عزيزي القاريء تحدثت معك في المقال السابق عنبعض المفاهيم الروحية والطقسية والموسيقية المختبئة في عمق الجزء الأول من لحن “أوسبيرين” Wc perin، واليوم اريد أن اتحدث معك عن الجزء الثاني من نفس هذا اللحن العريق.

يبدأ هذا الجزء بالجملة:

من جيل إلى جيل … وإلى دهر الدهور.

apo jeneac ic jenean

من جيل إلى جيل يمكن فهم الكلمات هكذا: “أبو” من – “جيني اس” جيل – “يس” إلى – “جينى أن” جيل

جمل راكزة ثقيلة موسيقيًا لتعبر عن تعاقب الأجيال،وبالطبع ليس بها أية زخارف لحنية مثل الجزء الأول.

لكن الجملة: “إلى دهر الدهور “إى أوناس ” “اى اونون” آمين

ke pantac tovc ewnac twn ewnwn am3nومعناها وإلى دهر الدهور آمين.

هنا يتعمد المؤلف إن يكرر خلية موسيقية خمس مرات وكأنه يعبر عن تعاقب الأجيال، جيل وراء جيل، والدهوردهر وراء دهر.

الجزء الثالث من اللحن:

عبارة عن كلمة “آمين” وهي الكلمة التي ينتهي بها اللحن ليصدق على كل ماجاء فيه من معاني وجمل ومفاهيم. وآمين كلمة عبرية إتنقلت بنفس طريقة نطقها الى كل لغات العالم، والترجمة الحرفية لها هى “حقا” لتعطى معنى الموافقة والتصديق على كل مايقال منصيغ إيمانية أو عقائدية. وهناك من يقول إن أصلها فرعونى محور من “آمون”

و آمين منذ القدم هى مرد يستخدم بالأسلوب الريسبونسوريالى Responsorial Singing أى التجاوبى، بالضبط مثل ما حدث فى العهد القديم (تثنية 27 عدد 11)، عندما أوصى موسى الشعب أن يقف ستة أسباط على جبل جرزيم لبركة الشعب حينما يعبروا نهر الأردن الى الأرض التى تفيض لبنا وعسلا، وستة أسباط على جبل عيبال للعنة. وبعدها يصرخ اللاويين ويقولون:

ملعون الإنسان الذى يصنع تمثالا منحوتا …. ويجيب جميع الشعب آمين

ملعون من يستخف بأبيه وأمه . ويجيب جميع الشعب آمين

وهكذا يرددون آمين 12 مرة للتصديق على ما يوصى به الرب على لسان اللاويين. هذا فى العهد القديم.

كذلك بولس الرسول فى العهد الجديد أشار إلى كلمة آمين كتصديق على ما يرتل به، فيقول:

“… أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضا. وإلا فإن باركتَ بالروح فالذى يُشغِل مكان العامي كيف يقول آمين عند شكرك.

لأنه لا يعرف ماذا تقول. فإنك تشكر حسنا، ولكن الآخر لا يُبنَى” (1 كو 14 عدد 15)

و “أمين” هو المرد الذي كانت الحيوانات الأربعة تصدق به على ربوات ربوات وألوف ألوف الملائكة الذين كانوا يصرخون بصوت عظيم:

“مستحق هو الخروف المذبوح ان ياخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة”.

وكانت الحيوانات الأربعة تقول “آمين” (رؤ 5 عدد11)

كذلك آخر كلمة كتبت بالكتاب المقدس للتصديق على كل ما جاء فيه من كلام الله هى كلمة آمين. ومن هنا الكنيسة القبطية حريصة على إنها تختتم صلوات كثيرة وألحان كثيرة بالمرد آمين. تشبهاً بما يردده السمائيين حول العرش. وعادة ما يرددها كل الشعب فى الصلوات الليتورجية القبطية بألحان مختلفة منهاماهو طويل ومنها ماهو قصير. وبمقامات مختلفة وبأوزان مختلفة وأحيانا بناقوس ومثلث وأحيانا بدون.و كلمة آمين تقال بطرق مختلفة، مثل آمين التي تقال فى القداس الغريغورى تصديقًا على ما يقوله الكاهن:

“الذى بارك فى ذلك الزمان الآن أيضا بارك” ويصرخ كل الشعب: آمين

ويررد الشعب مرتان وفي المرة ثالثة يرد بلحن طويل : آمين. في الواقع إن كلمة آمين موضوع كبير ولم يعطه أحد الاهتمام اللائق به روحيا وبحثيا، وبالرجوع إلى كلمة آمين التى نختم بها لحن “أوسبيرين” ورغم انها كلمة واحدة من لحن كلماته تصل لنحو 16 كلمة،لكنها وحدها أخذت من اللحن أكثر من ثلث جمله الموسيقية، وكأن الكنيسة تعتبر إن التصديق بكلمة آمين له أهمية كبيرة مثل ما تم إستعراضه آنفاً.

عزيزى القارئ.. ياليتنا جميعا نتعلم كيف نصلى بالروح، وبالذهن حتى نفهم الكلمات والمعانى التي هيبين السطور ونفهم ما هي حكمة الكنيسة من كل ما يقال، حتى عندما نقول “أوسبيرين” نقولها بالروح وبالذهن فنعرف، إنه كما كان الله كائن منذ الأزل،هكذا يكون من جيل الى جيل، فمهما طالت سنوات عمرنا على الأرض فهى تبلى وتنتهى كبخار يظهر قليلا ثم يضمحل، أما إلهنا القادر على كل شئ ، فهو من جيل الى جيل سنوه لن تبلى فهو كائن الى دهر الدهور آمين.

رابط اللحن:

وإلى اللقاء فى مقال جديدة ولحن آخر من ألحان القداس الإلهي.