«التغيير» تقتحم عوالم «مخدر الآيس».. واقع صادم عن حياة المدمنين وعسكريون خلف تجارة الموت «2-2»


«الآيس»، مخدر تلاحق إسمه قصص مرعبة وحقائق صادمة، فرض نفسه على واقع السودانيين المتردي أصلاً بفعل التقلبات السياسية والتدهور الاقتصادي والانقلاب العسكري.. «التغيير» فتحت الملف مع مختصين وقانونيين ومتعافي من الإدمان نجا منه بخسائر مادية ضخمة، اطلعنا من خلال كل ذلك على قصص مثيرة ومعلومات صادمة.

التغيير: الخرطوم: أمل محمد الحسن

«ما يحدث في إدارة المكافحة لا يمكن أن يكون طبيعياً»، هذا ما قاله أحد العاملين في المكافحة لـ«التغيير»، كاشفاً عن عمليات نقل وإحالات لأكثر العناصر كفاءة في إدارة المخدرات.

«فور عودة “حسن” – وهو اسم مستعار نستخدمه في هذا التحقيق – من مشاركته في ورشة خارجية نال فيها المركز الأول تم نقله فوراً من إدارة المكافحة إلى الشرطة الأمنية، الأمر الذي أثار الشكوك والتساؤلات حول الأسباب التي تجعل شرطة المخدرات تتخلص من أبرز عناصرها وأكثرهم كفاءة».

محلول يحوي مخدر الآيس

مؤامرات داخلية

وكان «حسن» ضابط صف قضى قرابة العقدين من الزمان داخل المكافحة، وتم تكريمه سابقاً من مدير الإدارة، ومدير عام الشرطة، وفي قرارات مفاجئة تم نقله هو وزملائه إلى إدارات الشرطة المختلفة دون أن يتم إحلال عناصر بديلة.

بشك كبير تحدث أحد المنتمين للإدارة عن قرارات مريبة تؤثر في عمل المكافحة وتقلل من فاعليته

«نقلوا معظم ضباط الصف الذين يعملون بالميدان، وهو أمر غريب لأن التنقلات التي تحدث بصورة روتينية عادة ما تكون للضباط وليس للأفراد والمساعدين» – بشك كبير تحدث أحد المنتمين للإدارة عن قرارات مريبة تؤثر في عمل المكافحة وتقلل من فاعليته وكأن هناك أيدٍ خفية تعبث بالإدارة.

وحول حادثة مقتل عنصر المكافحة من قبل تجار المخدرات، قال المصدر الذي فضل حجب اسمه، إنه عندما تم إلقاء القبض عليه وتوجيه تهمة القتل، لم تقم إدارة المكافحة بتعيين محامٍ له، بل قامت بنقله من الإدارة وهو داخل السجن «نقلوه وهو محكوم بالإعدام».

وقال المصدر بمرارة كبيرة، إن زملائه هم من سعوا في تعيين محامٍ له وطلب العفو والتنازل من أسرته حيث قامت زوجته بالتنازل عن الحق الخاص، مشيراً إلى أن أموال الدية التي كانوا سيدفعونها سيتم جمعها من الزملاء فيما لم تبدِ الإدارة أدنى رغبة في دعم المتهم الذي ينتمي لإدارتها، وتحول الآن إلى مقتول.

وعلق المصدر: «لو كان يدير هذه الإدارة فرد ينتمي لتجار المخدرات لن يتمكن من إضعافها كما يحدث الآن»، متسائلاً عن المستفيد من هذا الضعف؟

من جهة ثانية قال المصدر إن معظم محاكم المخدرات تنتهي بالغرامة المالية، ملمحا إلى أنها تحولت لأحد مصادر الدخل الحكومية، وأضاف: “المال لا يعني شيئا بالنسبة للتجار”.

مخدر الآيس

حملة البرهان

في أواخر العام 2022 طالب رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان بتنفيذ حملة مشتركة لمحاربة تجارة المخدرات في البلاد، كان لها تأثير كبير في تمكن الضباط من مهاجمة معاقل التجار الكبرى- وفق أحد الضباط الميدانيين.

الحملة المشتركة لمحاربة تجارة المخدرات، كان لها تأثير كبير في تمكن الضباط من مهاجمة معاقل التجار الكبرى

«في السابق كان يتفلت منا بعض المنتمين للأجهزة النظامية أو الحركات المسلحة، لكن مع الحملة المشتركة كلما وجدنا فرداً ينتمي لجهة نظامية أو مسلحة نقوم بتسليمه لهم فوراً».

في كل يوم يتسلم ضابط برتبة رفيعة مهمة متابعة الحملة المشتركة، وتخرج مجموعات من الوحدات تجوب نقاط البيع الرئيسة أو الأماكن التي ترد معلومات بخصوصها من مصادر معينة.

و«المصدر» بالنسبة لإدارة المكافحة هم مواطنون عاديون يبلغون عن أنشطة مريبة في أحيائهم أو المباني السكنية التي تكون بها مجموعة من الشقق، وهم من أهم مصادر المعلومات التي تخبر عن المروجين.

ويتحول «المصدر» أحياناً إلى متعامل دائم مع إدارة المكافحة وقد يحصل منهم على مبالغ مالية أيضاً.

مخدر الآيس

الظروف السياسية

إدارة المكافحة تعرضت إلى تقليص كبير في منسوبيها الذين تستعين بهم إدارة الشرطة لمجابهة الحراك الثوري الذي لم يتوقف منذ انقلاب العسكر في 25 اكتوبر 2021 ويستمر حتى الآن.

هذا التقليص الكبير تسبب في منح متنفس لتجارة المخدرات، حيث تمت ازالة الخيم الدائمة التي تنصبها شرطة المكافحة في أكبر النقاط المشهورة للبيع مثل شارع النيل وتحت كبري السلاح الطبي بسبب عدم وجود أفراد يعملون فيها.

تمت ازالة الخيم الدائمة التي تنصبها شرطة المكافحة في أكبر النقاط المشهورة للبيع

في زيارة لـ«التغيير» وجدت مجموعة من العساكر يقفون في مواجهة الحائط، وعند الاستفسار عن الأمر اتضح أنهم الأفراد الذين يتغيبون ويتأخرون مما يعرضهم للعقاب والتوقف «إدارة» في مجابهة الحوائط أو تحت الشمس، الأمر الذي يكشف عن تململ كبير داخل القوات التي يقع عليها عبء الكثير من العمل مع مرتبات قليلة.

الشرطة السودانية

شائعات و«تهويل»

«الحديث المنتشر حول أن “الآيس” يقتل ويحدث الإدمان من أول جرعة مبالغ فيه»، هذا ما أكده نائب رئيس اللجنة الأمنية بالولاية الشمالية، واستدرك قائلا إن التوعية والإعلام أمر لا ضير منه.

ويشعر الكثير من الأهل خاصة من المقيمين في الخارج ويأتي أبناؤهم للدراسة في السودان، بالقلق الشديد من قصص انتشار المخدرات بشكل عام و«الشيطان» على وجه التحديد.

مختص في علاج الإدمان يحذر: كل ما يمنحك إياه المخدر ينتزعه منك

وعلى الرغم من أن بعض المدمنين يقولون إنهم جربوه لمرة واحدة ولم يستمروا فيه- وفق استشاري الطب النفسي، إلا أنه من النادر جداً أن يبدأ شخص في تعاطي المخدر ويتركه.

المخدر يعطي نشوة عالية جداً لارتباطه بهرمون «الدوبامين»، ويرتبط لدى المتعاطين بمنحه للنشاط الزائد والطاقة الجنسية العالية، ولكن المختص في علاج الإدمان محمد أحمد الشيخ يحذر بشدة من أن كل ما يمنحك إياه المخدر ينتزعه منك.

«على الرغم من أنه يزيد من الطاقة الجنسية في بداية التعاطي إلا أنه يتسبب في العجز الجنسي آخر الأمر».

تصبح الجرعة غير كافية، يريد المتعاطي في كل مرة الوصول إلى ذات الشعور الأول، ويقوم بزيادة الجرعات في كل مرة حتى يصعب عليه التوقف.

العلاج من هذا المخدر الخطير يحتاج لعزيمة كبيرة من المدمن، إن لم تتوفر لا يتم علاجه مطلقا، هذا ما قاله الطبيب المختص، وأكدت حالة المدمن “مجدي” – اسم مستعار نستخدمه في هذا التحقيق – الذي انتكس بالعودة للمخدر مرات عديدة، قبل أن يعبر عن سعادته الكبيرة في حديثه لـ “التغيير” عن خلو جسده في آخر فحص من المخدر، وعلى الرغم من ذلك هو مازال ملازما للفراش الأبيض.

مستشفى أمراض نفسية بمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان

واقع مخيف

واقع المستشفيات، على الرغم من تكاليف العلاج الباهظة، يؤكد حقيقة استمرار انتشار المخدر بصورة كبيرة.

إحدى المستشفيات التي زارتها “التغيير” في منطقة شرق النيل وكان بها ما لا يتجاوز 8 مرضى، الآن بها أكثر من 40 مريضا.

ووفق الإدارة الفنية بمكافحة المخدرات؛ لا يوجد مستشفى حكوميا مختصا في علاج الإدمان، وأن المستشفيات الخاصة التي تعمل في المجال قليلة جدا وتكاليفها باهظة.

لا يوجد مستشفى حكوميا مختصا في علاج الإدمان، والمستشفيات الخاصة التي تعمل في المجال قليلة جدا وتكاليفها باهظة

تحولت المخدرات في البلاد إلى حديث القيادات العسكرية الانقلابية في البلاد، ولا يوجد منشط لا تغطي خلفيته لافتة تحذر من المخدر.

كما نشط هاشتاج في الوسائط الاجتماعية (الحق ولدك) لرفع الوعي لكن مع ذلك الانتشار متزايد ولا ينقص، ويضيف تعاطي الآيس تحديدا إلى رصيده جرائم متناسلة، منها السرقة والقتل والاغتصاب، بسبب تأثيرات المخدر النفسية العالية.

«التغيير» تقتحم عوالم «مخدر الآيس».. واقع صادم عن حياة المدمنين وعسكريون خلف تجارة الموت «1-2»

تاريخ الخبر: 2023-02-23 12:25:44
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال ن

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:01
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

تعليق الدارسة وتأجيل الاختبارات في جامعة جدة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:23:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

إبادة جماعية على الطريقة اليهودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:06:57
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

ما خسائر قطاع النقل والمواصلات نتيجة الحرب في غزة؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية