على الرغم من الدمار الهائل وعشرات آلاف الضحايا بسبب الزلازل المدمرة التي ضربت جنوب تركيا يوم السادس من فبراير/شباط الجاري، كانت عمليات الإنقاذ بمثابة نقاط مضيئة نادرة في واحدة من أكثر الفترات كآبة في ذاكرة تركيا.

وبينما أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية "أفاد" ارتفاع حصيلة أعداد قتلى الزلازل التي ضربت جنوب شرقي البلاد إلى أكثر من 39 ألفاً، لفتت في الوقت نفسه إلى مواصلة 29 ألفاً و160 منقذاً أعمال البحث والإغاثة بالمنطقة، يساندهم في هذه الأعمال 11 ألفاً و488 منقذاً من دول أخرى. فيما أفادت بأن إجمالي عدد طواقم الإغاثة والمتطوعين وغيرهم في مناطق الزلزال يصل إلى أكثر من 264 ألف شخص.

وتحدث معظم عمليات الإنقاذ خلال الـ24 ساعة الأولى بعد وقوع الكارثة. ووفقاً للخبراء، تقل فرص البقاء على قيد الحياة مع مرور كل يوم بعد ذلك. وعادةً ما تتدافع منظمات الإغاثة للعثور على ناجين في أول 72 ساعة بعد وقوع كارثة طبيعية، حيث إن مرور الوقت يقلل، بشكل كبير، من الأمل في العثور على علامات الحياة.

ورغم مرور أكثر من 11 يوماً على "كارثة القرن"، وتصريحات الخبراء التي تفيد بندرة العثور على ناجين تحت الأنقاض بعد مرور 5 إلى 7 أيام من الزلازل، لا تزال فرق البحث والإنقاذ تصنع المعجزات المفرحة من وقت إلى آخر بعثورها على ناجين تحت الأنقاض في المناطق المنكوبة.

A post shared by TRT عربي (@trtarabi)

ظهور الشقيقين ينينار بعد 200 ساعة

يوم الثلاثاء، انتشل عمال الإنقاذ الأخوين محمد أنيس ينينار (17 عاماً) وشقيقه عبد الباقي (21 عاماً) من تحت أنقاض منزلهم في قهرمان مرعش بعد مضي ما يقرب من 200 ساعة، وهي واحدة من عمليات إنقاذ معقدة عديدة وُصفت بأنها معجزات، جرت على مدار أكثر من 11 يوماً.

وخلال هذه الساعات الطويلة، ظل الأخوان على قيد الحياة بتناول مكمِّلات البروتين، والتقاط جرعات من الهواء. فيما بشر عمال الإنقاذ الأخوين ينينار بأنهم انتشلوا والدتهما أيضاً قبل يومين، وأنها تتلقى العلاج من إصابة بساقها في مستشفى بمدينة قيصري.

وفي المدينة نفسها، حفرت فرق الإنقاذ نفقاً بطول خمسة أمتار عبر أطنان من الجدران والأرضيات والأنابيب المتساقطة للوصول إلى امرأة، في عملية إنقاذ جرى بثها على الهواء مباشرة.

رقم قياسي: بعد 260 ساعة

وبينما لا تزال عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض متواصلة، تمكنت فرق الإغاثة مساء الخميس من إنقاذ طفل من تحت أنقاض منزله بعد مضي 260 ساعة على وقوع الزلزال.

وحسب وكالة الأناضول، تَمكَّن فريق الإنقاذ من إخراج الطفل عثمان حلبية (12 عاماً) في حي أكينجي بولاية هاطاي من تحت ركام منزله. ونقلت الطواقم الطبية في المنطقة الطفل إلى المستشفى لتلقّي العلاج.​​​​​​​​​​​​​​

انتشلوها حية بعد أن جهزوا لها قبراً

في لحظات مفعمة بالأمل، تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال سيدة تركية على قيد الحياة من تحت أنقاض مبنى دمرته الزلازل في مدينة قهرمان مرعش بعد مضي 257 ساعة.

وقال أقارب المرأة المدعوة نسليهان كيليتش (42 عاماً) إنهم فقدوا الأمل في رؤيتها حية مرة أخرى وحثوا رجال الإنقاذ على التخلي عن مهمتهم بسبب مخاوف من تعرض الجثث المتبقية للتلف، إلا أن نسليهان فاجأت الجميع بعد أن سُمع صوتها من تحت أنقاض المبنى المدمر الذي كانت تقطن فيه.

من جانبه، قال صهر المرأة لقناة سي إن إن تورك "لقد جهزنا قبرها وطلبنا من عمال الإنقاذ التوقف عن الحفر خوفاً من دهس الجثث المتبقية تحت الأنقاض".

ثلاجة وخزانة أبقته على قيد الحياة

بعد أن جرى إنقاذه، روى حسين بربر (62 عاماً) كيف بقي على قيد الحياة لأكثر من أسبوع تحت أنقاض منزله.

ونجا بربر من الزلزال بفضل الحماية التي وفرتها له ثلاجة وخزانة بعد أن عملتا كداعمتين حمتاه من السقف والجدران التي سقطت في مكان وجوده، حيث بقي له كرسي يجلس فيه وبساط يبقيه دافئاً. وكان لدى الرجل زجاجة ماء واحدة عندما نفد ماؤها شرب بوله.

وتابع بربر المريض بالسكري قائلاً: "صرخت، صرخت وصرخت.. لم يسمعني أحد. صرخت كثيراً لدرجة أن حلقي آلمني"، وذكر أنه وجد دواء السكري الخاص به وزجاجة ماء على الأرض. وأوضح أنه عندما نفذ منه الماء اضطر إلى شرب بوله.

لحظات انتصار مختلسة

في الأيام الأخيرة التي بدأ فيها اليأس من إنقاذ أشخاص أحياء، حرصت وسائل الإعلام التركية على بث ما توفر لها من لقطات لعمليات الإنقاذ التي اعتبرت بمثابة لحظات مختلسة من الانتصار بعد الزلزال الذي قال الرئيس أردوغان إنه جدير بأن يوصف بـ"كارثة القرن".

A post shared by TRT عربي (@trtarabi)

ففي ولاية قهرمان مرعش، تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال محرم بولات (32 عاماً) وزوجته هدية بولات من تحت الأنقاض بعد 203 ساعات من وقوع الزلزال. فيما نقلت شبكة TRT نجاح فريق عمال مناجم زنغولداق من العثور وإخراج أمينة أكجول (26 عاماً) بمدينة أنطاكيا. وجرى إنقاذ امرأة أخرى في مدينة أنطاكيا بمقاطعة هاطاي، بعد 204 ساعات من وقوع الزلزال.

A post shared by TRT عربي (@trtarabi)

وفي اليوم التاسع للزلازل، جرى انتشال ثلاث نساء وطفلين أحياء من وسط الأنقاض: مليكة إمام أوغلو (42 عاماً) وجميلة كيكيج (74 عاماً) في قهرمان مرعش، بالإضافة إلى أم وطفليها انتشلوا أحياء من تحت الأنقاض في أنطاكيا.

وفي مدينة أديامان، تمكن عمال الإنقاذ من رفع الأنقاض عن شاب يُدعى محمد جعفر شتين (18 عاماً)، ونقله إلى المستشفى. وقالت وكالة أنباء الأناضول الحكومية إن الفرق تمكنت مساء الثلاثاء 14 فبراير/شباط من إنقاذ رجل آخر يُدعى رمضان يوجل ويبلغ من العمر 45 عاماً.


TRT عربي