عيد الحب.. “الحب الحقيقي “


ورطة الاٍنسان منذ الأزل ، اٍختلاف الدين واللون و العرِق والرزق والحظ والمصائر ، وأيضاً، مروره على كل الحدائق المُحرّمه، ومحاولته أن يتجاوزها أو يعيش فيها بقوانين يضعها لنفسه من وقت لاّخر ، ويُريق الدماء في
سبيل الحفاظ على حرمتها .. الاٍنسان تيهه منذ ولادته وحتى مماته في مجاهل الثأر والفقر والظلم والفِتن رغم أن الحل لكل المظالم ألاّ تكون مشاعر الحب محرّمه ..
… الحب الحقيقي طاقه هائله لها وهج الشمس ، ثورة البحر، عصف الريح،هو كعطر الورده ، كسحر الموسيقى،
كرحمة السماء ، هو روعة النفس الاٍنسانيه .. سعادة الاٍنسان تكمن في قدرته على بناء جسور الحب فوق بحور العزلة والبغضة .. تقول الكلمة : ” من لا يحب لم
يعرف الله ، لأن الله محبه ” ( ١يو ٨:٤ ) .

يقول الكتاب : ” ليس لأحد حب أعظم من هذا ، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه ” ( يو١٥ : ١٣) .. وتقول الحكايه : ” عندما أقبل الربيع ، تصادقت نحلة صغيرة ذهبية اللون مع فراشة بيضاء جميلة ، وفي أحد الأيام رأت النحلة الصغيره أحد الثعالب يحاول سرقة العسل من الخليّة ، أنقضّت عليه ولسعته في أنفه ، فصرخ من شدة الألم وهرب مسرعاً بعد أن تورّم أنفه ، أما النحلة الصغيره فقد ماتت شهيدة ، لقد ضحّت بحياتها في سبيل التغلّب على الثعلب . رأت الفراشة ما حدث ، و أحسّت بالأسف على صديقتها الصغيره ، فقالت في أسف : ” لماذا قاومت صديقتي عدوها ولسعته وهي تعرف أنها بذلك ستفقد حياتها ، لأنها تترك سلاحها مع جزء من أجهزتها الحيوية في جسم ضحيتها ؟! يا لها من حمقاء !! ” سمعت نحلة من الخلية ما قالته الفراشة
، فصاحت تؤنبها في غضب شديد : ” هذه أقوال من يفكر في نفسه ويتناسى الاّخرين ، أمّا نحن جماعة النحل ، فلا نفكّر بهذه الطريقة ، كل واحدة منّا تفكّر في مصلحة الجميع ، وهذا ما فعلته نحلتنا الصغيرة الشهيدة ” .

اٍذا أردنا أن نحيا في سلام وطمأنينه علينا أن نتغذّى، بالحب الحقيقي المبني على التضحية والعطاء .. تقول الكلمة : ” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية ” ( يو ١٦:٣ ) .. لقد عرفنا عن طريق الجلجثة المخضّب بالدماء شيئاً عن هذا الحب الذي فتّش عنّا وأشركنا وجعلنا من خاصة المسيح الفادية ..
لقد عرّوه وألبسوه رداءاً قرمزياً ، وضفّروا اٍكليلاً من شوك و وضعوه على رأسه وقصبة في يده ، واقتادوه اٍلى عرشه اٍلى صليب الجلجثة ، هناك سمّروه من يديه و ورجليه اٍلى العرش الوحيد الذي قدّره به الناس .
المسيح هو أعظم حب ، لقد أحبنا بحب ،دفعه اٍلى أن يموت بدلاً منّا لينزع خطايانا ، اٍنه الحب الحقيقي ، الحب ” الذي أحبني ، و أسلم نفسه لأجلي ” ( غل ٢٠:٢) .. الله يحبنا
، ولا أحد ينكر محبة الله لنا ، ولكن ، لنقف مع أنفسنا برهة متسائلين : هل نحب الله حقاً كما بادرنا هو بحبه أولاً ؟ من هو الله بالنسبة لنا ؟ ديّان نعبده بكل خوف و رعدة ، أو أب حنون يعتني بنا ويخاف علينا ؟ هل كل واحد منّا يتجنب فعل الشر لأنه اٍهانة لشخص الله ، أم خوفاً من العقاب الاّتي ؟ يقول ” أغسطينوس ” في كتاب الاٍعترافات : ” فلنحب الله لأنه صنع كل شيئ ، وهو معنا ، لم يخلق الكائنات ليتخلّى عنها ، منه جاءت ، وفيه تثبت ، اٍنه مقيم حيث نشعر بطعم الحقيقة ، نجده في أعماق القلب واٍن ابتعد عنه القلب ، عودوا أيها الخطاة اٍلى قلوبكم وتمسكوا بخالقكم ، أمكثوا قُربِه فتطمئنوا ، أستلقوا عليه لتستريحوا ” .
حب الله ، هو الفضيلة التي تتفرع منها كل الفضائل ، فاٍن أحببنا الله سيكشف لنا الله ذاته ، وهو الذي وَعَدَ بذلك في قول يسوع له المجد : ” الذي يحبني يحب أبي وأنا أحبه وأُظهِر له ذاتي ” ( يو ٢١:١٤ ) .. كما يقول الكتاب أيضاً عن يسوع : ” قد أحب خاصته الذين في العالم ، أحبهم اٍلى المنتهى ” ( يو ١:١٣ ) .. ويقول ” اٍفرام
السرياني ” عن حب يسوع هذا : ” هذا الحب ، أَنزَل الأبن الوحيد اٍلينا ، فقد تأنس الاٍله فشاهدنا من لا يُرى ” .. هذا الحب الاٍلهي ، نقي ، وخالص ، وبدون شوائب ، و
أساسه العطية .. الله هو المركز الحقيقي لمحبتنا ، لذلك ينتقل حبنا للاّخرين – المبني على هِبات أرضيه وأشياء مادية نقدمها لهم – اٍلى عطية ذاتنا لهم ، متخذين هذه الخطوة على مثال الله المحب الحقيقي ، وكما يقول
لنا القديس يوحنا : ” تلك هي المحبة : نحن لم نحب الله ، بل هو الذي أحبنا..أما نحن فعلينا أن نحب ، لأن حب الله لنا سابق لحبنا ” (١ يو ٤: ١٩،١٠) .
حين تحب أطفالك وأقربائك فقط ،فأنت تشبه القطة التي تحب أولادها ثم تفترس الفأر ، وتشبه الأسد الذي يحنو على أسرته ثم يفترس الظباء ، ولكي تعلو درجة عن مرتبة القطة والأسد ، وتستحق لقب” اٍنسان”، فعليك
تجاوظ عشيرتك ، ليظلل حبك من لا تعرفهم ، حتى واٍن كان طبعهم الاٍساءة ، ولتتمسك أنت بفضائل الحب في
دواخلك .. تقول الحكاية : ” حكاية العقرب الذي شاهده رئيس الدير وهو جالس على حافة حفرة متسعة ممتلئة بمياه الأمطار وبصحبتة أحد الرهبان .. وقع العقرب في الماء ، وراح يتخبط محاولاً النجاة من الغرق ، مدّ رئيس الدير يده لينقذه ، فلسعه العقرب ، صرخ أبانا من الألم ،
لكنه مدّ يده من جديد ، فلسعه العقرب مجدداً ، وحاول مرة ثالثة حتى حذّره الراهب خوفاً عليه من العقرب،فلم
ينصت رئيس الدير للراهب ، وكرر المحاولة حتى أنقذ العقرب ، ثم سار اٍلى الراهب وربّت عل كتفه قائلاً له :
” طبع العقرب أن يلسع ، وطبعي كاٍنسان أن أحب وأغيث
الملهوف ، فهل أسمح لطبعه أن يغلب طبعي ؟! .. يقول
القديس أغسطينوس : ” لتكن فيك جذور الحب ، و
بواسطته ، لن تفعل اٍلاّ الخير ” .
الحب الحقيقي ، هو بمثابة تطهير لقلوبنا و لأرواحنا ،هو
المشاعر النقيّة التي تفتح عيوننا على اّدميتنا الحقيقيه ،
هو حب الله ، وحب الخير .. الحب الحقيقي ، هو الذي معه تصبح لحياتنا طعم ، وبه تجتاح نفوسنا كل نسائم التطهير .

تاريخ الخبر: 2023-02-14 15:21:58
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:26
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:25
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:31
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية