الرأي اليوم
اقتصاديات الحرب
صلاح جلال
* أُطلِقت تسمية أثرياء الحروب على كلّ من جنى ثروة بطريقة غير مشروعة أثناء الحروب عامة، على حساب حاجات الناس ومعيشتها وكراماتها، واستغلال ظروف غياب الدولة واحدة من أسباب استمرار الحروب التي يجب فهمها ومعرفة آلياتها لمكافحتها، ما هو اقتصاد الحرب؟؟
الحروب الأهلية تضعف سيادة الدولة على أراضيها، وتتآكل شرعيتها الوطنية، وتدخل مرحلة تحلل الدولة المتمثلة في عدم سيطرتها على الحدود، وعدم قدرتها على تطبيق القانون وتحقيق العدالة، في هذه البيئة يظهر نشاط غقتصادي يعرف باقتصاديات الحروب أو أثرياء الحروب.
* أثرياء الحروب يمارسون التهريب عبر الحدود في عمليات الصادر والوارد، دون جمارك، أوضح نموذج لذلك عربات البوكو حرام، هي عربات منهوبة من دول الجوار من خلال عصابات منظمة، لها علاقات بقيادات نافذة وسط المتمردين أو المليشيات الموالية للدولة في مناطق الحربWar zone، وكذلك التنقيب والتعدين الجائر في مناطق السيطرة والنفوذ، دون رخص وبلا خضوع لقانون الاستثمار، وتجارة الممنوعات من سلاح وخمور ومخدرات عبر الحدود المفتوحة.
اقتصاد الحرب يقدر بمليارات الدولارات ويشكل طبقة مستفيدة من واقع اللادولة هذه الطبقة تسمى أثرياء الحروب.
* أثرياء الحروب ليست لهم مصلحة في استتباب السلام، واستعادة الدولة لسيادتها على أراضيها، لذلك يتربصون بالعملية السلمية لإجهاضها، لأن السلام ضد مصالحهم، يستغلون تناقضات المجتمع المحلية، من قبلية وتعارض مصالح الأرض، أو نهب المواشي واتلاف زراعة المستقرين للإيقاع بين المزارعين والرعاة، وغيرها من أسباب التوتر التي نشاهدها في مجتمعات ما بعد الحرب.
* هناك قوة منظمة تمتلك قدرات مالية كبيرة وسلاح داخل المجتمع، ولها حواضن مجتمعية ليست لها مصلحة في السلام، تقاومه بكل الوسائل الممكنة للحفاظ على حالة الفوضى واللادولة، هذه المجموعات لن تنزل لرغبة السلام إلا مُجبرة، بواحدة من اثنين من الوسائل، فصل هذه المجموعات عن حواضنها الاجتماعية، وكشفها وتعريتهم بالإعلام، حتى لا تتعاطف معهم الحواضن المجتمعية، وإقناع هذه الحواضن بأهمية السلام، وضرورة العيش المشترك، وتوضيح المصالح والمكاسب التي تعود لهم من السلام الشامل، في شكل خدمات وازدهار تجارة وإيجاد وظائف غير الحرب وتوسيع سوق العمل والإنتاج المشروع.
* الوسيلة الثانية تأهيل القوة الصلبة مؤسسات الدولة من جيش وأمن وشرطة بالإضافة للمحاكم والنيابات، مرحلة بناء السلام ليست نزهة، أصعب من مرحلة الحرب، تحتاج لانفاق مالي لا يقل عن انفاق فترة الحرب، لإخضاع مافيا اقتصادات الحرب لردع هذه المجموعات ومنعها من إفساد عملية بناء السلام، من خلال برامج متكاملة وسط مجتمعات ما بعد الحرب، تشمل تحسين الخدمات وبرامج الإنعاش الاقتصادى والبرامج الإعلامية لتعبئة مجتمع السلام والإجراءات الأمنية المباشرة، من ردع كافٍ من القوات المسلحة والأمن والشرطة.
** ختامة
إذا لم تتمكن الدولة من فرض سيادتها ومن تفكيك بنية اقتصاد الحرب، ستجد نفسها عاجزة، في داومة التوتر والصراعات، أمام الشبكات المستفيدة من اقتصادات الحرب وستجد نفسها فاشلة في الحفاظ على السلام على الأرض ووسط البسطاء في معسكرات النزوح والأطراف الرخوة من البلاد، أثرياء الحروب والمستفيدين من اقتصاد الحرب عدو يقتضي الإنتباه له، لإكمال بناء السلام.
17 فبراير 2023م
