عصام الزهيري: علينا تشخيص أمراض الذهنية الرقابية قبل حرية المؤلف

أثارت التغييرات التي قامت بها دار بنجوين للنشر في أعمال كاتب الأطفال الإنجليزي روالد دال، انتقادات واسعة في الوسط الثقافي ببريطانيا جراء استبدال كلمات مجنون أو بدين بأخرى.

ورأى الناشر أنها لا تناسب أطفال هذا العصر وهو ما سبق وقامت به دور نشر مصرية في أعمال نجيب محفوظ، أو ما تعرض له مؤخرا المترجم سمير جريس، في ترجمته لـ كتاب “فهرسُ بعض الخسارات” وحذف 640 كلمة أي فصل كامل من الكتاب، دون الرجوع عليه، بدعوي أن الفصل يتحدث عن الأعضاء الجنسية لدي الرجل والمرأة.

وهو ما يطرح التساؤل حول حق الناشر في حذف أو تغيير العمل الأصلي للكاتب، وهل مثل هذا الإجراء ينتقص من حرية المبدع في التعبير، ويتعدي علي حقوقه ؟

في هذا الصدد، قال الكاتب عصام الزهيري: "قبل الحديث عن حقوق المبدع وحرية الكاتب في التصورات المرتبطة بضرورة فرض الرقابة على الافكار وبأهمية وجود مصفاة رقابية لتنقية الأفكار وتشذيب الابداعات، يلزمنا الحديث عن حقوق القاريء وحرياته إذ أنه من أبسط حقوق القاريء وأكثر حرياته بديهية هي حقه في رفض وقبول ونقد العمل المقروء كما هو عليه، وحقه في قراءة وعدم قراءة أي عمل في حالته الأصلية بناء على أي اعتبار يراه القاريء وجيها، سواء كان هذا الاعتبار فكريا أو جماليا او أخلاقيا أو غيره.

أوضح الزهيري، في تصريحات “الدستور”: "الحكم هنا للقاريء وحده وممارسة الناشر أو أي جهة أخرى لرقابة أخلاقية على ما ينشر هو حكم بالقصور العقلي وقلة النضج ليس على قاريء العمل المنشور فقط ولكن على مجمل العقل العام والرأي العام الجمعي. 

هذا الحكم من الجهة الرقابية بأن القارئ في حاجة إلى فرض وصاية عليه هو مسبة ومشتمة للقاريء وللعقل تتجاوز في أسفافها وانحطاطها الأخلاقي أي اأسفاف أو انحطاط يفترضه الرقيب في أي لفظ. يلزمنا كذلك قبل الحديث عن حق الكاتب وحرية المبدع المهدرة بممارسة الوصاية والشطب - وهي ممارسة سادية مرضية ولا أخلاقية - أن نتحدث عن حق المجتمع الفكري والأخلاقي في الشفافية والمصارحة والاستقامة الذهنية والسواء النفسي.

 فهذه الألفاظ المسماة ألفاظا جنسية والتي توصم عندما ترد في عمل أدبي أو فني أو نقدي أو غيره بأنها ألفاظ خادشة للحياء، هي ألفاظ مترددة على ألسنة الناس، والإنسان في عرضة لسماعها يوميا، إن لم يكن في الشارع ووسائل المواصلات العامة وغيرهما، فهي عرضة للتداول بصريا وسمعيا في وسائل السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي، فما هو المعنى وما هي الحكمة إذن من وراء عملية "التعقيم" التطهرية المزيفة تلك التي يمارسها الرقباء ضد المنتج الورقي والكلمة المنشورة على الاخص!.

قبل الحديث عن حق الكاتب وحرية المؤلف يلزمنا تشخيص أمراض الذهنية الرقابية وممارساتها السادية العبثية التي لا تجد لها معنى في دائرة السواء الفكري والثقافي. فعملية التعقيم التي يسعى وراءها الرقيب وهمية تماما وعبثية جدا. ويبدو أن الهدف الوحيد الذي تحققه هي إرضاء ميول الرقيب السادية وإرضاء هذاءات لديه تقترن بلعب دور الوصاية ويبدو أنها مكرسة لإرضاء أوهامه عن هشاشة عقل وأخلاقيات القاريء والمجتمع، عن قلة نضج القاريء ونضج الرأي العام، وعن غياب رشدهما وتهافتهما قيميا وأخلاقيا، وهي الاوهام التي تجعلنا كقراء ومجتمع - من وجهة نظر الرقيب - في حاجة إلى سلطة وسادية الرقباء.

تاريخ الخبر: 2023-02-27 18:22:57
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة ويقرر البقاء في منصبه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 53%

الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:27:21
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

رئيس ريال مدريد يهاتف مبابي عقب التتويج بالدوري الفرنسي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:13
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة ويقرر البقاء في منصبه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:37
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:27:20
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية