استطاع "عمي محمد"، كما يُناديه جزائريون، أحد أشهر بائعي الورود في قلب الجزائر العاصمة، أن يكسب القلوب بباقات الزهور التي كان يصنعها بكل حب لزبائنه، فهذا الرجل لم يكُن شخصاً عادياً، فالورد بالنسبة إليه حَياة، عِشقٌ، ألوان، وبهجة وفَرح.
ورحل عمي محمد، تاركاً وراءه أثراً كبيراً في قلوب كُل من عرفه، وهو الذي ودعّه ونعاه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بكل عبارات الحزن، بمجرد تداول صور وفيديوهات تُظهر محله مغلقًا لأوّل مرّة بعد أكثر من ثلاثة عقود من النشاط. وهو المحل الواقع وسط ساحة البريد المركزي، التي تتوسط شارعي الشهيدين العربي بن مهيدي وديدوش مراد.
عام 1955
ويٌعتبر محمد بوعكاز من أشهر بائعي الورد، وهي المهنة التي زاولها قبل نحو 70 عامًا، وتحديدًا عام 1955 إبّان فترة الاستعمار الفرنسي للبلاد، وكان عُمره آنذاك 14 سنة.
كما حصل كشك "زهور الجزائر" لمحمد بوعكاز خلال عام 2021 على جائزة أفضل محل لبيع الورود في منطقة الجزائر الوسطى، وذلك في المسابقة التي نظمتها بلدية الجزائر الوسطى وسجلت مشاركة 14 محلًا خاصًا ببيع الورود.
وعلق الإعلامي جمال معافة "هذا محل بيع الورود بالبريد المركزي وسط العاصمة، للأسف بابه موصد اليوم لأن صاحبه عمي أحمد وافته المنية اليوم، ألف رحمة على روحه الطاهرة".
وعَبّر معافة عن أمله في "ألّا يختفي هذا المحل نهائيًا لقيمته الرمزية وجماليته ثم تخليدًا لروح المرحوم عمي أحمد الذي كان يسقي حتى الأشجار المجاورة لمحله".
في حين دونت نبيلة سنجاق عن رحيل عمّي محمد: "توفي اليوم عمي موح بائع الورد بساحة البريد المركزي، الباب مغلق والورود تبكي بالداخل رحيل من كان يسقيها ويعتني بها يوميا قبل طلوع الشمس لتتصدر واجهة المدينة بألوانها وتبهر الأعين وتسكن القلوب، له الرحمة والمغفرة".
وكتبت مونية غربي "أنا جد حزينة لهذا الخبر وحزينة من أجل الورود أيضاً لأن العلاقة التي كانت بينها وبين عمي محمد تشبه علاقة واحد مع بنته، مع زوجته، مع حبيبته ثم يتركها ويسافر، نحو مكان أفضل وبعيد أيضاً، هي علاقة مع الذاكرة، عمي محمد يمثل قلب العاصمة النابض بالحب".
