أثارت التغييرات التي قامت بها دار بنجوين للنشر في أعمال كاتب الأطفال الإنجليزي “روالد دال”، انتقادات العديد من المثقفين في بريطانيا،  وهو ما تعرض له مؤخرا المترجم سمير جريس، في ترجمته لـ كتاب “فهرسُ بعض الخسارات”، وحذف 640 كلمة من ترجمته الأصلية، دون الرجوع إليه.

وفي هذا الصدد قال الشاعر والباحث في التراث مسعود شومان في تصريحات خاصة لـ “الدستور”: أتصور أن بعض دور النشر قد تغولت على حقوق بعض المؤلفين، وفى ذلك مخالفة لأعراف النشر وحقوق المؤلف، فمن الحقوق الأساسية للمؤلف مراجعة "بروفة" الكتاب بعد جمعه وتنضيده، وذلك لتصحيح الأخطاء المطبعية، فضلا عن تصويب الأخطاء اللغوية، وأن يعرض عليه غلاف كتابه وإن كانت الرؤية النهائية للفنان والناشر ويمكن للمؤلف أن يقوم بتعديلات يسيرة على نص الكتاب زيادة أو حذفاً، بما لا يخل ببنيته التى تم الاتفاق عليها، بحيث لا يحق له إدخال تعديلات جذرية تؤدي إلى تعديل الكتاب كلياً، إلا بالاتفاق مع الناشر، حيث إن الاتفاق كان على النسخة التى سلمها، و للناشر أن يصحح الأخطاء المطبعية التي وردت في الكتاب وغفل المؤلف عن تصويبها.

وأوضح “شومان”: أما إذا اكتشف الناشر بعد توقيع العقد مع المؤلف أن الكتاب يتضمن عبارات تشكل إساءة وذماً في حق بعض الأشخاص، فعليه التوجه للمؤلف للاتفاق معه على ما يجب حذفه دون أن يخل ذلك بحرية الكاتب، ولكن إذا رفض الحذف، ورأى الناشر أن الكتاب لا يليق على شاكلته بالنشر لجسامة وخطورة ما ورد به ومخالفة محتواه للقوانين، فله أن يرفع دعوى مطالباً بإبطال العقد لمخالفته للنظام العام دون أن يتجاوز المؤلف بنشر عمله دون الرجوع إليه، فليس من حق الناشر، أى ناشر أن يجري تعديلاً في نصوص الكتاب، لا حذفا ولا إضافة بغير موافقة المؤلف، ومن حق المؤلف منع أي تعديل أو تغيير في متن الكتاب قد يسيء إلى نص الكاتب أو مكانته.

كما لا يجوز للناشر أن يغير عنوان الكتاب، وظنى أن حرية الناشر لابد أن تتسع فيما يتعلق بالغلاف، وله أن يغير ما يكتب على الغلاف في كل طبعة، وله أن ينشر أسماء المؤلفات التي قام بنشرها ولو كانت لغير المؤلف.

وفى هذا السياق فإنه على الكاتب ممارسة حريته الإبداعية وألا يخضع إبداعه للرقيب الداخلى أو لشروط الناشر، إذا كان ذلك سيخل بجوهر كتابه، ويؤدى إلى كتابات مستنسخة، تكرر نفسها دون أى تجديد، فعلى الكاتب ممارسة حريته في الكتابة وعلى الناشر أن يقبل محتوى الكتابة دون انتهاكات لرؤيتها وصياغتها وفقراتها أو يرفض نشر الكتاب دون استيلاء على دور الكاتب، فالكاتب الذى لا يملك حريته سيفقد جوهر الإبداع، وليس من حق الناشر الجلوس على مقعد الكاتب ليتولى أمر إبداعه حذفا أو إضافة.