سياسة إيران في "التوجه شرقاً" تخضع للاختبار بزيارة رئيسي للصين

صدر الصورة، FARS NEWS AGENCY

في 12 فبراير/ شباط، أعلنت الحكومة الصينية أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سيقوم بزيارة رسمية إلى بكين بين 14 و 16 فبراير/شباط بدعوة من الرئيس شي جيبينغ.

وتأتي رحلة رئيسي وسط بعض التوتر في العلاقات الثنائية، مع استياء إيران في ديسمبر/كانون الأول 2022 من تأييد الصين الخطوات التي اتخذتها الإمارات لحل النزاع على ثلاث جزر في الخليج العربي تسيطر عليها إيران.

وقد يكون هذا، وغيره من المؤشرات، بمثابة تصحيح للخطاب الصادر من داخل المعسكر المحافظ الحاكم في إيران الذي يقول أن استراتيجية "التوجه إلى الشرق"، إلى دول مثل الصين وروسيا، يمكن أن تسفر عن حلفاء أقوياء ومسار تنموي يقاوم الغرب إلى حد كبير.

ومع عدم وجود ما يشير إلى أن تخفيف للعقوبات يلوح في الأفق، تواجه إيران التحدي المتمثل في وضع هذه الاستراتيجية على المحك تحت ضغط اقتصادي وسياسي غربي مستمر. وخلال زيارته لبكين، سيتعين على رئيسي وطاقمه من الوزراء التعامل مع القيود الحقيقية لهذه الاستراتيجية "الشرقية"، والتي قد يعرب عن بعضها نظرائهم في بكين.

عضوية منظمة شنغهاي للتعاون

أحد عناصر "التطلع إلى الشرق" هو انضمام إيران مؤخراً إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وهي منظمة حكومية دولية تركز على التنمية الإقليمية والأمن، تضم الصين والهند وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • روسيا وأوكرانيا: موسكو تشعر بقلق من تحديد سقف لأسعار النفط - فايننشال تايمز
  • روسيا وأوكرانيا: كيف أصاب الفتور العلاقات بين موسكو وبكين خلال الحرب؟
  • القمة السعودية الصينية: توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة خلال زيارة شي جينبينغ
  • الإمارات وأوكرانيا تدشنان محادثات تجارية وسط ضغوط غربية على أبو ظبي - فايننشال تايمز

قصص مقترحة نهاية

واعتبر المحافظون عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون بمثابة إنجاز رئيسي للسياسة الخارجية للحكومة. وعلقت وكالة أنباء تابعة لهيئة البث الحكومية أن منظمة شنغهاي للتعاون يمكن أن تكون "بديلا" للاتفاق النووي لعام 2015 وتخفيف العقوبات الغربية بموجبه.

وقالت الوكالة "الصين وروسيا، وهما من بين حلفاء إيران ضد الغرب، يمكنهما تهيئة ظروف تجارية أفضل من دول مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا".

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

الحلقات

البودكاست نهاية

ولكن هناك شكوك حول ما إذا كان بإمكان إيران الاستفادة من مثل هذه الظروف. قال معلق في الصحيفة الاقتصادية "عالم الاقتصاد" إن ضغوط العقوبات ووجود إيران المستمر على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي لا يزالان يشكلان عائقًا أمام التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي مع أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون، بما في ذلك الصين.

ويأتي ذلك على الرغم من توقيع الصين وإيران على "خارطة طريق استراتيجية لمدة 25 عامًا" في عام 2021، والتي تبشر باستثمارات صينية كبيرة في إيران.

وتم الإعلان عن الاتفاق لأول مرة خلال الزيارة الرسمية التي قام بها شي جينبينغ في يناير/كانون الثاني 2016 إلى إيران، مباشرة بعد رفع العقوبات الغربية والدولية بموجب الاتفاق النووي.

تباطؤ الاستثمار والنفط الرخيص

وفي سياق حديثها عن رحلة رئيسي أشارت وكالة أنباء إيرنا الرسمية إلى أن الصين لا تزال أكبر شريك تجاري لإيران. ولكن تباطؤ الاستثمار الصيني والحرب في أوكرانيا دفع الصين إلى المرتبة الثانية في ترتيب الدول التي تستثمر في إيران خلال فترة رئاسة رئيسي، مع احتلال روسيا المرتبة الأولى.

وأثناء إعلانه هذا الخبر في أوائل يناير/كانون الثان قال المسؤول الاقتصادي الكبير علي فكري إن إيران "غير راضية" عن المستوى الحالي للاستثمار الصيني.

وتستمر الصين في لعب دور مهم في الاقتصاد الإيراني من خلال شراء النفط الإيراني في تحد للعقوبات الأمريكية. ويُنظر إلى هذه التجارة على أنها شريان حياة لإيران وسط ضغوط العقوبات. وتمكنت إيران من الاستمرار في هذه التجارة نظرا لتراخي الولايات المتحدة في تطبيق العقوبات والحسومات الإيرانية الضخمة لإقناع المشترين الصينيين بقبول مخاطر العقوبات.

ومع تعثر الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، قد تسعى الولايات المتحدة الآن إلى فرض عقوبات أكثر صرامة. وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن يكون ظهور النفط الخام الروسي المخفض في الأسواق الآسيوية منذ بداية الحرب في أوكرانيا قد دفع إيران إلى تقديم حسومات أكبر، وهو وضع مفيد للغاية للصين.

إمكانية دائمة للتعاون

وبالتالي، فإن الفائدة الاقتصادية للعلاقة الثنائية أقل بكثير مما قد توحي به تصريحات السياسيين الإيرانيين المحافظين، ويمكن قول الشيء نفسه إلى حد كبير عن تداعياتها السياسية.

الوجود الاقتصادي الواضح للصين عبر الخليج، في دول مثل الإمارات التي توفر بيئة استثمارية أكثر قابلية للتنبؤ، يقزم ما يمكن رؤيته في إيران. وقد يفسر هذا سبب تأييد بكين للجهود الإماراتية لحل النزاع مع إيران حول جزر الخليج الثلاث.

وبدلاً من ابداء التهور في علاقاتها مع طهران، تسعى بكين إلى موازنة علاقاتها مع إيران مقابل مصالحها الأخرى في المنطقة. وبعد بيانها المثير للجدل بشأن النزاع الإقليمي، أرسلت بكين بسرعة نائب رئيس مجلس الدولة، هو تشون هوا، لتقديم "تحيات شي جينبينغ القلبية وأطيب تمنياته".

وتباهت وكالة أنباء تسنيم المتشددة في 12 فبراير/شباط ، بالمزايا التي تتمتع بها إيران، من بينها موقعها الجغرافي واحتياطياتها النفطية، التي لا بد أن تغري الصين، التي تهدف مبادرة الحزام والطريق الخاصة بها إلى تطوير البنية التحتية عبر اليابسة الأوروبية الآسيوية، والتي لا تزال أكبر مستهلك للطاقة في العالم.

وفي مقال نُشر في صحيفة الشعب اليومية للحزب الشيوعي الصيني قبل زيارته، سلط رئيسي الضوء على هذه المزايا على وجه التحديد، مشيرًا أيضًا إلى القوى العاملة الموهوبة في إيران وتكاليف الإنتاج المنخفضة والقاعدة الصناعية الموجودة في إيران. وأعرب عن اهتمامه الواضح بمبادرة الحزام والطريق، مستشهدا بالهدف المعلن للحكومة الصينية المتمثل في بناء "مجتمع له مصير مشترك للبشرية".

ويعكس اجتماع رئيسي مع المرشد الأعلى علي خامنئي قبل السفر للصين، وحجم الوفد الإيراني ومكانته الرفيعة ما على المحك بالنسبة لإيران. وبحسب تسنيم، سيرافق رئيسي وزراء الخارجية والاقتصاد والطرق والتنمية الحضرية والنفط والزراعة والصناعة ومحافظ البنك المركزي الإيراني.

ولا يمكن حتى الآن تصور إلغاء حكومة رئيسي إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، ويشير الوجود الإضافي لكبير المفاوضين النوويين علي باقري كاني إلى الوفد إلى أن الموضوع قد يكون مطروحًا للنقاش في بكين.

ولكن إذا لم يكن هناك احتمال لإحياء الاتفاق النووي، سيتعين على إيران التعامل مع قيود "التطلع إلى الشرق" بينما تتعرض لضغوط اقتصادية وسياسية غربية مكثفة.

وأشارت تسنيم إلى أنه في مثل هذه الحالة، "يجب على [إيران] أن تجعل الحكومة الصينية على استعداد تام لمسايرة مواقف طهران السياسية والاقتصادية فيما يتعلق بالعقوبات، حتى لا توقف القضايا السياسية على المدى المتوسط والبعيد التعاون بين الحكومة الصينية ورجال الأعمال الصينيين وإيران ".

وفي مقالته في صحيفة الشعب اليومية، بدا رئيسي حريصًا على تسليط الضوء على القواسم السياسية المشتركة، مشيرًا إلى أن البلدين يعارضان "الهيمنة والأحادية"، قائلاً إنه "يجب على جميع البلدان أن تكافح بجد لبناء نظام عالمي عادل وتحقيق تعددية حقيقية".

وكما قالت تسنيم: "النمو (الاقتصادي) مشروط بالقدرة على التحمل، وهذا التحمل يجب أن يبدأ في المجال السياسي".