضيع، ولم ينج إلا مصر، وإن التحديات المتوازية تعني أنه لا يوجد تحد قبل الآخر، وكلها على خط واحد، ولاتوجد أولويات لملف على حساب آخر.

الوضع الأمني

تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، حرصت الدولة على التعامل مع الملفات بشكل متواز، فلا يوجد ملف له أولوية عن الآخر، فواجهت مصر بقواتها المسلحة والشرطة المدنية والشعب، تلك العناصر الإرهابية التي استفحلت في البلاد، وأثارت الفوضى ولا سيما بعد قيام ثورة 30 يونيو 2013، فلم تجد جماعات الإرهاب آلية للمضي قدما في تنفيذ مخططات من يدعمها، إلا بث الفوضى واستهداف رجال الجيش والشرطة والمدنيين ودور العبادة.

وفي الوقت الذي كانت تواجه فيه مصر ملف الإرهاب كان هناك تشديد على ضرورة رفع الوعي، وتجديد الخطاب الديني، لمواجهة الفكر المتطرف الذي اعتمدت عليه الجماعات الإرهابية في تنفيذه مخططها لإحداث فوضى في البلاد.

الملف الاقتصادي

ونجحت مصر في ملف الإرهاب بالتزامن مع الخطوات والإجراءات التي اتخذتها اقتصاديا، بداية من قرار الإصلاح الاقتصادي في عام 2016، والذي أكد خبراء الاقتصاد، أن هذه القرارات كانت سببا للصمود أمام الأزمات العالمية المتتالية، بداية من جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، فضلًا عن الضربات الأمنية المتلاحقة، حيث نجحت وزارة الداخلية في ضبط قضايا أموال عامة بقيمة 4 مليارات و584 مليون جنيه، تم ضبطها نقدا، و4 مليارات و227 مليون جنيه قيمة تقديرية ومستندية أخطرت الجهات القضائية بها لاتخاذ الإجراءات القانونية.

أزمات الطاقة

وصلت أزمة الطاقة في أعقاب 2011 إلى ذروتها، وتحول النور إلى ظلام، مع كثرة انقطاع الكهرباء، فضلًا عن أزمة البنزين وعدم توافر السولار، فكان الطريق صعبا لمواجهة تلك الأزمات في وقت محاربة الإرهاب والأوضاع الاقتصادية الصعبة، ورغم ذلك نجحت الدولة في ترسيم حدودها في البحرين الأبيض والأحمر، وبدأت حملات التنقيب، وأسفرت عن أكثر من كشف ضخم والتي كانت سببا في تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر وتحويلها إلى مصدر للطاقة بالمنطقة.

أما الكهرباء، فتمكنت الدولة من رفع قدرة الشبكة القومية للكهرباء إلى 56 ألف ميجا وات، فضلًا عن إعداد خطة لتطوير شبكة نقل الكهرباء بإضافة 2000 كيلو متر جهد 500 كيلو فولت للقضاء على مشاكل الانقطاعات بمحافظات الصعيد الناتجة عن انخفاض الجهد.

وانتهت الدولة من إنشاء وتشغيل أكبر 3 محطات لتوليد الكهرباء بالعالم ببنى سويف والعاصمة الإدارية الجديدة والبرلس، بقدرة 14 ألفا و400 ميجا وات فى زمن قياسي، بالتعاون مع شركة سيمنز الألمانية بتكلفة 6 مليارات يورو، فضلًا عن الانتهاء من إنشاء أكبر تجمع لمحطات الطاقة شمسية  بقدرة 1400 ميجا وات بمنطقة بنبان بأسوان التى تستوعب 40 محطة شمسية، وهو الموقع الأكبر على مستوى العالم.

مشروع «حياة كريمة»

من المؤكد أن تلك التحديات ألقت بظلالها على المواطنين المصريين في مختلف مراحلهم العمرية، ولذلك لم يكن ملف العدالة الاجتماعية بعيدًا عن قرارات وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، فأطلقت مصر أكبر مشروع تنموي عبر التاريخ الحديث، ليس على المستوى المحلي فقط، بل والعالم أيضًا، وهو المشروع القومي «حياة كريمة» الذي يستهدف تطوير وتنمية الريف المصري عبر 3 مراحل تنتهي بتطوير كافة القرى المستحقة.

واهتمت الدولة بتطوير العشوائيات وتوفير حياة كريمة لسكان تلك المناطق، كخطوة هامة فى طريق العدالة الاجتماعية، وذلك بعد أن وصل عدد المناطق غير الآمنة «العشوائية» إلى مايقرب من 360 منطقة بمختلف المحافظات، فتم تنفيذ مئات من الألاف من الوحدات السكنية  في نحو اكثر من 300 منطقة عشوائية، ويجرى تنفيذ نحو عشرات الألاف من الوحدات السكنية.

الحماية الاجتماعية

كما شهد ملف الحماية الاجتماعية طفرة غير مسبوقة على مدار السنوات الماضية، بسبب توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزارة التضامن الاجتماعي بتنفيذ العديد من برامج الحماية الاجتماعية، لتحسين مستوى معيشة الأسر الأولى بالرعاية، وأن من أبرز هذه البرامج تنفيذ برنامج «تكافل وكرامة»، والذي نجح في تغير حياة أكثر من 5 ملايين أسرة للأفضل.

وكذلك الاهتمام بملف الأجور سواء للعاملين في الجهاز الاداري للدولة أو قطاع الأعمال العام، او القطاع الخاص من خلال وزارة القوى العاملة والمجلس القومي للأجور والمبادرات التي تقوم بها مع أصحاب الأعمال من أجل ضمان رفع الحد الأدنى لأجر العامل بالقطاع الخاص، وكذلك رفع المعاشات اكثر من مرة على مدار السنوات الماضية.

القضاء على فيروس «سي»

لم يكن ملف الصحة بمنأى عن التحديات التي واجهتها الدولة خلال السنوات الماضية، ولاسيما أن هذ الملف من الملفات التي تعد إرثا ناتجا عن عشرات السنوات، ووفقًا لاحصائيات وزارة الصحة، فإن أكثر من 80 مليون مواطن استفادوا من المبادرات الصحية التي أطلقتها الدولة المصرية على مدار السنوات الأخيرة.

وكانت مواجهة فيروس «سي» على رأس تلك المبادرات، فكانت هي الأضخم على الإطلاق للقضاء على فيروس سي، ويشكل نسبة كبيرة من عدد الوفيات سنوياً.

ونجحت الدولة في الكشف على 11 مليونا و635 ألفًا، وهذا إجراء صحي غير مسبوق، لم تتخذه دولة في العالم وحصد إشادات من مختلف المنظمات الدولية، التي أقرت بنجاح التجربة، وأكدت أن الدولة المصرية لديها مشروع صحي على أعلى مستوى، ويدار وفق أحدث النظم والأساليب العلمية، وتم توفير كل الإمكانيات اللازمة لنجاحه.