دلالات زيارة بايدن لكييف... عندما تتحرّك أميركا يتغيّر العالم


إذا قرأنا التاريخ الأميركي الحديث لاستنتجنا ما يلي: عندما تتحرّك أميركا يتغيّر العالم. ويعود سبب هذا الأمر إلى الثقل الأميركي في كلّ الأبعاد، خصوصاً الاقتصادي والعسكريّ. بالإضافة إلى الانتشار الأميركي المُمأسس حول العالم عبر قواعد عسكريّة يتجاوز عددها 750 قاعدة ووجوداً. في الحرب العالمية الأولى تدخّلت أميركا فغيّرت أوروبا بعد مؤتمر فرساي، وأُسست عصبة الأمم. في الحرب العالمية الثانية تدخّلت بعد بيرل هاربور، وأنهت الحرب عبر النووي ضدّ اليابان، وإنزال النورماندي في أوروبا. وأسّست بعدها لنظام عالميّ، ولمؤسّسات دوليّة أهمّها الأمم المتحدة، بالإضافة إلى المؤسسات التي نتجت عن اتفاقيّة «بريتون وودز». بعد 11 سبتمبر 2001، أعلن الرئيس بوش الابن الحرب على الإرهاب. مع العلم أن الإرهاب هو تكتيك وليس عدواً، فكيف تُعلن الحرب على تكتيك؟ وبذلك، غيّرت أميركا العالم خصوصاً منطقة الشرق الأوسط.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1627634759357825029?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1627634759357825029%7Ctwgr%5Ead56da5f3561dac9c9adec82eaefcde0cb577219%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Faawsat.prod.acquia-sites.com%2Fhome%2Farticle%2F4169176%2FD8A8D8A7D98AD8AFD986-D981D98A-D983D98AD98AD981-D8ADD8B1D8A8-D8A8D988D8AAD98AD986-D8AAD981D8B4D984

في 24 فبراير (شباط) 2022 غزا الرئيس بوتين أوكرانيا، فتدخّلت أميركا، لجمع الحلفاء ومنع بوتين من السيطرة على أوكرانيا، وبالتالي تهديد دول الناتو في أوروبا. فهل يُستنتج من هذا السلوك الأميركي نمط معيّن، أو مُسلّمات جيوسياسيّة أميركيّة؟ بالطبع نعم، فما هي؟

تطلّ أميركا على محيطين أساسيّين هما الأطلسي والهادئ (2 - Ocean Country). وهي تؤثّر في الشرق الآسيوي، كما الغرب الأطلسي. وإذا كانت تؤثّر فيهما، فهي تتأثر بهما أيضاً. من هنا القول إن أميركا تهدف دائماً إلى منع قيام قوّة واحدة مهيمنة على الشرق، كما على الغرب. تدخّلت لضرب اليابان، كما تدخّلت لهزيمة هتلر.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1627625659978719232?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1627625659978719232%7Ctwgr%5Ead56da5f3561dac9c9adec82eaefcde0cb577219%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Faawsat.prod.acquia-sites.com%2Fhome%2Farticle%2F4169176%2FD8A8D8A7D98AD8AFD986-D981D98A-D983D98AD98AD981-D8ADD8B1D8A8-D8A8D988D8AAD98AD986-D8AAD981D8B4D984

وها هي اليوم تتدخّل في الغرب لمنع بوتين من النصر، وليس لهزيمته. تريد إضعاف روسيا واستنزافها، لكن دون إذلالها. تريد أميركا تطبيق المعادلة التالية: «ستربح أوكرانيا إذا لم تخسر، وسيكون بوتين خاسراً إذا لم يربح». أما في الشرق الآسيويّ، فأميركا أيضاً تُعدّ العدّة للصراع مع القوة التي تريد الهيمنة على آسيا - الصين.

لا ضرورة للحديث عن استمرار تدفّق السلاح الغربي إلى أوكرانيا، أو عن عدمه. فالمسألة أصبحت شخصيّة بين الرئيسين بايدن وبوتين. فالزيارة بحدّ ذاتها، تعد المفتاح السحري لباب الترسانة العسكريّة الغربيّة أمام أوكرانيا.

أن يُصرّح بايدن من البيت الأبيض باستمرار تدفّق المساعدات العسكريّة لأوكرانيا، هو شيء عادي وطبيعي في ظلّ الظروف الحاليّة. لكن أن يكون التصريح من كييف هو شيء مختلف. فكييف لا تبعد عن موسكو أكثر من 850 كلم. أما واشنطن، فتبعد عن موسكو نحو 7800 كلم. فهل أراد بايدن أن يهمس مباشرةً بأُذن بوتين؟ وهل هذه الزيارة هي ردّ على زيارة زيلينسكي لواشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي؟
https://twitter.com/KyivIndependent/status/1627610722111787009?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1627610722111787009%7Ctwgr%5Ead56da5f3561dac9c9adec82eaefcde0cb577219%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Faawsat.prod.acquia-sites.com%2Fhome%2Farticle%2F4169176%2FD8A8D8A7D98AD8AFD986-D981D98A-D983D98AD98AD981-D8ADD8B1D8A8-D8A8D988D8AAD98AD986-D8AAD981D8B4D984

أن يعلن وزير الدفاع الأميركي من ألمانيا استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا هو شيء، وأن يعلنه بايدن من كييف هو شيء آخر ومختلف.

أن يزور بايدن العاصمة كييف في هذا التوقيت، إنما يدلّ على الأمور التالية:

• تلازم توقيت الزيارة مع التحضيرات من كلّ الأفرقاء للمعركة الفاصلة، إنما يعني أن الهزيمة لأوكرانيا ممنوعة، لأنها ستكون هزيمة مباشرة لبايدن الذي حسبما يُقال يحضّر لترشيح نفسه لفترة جديدة.

• قد تعكس هذه الزيارة حجم التوافق الأميركي الداخلي في الكونغرس في ما خصّ الحرب الأوكرانيّة. ألم يُصرّح مؤخراً زعيم الأقليّة الجمهوريّة في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل بدعم الأغلبيّة في حزبه لأوكرانيا ضد روسيا؟ مع العلم أن قرار صرف المال للإدارة الأميركيّة بشكل عام هو عادة بيد الكونغرس.

• وإذا كان الأمر كذلك، فهل هي رسالة ردعيّة لبوتين، مفادها أن كلّ أميركا تقف وراء أوكرانيا؟


• وإذا كانت الزيارة هي الرسالة المباشرة لبوتين، فكيف يمكن ضرب مشروعه في أوكرانيا؟ وهل يمكن لبوتين التراجع حاليّاً؟ بالطبع كلّا، فلا مكان للضعفاء في الكرملين.

• يأخذنا هذا الأمر إلى تسريع عمليّة تسليم العتاد الموعود لأوكرانيا. إلى تسريع عمليّة التدريب على هذا السلاح، ومن ضمنها التدريب على القتال المشترك للأسلحة (Combined).

• تعني هذه الزيارة أن الإدارة الأميركيّة قد تعيد التفكير في رفع الحظر عن تسليم أوكرانيا بعض الأسلحة التي عدّتها واشنطن من ضمن الخطوط الحمر؟ فهل سنرى صواريخ بعيدة المدى قريباً؟ وهل سنشهد تسليم أوكرانيا طائرات غربيّة مقاتلة؟

• لكنّ التحليل وكي يكون شاملاً وكاملاً، لا بد من أن يطرح السؤال التالي: هل أتى بايدن فقط من أجل المعركة المقبلة، أم من أجل التنسيق مع الرئيس الأوكراني حول المرحلة المقبلة، سواء كانت عسكريّة أم دبلوماسيّة؟ إذ لا بد أن تكون لبايدن خريطة طريق سياسيّة تربط نتائج أرض المعركة بالهدف السياسي لإدارته.

• أخيراً وليس آخراً، سيجتمع بايدن بقيادات دول أوروبا الشرقيّة. فهل انتقل مركز الثقل الأوروبي من الغرب إلى الشرق بسبب الحرب الأوكرانيّة؟


تاريخ الخبر: 2023-02-20 18:27:29
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 94%
الأهمية: 99%

آخر الأخبار حول العالم

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:54
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:55
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:47
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:26:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية