التعليم وتطور الحركة الطلابية «2»


التعليم وتطور الحركة الطلابية «2»

تاج السر عثمان بابو

الحركة الطلابية بعد الاستقلال الفترة: (1956- 1969):

1

بعد الاستقلال واجهت البلاد عدم استقرار واستمرارية التجربة الديمقراطية جراء الانقلابات العسكرية، ودخل السودان في الحلقة المفرغة: ديمقراطية – ديكتاتورية– ديمقراطية. إلخ، وتأثر جهاز الدولة بتلك الانقلابات، وفقدت الدولة أغلب كادرها المؤهل بسبب التشريد، وانهارت الخدمة المدنية، والتعثر في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية المنوط بها إحداث النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وتعزيز الديمقراطية والمؤسسات النيابية والدستورية، وقيام المجتمع الصناعي الزراعي المتطور، رغم إمكانيات البلاد في القطاعين الزراعي والحيواني والتصنيع الزراعي، وتصدير الذهب البترول والمعادن لإحداث نهضة وطنية ديمقراطية عميقة تنتشل البلاد من الظلمات إلى النور، وإلى آفاق التنمية والوحدة والسلام والتقدم الاجتماعي، وبعد الإنقاذ رفعت الدولة يدها عن خدمات أساسية مثل: التعليم والصحة الذين دخلا دائرة الاستثمار الخاص.

بالتالي واصلت الحركة الطلابية نضالها في هذه الظروف من أجل استكمال مهام الاستقلال، وتوفير مقومات التعليم التي اشرنا لها سابقاً.

2

واصلت الحركة الطلابية في هذه الفترة نضالها وارتباطها بنبض الشارع، فقد زاد عدد الجامعات والمدارس الثانوية، وقامت جامعة القاهرة فرع الخرطوم، والجامعة الإسلامية، إضافة لجامعة الخرطوم والمعهد الفني، وقام معهد المعلمين العالي الذي تحول لكلية التربية بجامعة الخرطوم عام 1975، وكلية التمريض العالي، والكلية المهنية، والحربية والبوليس، وضباط الصحة، ومعاهد تدريب المعلمين والمعلمات للمرحلة الوسطى، إضافة لمعاهد فنية مثل: مدرسة البوستة، التلغراف، الأرصاد.

في فترة الديمقراطية الأولى (1956- 1958) لعبت الحركة الطلابية دوراً مهماً في الحركة السياسية والاجتماعية والثقافية، على سبيل المثال لا الحصر:

– تضامن مع المزارعين في حادث عنبر جودة البشع الذي مات فيه اختناقا 380 مزارعاً في حبس غير إنساني بسبب مطالبهم العادلة في تحسين أوضاعهم.

– طالبت بالحكم الذاتي الإقليمي لجنوب السودان والحل السلمي.

– أسهم الطلاب في مناهضة الغزو الإسرائيلي البريطاني الفرنسي لمصر في أكتوبر 1956، وأضربوا عن الدراسة، وجمعوا المال وتطوعوا للنضال.

– تظاهر الطلاب في الشوارع تضامناً مع شعب الجزائر.

– تصدى الطلاب لمشروع ايزنهاور الاستعماري الذي جاء لملء الفراغ بالتدخل العسكري في الشرق الأوسط.

– قاوم الطلاب المعونة الأمريكية المشروطة بالتدخل في الشؤون الداخلية وفقدان السيادة الوطنية.

– تظاهر طلاب جامعة الخرطوم والقاهرة الفرع وطلاب المعهد الفني في منتصف شهر أكتوبر 1958 احتجاجاً على سياسة الحكومة تجاه العمال، وطالبوا بالاعتراف الفوري باتحاد العمال، ومنح زعماء كينيا حقوق اللاجئين السياسيين، ونددوا بالمعونة الأمريكية، وطالبوا بسياسة اقتصادية رشيدة، والإتيان بدستور ديمقراطي، كما جاء في خطاب رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم.

إضافة للنشاط الطلابي السياسي، كان لهم نشاط في المجتمع مثل:

– حملات محو الأمية في الأقاليم.

– ساهم الطلاب بالضغط لادخال تاريخ السودان وإقامة كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية وسودنة الإدارة، وتأهيل الأساتذة السودانيين ليحلوا محل الأساتذة الأجانب في جامعة الخرطوم.

– دعا الطلاب للتعريب التدريجي.

– كان الاتحاد يشمل كل الطلاب، ومارس الديمقراطية بحق من أجل دعم وحدته، بعد أن تمّ ادخال دستور التمثيل النسبي عام 1957 لتمثيل كل الاتجاهات الطلابية حسب وزنها الانتخابي.

– لم ينحز اتحاد طلاب جامعة الخرطوم خارجياً، فشارك في مؤتمر الاتحاد العالمي للطلاب، ومؤتمر الطلاب العالمي، وكان دائماً مدافعاً عن قضايا الحرية والاستقلال في كل مكان.

إضافة للنشاط السياسي كان الطلاب مبرزين في جميع الميادين: الأكاديميات والرياضة والأدب والفن، وكانت لهم صحف الحائط وندوات، وجمعيات أكاديمية وللثقافة والمسرح، وروابط للكليات والإقليمية المرتبطة بمشاكل مناطقها، ونشاط عملي مكتوب وناطق.

3

مقاومة انقلاب 17 نوفمبر (1958- 1964)

قاوم الطلاب الانقلاب العسكري، وتحققت وحدة طلابية أجمعت على الإطاحة بالحكم العسكري وعودة الديمقراطية، على سيل المثال من أشكال المقاومة:

– رفع اتحاد طلاب جامعة الخرطوم مذكرة في 10/ 9/ 1959، طالبت بقيام حكومة مدنية، ودستور دائم، وقانون انتخابات لقيام برلمان جديد، وإطلاق الحريات الديمقراطية (أنظر نص المذكرة في كتاب ثورة شعب، إصدار الحزب الشيوعي، ص 173- 175).

– كما أضرب طلاب المعهد الفني واقتحم البوليس دارهم.

– وتضامن الطلاب مع النوبيين ضد تهجيرهم وإغراق حلفا.

– رفض الطلاب مصادرة الحريات في الجامعات، وقاوموا القانون رقم (9) الذي يحرم الطلاب من المشاركة في المسائل القومية، ورفضوا تعديل قانون جامعة الخرطوم الذي قضى على استقلالها لتصبح تابعة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

– تضامن اتحاد طلاب جامعة الخرطوم مع شعب الجزائر في مظاهرة أكتوبر 1961 بمناسبة الذكرى الثانية لثورة الجزائر.

– قاوم الطلاب بعد اشتداد المقاومة ضم جامعة الخرطوم لوزارة المعارف وسلب استقلالها.

تواصلت مظاهرات ومذكرات الطلاب وقدموا التضحيات من: فصل وتشريد ضد الحكم الديكتاتوري حتى جاءت ندوة 21 أكتوبر 1964 في جامعة الخرطوم التي دقت آخر مسمار في نعش الديكتاتورية العسكرية، واستشهد فيها أحمد القرشي عضو رابطة الطلبة الشيوعيين مع آخرين.

– بعدها انفجرت الثورة، وكان ميثاق أكتوبر الذي كفل استقلال الجامعة وحرية الفكر والبحث العلمي، وألغي قانون الجامعة لسنة 1960، وأُعيد العمل بقانون 1956 الذي ينتخب فيه مجلس الجامعة المدير.

وفي أوائل الستينيات من القرن الماضي بدأت تظهر تنظيمات جديدة وسط الطلاب تدعو للاشتراكية والوحدة العربية مثل: الاشتراكيين العرب، الاشتراكيين الديمقراطيين والأحرار والجبهة الاشتراكية، وتعددت المذاهب إضافة للتنظيمات الدينية مثل: الجمهوريين التابعين للأستاذ محمود محمد طه الذي أسس الحزب الجمهوري عام 1945. أي تعددت المذاهب والتنظيمات إضافة لتنظيمي الجبهة الديمقراطية والاتجاه الإسلامي، وظهر الفكر الوجودي في الجامعات والمعاهد العليا.

4

فترة الديمقراطية الثانية (1964- 1969)

قاومت الحركة الطلابية في هذه الفترة الديكتاتورية المدنية ومصادرة الديمقراطية بعد ثورة أكتوبر بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، وشاركت في جبهة الدفاع عن الديمقراطية، وتصدت لهجوم الإخوان المسلمين على معرض الفنون الشعبية الذي أقامته جمعية الثقافة الوطنية والفكر التقدمي بجامعة الخرطوم عام 1968، رغم إرهاب الإخوان المسلمين استمر النشاط الثقافي والمسرح الجامعي، في إثراء الحياة الطلابية، كما رفضت الحركة الطلابية مع القوى الديمقراطية محكمة الردة للأستاذ محمود محمد طه التي كان وراءها السلفيون والإخوان المسلمون، ومخطط الدستور الإسلامي المزيف والجمهورية الرئاسية بهدف مصادرة الحريات وإقامة الديكتاتورية المدنية، مما أدى للتوتر وتصعيد حرب الجنوب، وانقلاب 25 مايو 1969.

نواصل…

alsirbabo@yahoo.co.uk

التعليم وتطور الحركة الطلابية «1»

تاريخ الخبر: 2023-02-20 03:26:49
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

بعائد يصل لـ28.25%.. تفاصيل أعلى 5 شهادات متغيرة في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:20:56
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 17-5-2024 في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:20:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١٧)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:21:27
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية