«لن تنتهي بمواقف رمادية».. أبرز سيناريوهات الحرب الروسية الأوكرانية خلال الفترة المقبلة

مع قرب دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني أصبح عدم اليقين بشأن مسارها أكبر من أي وقت مضى فخلال الأشهر الستة الأولى، كانت لدى روسيا المبادرة، وكانت الأسئلة الرئيسية هي متى وأين وما هو النجاح الذي ستحققه وعلى مدى الأشهر الخمسة التالية، حصلت أوكرانيا على المبادرة نتيجة للدعم العسكري الغربي والأمريكي لها والآن بات من الصعب معرفة ما سيأتي بعد ذلك ومن يمتلك الأفضلية، فقد يكون كلا الجانبين يستعدان لهجمات جديدة، ويتعاملان مع مزيج من الخسائر في ساحة المعركة خاصة مع تنامي قُدرات الطرفين مما يجعل من الصعوبة التمييز بين نقاط قوتهما النسبية. 

في السياق ذاته، كان للحرب تأثيرات كبيرة على العالم وخاصة دول الشرق الأوسط. ونسعى في السطور التالية للتطرق لماَلات تلك الحرب على منطقة الشرق الأوسط، مع سرد عدد من السيناريوهات لما قد تؤول إليه تطورات تلك الأزمة في المستقبل.

باحث سياسي: أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى زيادة حادة في أسعار الطاقة 

وقال أحمد السيد الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى زيادة حادة في أسعار الطاقة والقمح العالمية؛ حيث تمثل صادرات القمح من البلدين (روسيا وأوكرانيا) ما يقرب من 29% من العرض العالمي.

وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن أوكرانيا تُصدر 95% من حبوبها عبر البحر الأسود، وقد ذهب أكثر من 50٪ من صادراتها من القمح إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020، هذا وقد عمقت الزيادات الإضافية في الأسعار إلى تعميق الأزمات الإنسانية في عدد لا بأس به من دول المنطقة.

وأكد أنه مع قرب مرور عام على الحرب باتت العديد من دول الشرق الأوسط تكافح من الناحية الاقتصادية، بينما بات بعضها أكثر ضعفًا وعرضة للضغوطات الخارجية. 

وأوضح السيد أن التوترات المتصاعدة بين أوروبا وروسيا بشأن أوكرانيا أدت إلى تعقيد موقف أوروبا في الأزمات، في سوريا وليبيا على سبيل المثال، حيث ترك التدخل الروسي الأوروبيين بالفعل في موقف ضعيف، ونتيجة التوترات الغربية المتزايدة مع موسكو سيقود ذلك لتقليل احتمالية تكاتف الغرب وروسيا لتوفير حلول سياسية لأزمات المنطقة. 

وحول مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، قال السيد: “لعبت روسيا دورًا مهما في المحادثات الأخيرة، حيث عملت عن كثب مع الجهات الغربية لإعادة إيران إلى الامتثال للاتفاق. لكن الأزمة في أوكرانيا دفعت موسكو نحو نهج أكثر إرباكًا لتخفيف الضغط على طهران، وربما تشعر إيران أن التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وروسيا مع ارتفاع أسعار النفط تمنحها فرصة لالتقاط الأنفاس وتزيد من نفوذها في المفاوضات”.

ولفت السيد إلى أن الصراع الروسي مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بشأن أوكرانيا، قاد لأخذ الأنظار بعيدًا عن القضايا الحاسمة، مثل: الحد من التسلح، والأمن السيبراني، ومنع انتشار الأسلحة النووية، وأمن الطاقة، ومكافحة الإرهاب، وأزمة المناخ. 

وتابع: "لكن على كل حال، فإن الحرب الروسية الأوكرانية ورغم تداعياتها السلبية من الناحية الاقتصادية على الشرق الأوسط، إلى أنها أثبتت خطأ ما قيل عن تراجع أهمية الشرق الأوسط، فثمة مؤشرات على تنافس أمريكي-روسي حاد على جذب دولة واختفاء لهجة التعالي تجاهها، واتضح ذلك من زيارات كِبار المسؤولين الروس والأمريكان لدول المنطقة".

3 سيناريوهات للحرب الروسية الأوكرانية

وحول سيناريوهات الحرب، وهل نشهد تسوية ودخول دول جديدة في دائرة الحرب، قال السيد إنه على الرغم من استبعاد تصور سيناريو واضح لما قد تؤول إليه نتائج تلك الحرب، نتيجة تعنت كافة أطرافها ورفض أيًا منهم الدعوة لمفاوضات سلام، قبل حسم الحرب لصالحه؛ لكن هناك عدد من السيناريوهات، ومنها سيناريو التسوية نتيجة الاستنزاف الحاد الذي تتعرض لها جميع الأطراف سواء روسيا وأوكرانيا اقتصاديًا وعسكريًا وبشريًا، أو دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية الداعمين لكييف، خاصة في مجال الطاقة والتضخم وارتفاع الأسعار؛ فقد تكون هناك مؤشرات على التوصل لتسوية سياسية تُجنب الجميع التداعيات الكارثية للأزمة، وقد تدفع واشنطن والغرب باتجاه هذا السيناريو لأن دافعي الضرائب الأوروبيين والأمريكيين ونتيجة زيادة وطأة الأعباء الاقتصادية سيسألون حكوماتهم عن جدوى تلك الحرب، وهذا السيناريو قد يتخلله تنازل "أوكرانيا" ومن ورائها الغرب عن بعض الأراضي التي استطاعت "روسيا" التمسك والسيطرة عليها مثل "جزيرة القرم" وبعض المناطق في "الشرق الأوكراني"، وحال تحقيق هذا السيناريو سيُعد انتصارًا سياسيًا لروسيا. 

وأوضح السيد أن هناك سيناريو التصعيد، تُصر روسيا على انتصارها في تلك الحرب التي تعتبرها بمثابة حرب وجود ضد الغرب وليس أوكرانيا فقط، فلن تسمح موسكو بانضمام كييف لحلف الناتو، أو أن تكون مدافع الناتو موجهة صوب أراضيها، وفي هذا السياق يواصل الرئيس "بوتين" وإدارته الانخراط في الحرب ووضع كافة الإمكانات اللازمة في خِدمة الحرب حتى يتأتى لها الانتصار، في المقابل يقوم الغرب والولايات المتحدة بتسليح كييف وإرسال مليارات الدولارات من المساعدات حتى تستمر كييف في مواجهة روسيا وهزيمتها الدعم الغربي والامريكي لكييف والاستمرار في تغليظ العقوبات على روسيا، قد يدفع الأخيرة لاستخدام السلاح النووي، وإن كان بدرجة معقولة خاصة إذا ما تمكنت كييف من شل تحركات الجيش الروسي أو استعادة المناطق التي تم الاستيلاء عليها من قِبل الروس، وما يُدلل على ذلك هو تصريح الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحلي "دميتري مدفيديف" عندما قال أن هزيمة أي قوة نووية في حرب تقليدية يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب نووية، ولم تخسر القوى النووية صراعات كبرى يتوقف عليها مصيرها. 

وأضاف السيد أن هناك سيناريو إطالة اَمد الازمة، يبدو أن هذا السيناريو هو الأقرب للتحقق، فبعد موافقة البيت الأبيض على إرسال دبابات "أبرامز" أمريكية الصنع إلى أوكرانيا، وموافقة ألمانيا والدول الغربية على إرسال دبابات "ليوبارد" لكييف سيعزز ذلك من قدرة أوكرانيا على الدفاع عن أراضيها، في المقابل فإن روسيا قد بدأت الحرب ولا تمتلك رفاهية التردد أو التنازل أو التراجع، فروسيا حاليًا تخوض حرب وجودية من داخل أوكرانيا، وإذا ما تراجعت روسيا ستنتقل الحرب للداخل الروسي وهذا لن تسمح به موسكو، ورغم معاناة روسيا من إطالة الحرب، إلا أن معاناة أوروبا أكبر، فالأولى التي بدأت الحرب بالتأكيد قد أعدت سيناريوهات حرب طويلة وممتدة، أما أوروبا فلا يبدو أنها توقعت هذه الحرب ولا ضراوتها. 

واختتم السيد تصريحاته قائلا: "في الأخير، فالحرب الروسية الأوكرانية لن تنتهي بمواقف رمادية، بل هي حرب ستنتهي باستنزاف أحد الطرفين وقدرة الطرف الأخر على حسم المعركة لصالحه؛ وذلك إما بحسم عسكري، أو بإعلان أحد الطرفين أنه مُستعد للجلوس على طاولة المفاوضات  تحت وطأة الأعباء الاقتصادية، لكن جميع المؤشرات تٌبرهن على احتمالية إطالة اَّمد الحرب".

تاريخ الخبر: 2023-02-23 00:22:17
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٢)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

تراجع جديد في أسعار الحديد اليوم الخميس 2-5-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية