قرّرت صبيحة اليوم الأربعاء هيئة محكمة الجنايات الإستئنافيّة لدى مجلس قضاء عنابة تأجيل الفصل في ملفّ واحدة من أبرز قضايا المتاجرة بالمخدّرات التي تورّط فيها 11 شخصا من بينهم محامية وبعض أفراد عائلتها وتأجّل الفصل في القضيّة إلى غاية الدورة الجنائية المقبلة وذلك بطلب من دفاع المتّهمين، علما وأنّ هاته القضيّة قد أحدثت ضجّة واسعة نظرا لحجم الكميّة المضبوطة من المخدّرات التي فاقت 71 كيلوغراما بالإضافة إلى ضبط قرابة المليار سنتيم يرجّح أنّها من عائدات هذا النشاط، كما تمّ حجز درّاجات ناريّة وسيارات تستعمل في عمليّة تأمين ومراقبة المسالك التي ينتهجها أفراد الجماعة الإجراميّة ناهيك عن كشف التحريّات الأمنية لتجاوزات خطيرة أبرزها تواطؤ موظّف كان يعمل بمحكمة الحجار وذلك بعد أن تبيّن أنّه كان يزوّد البارون الرئيسي للجماعة الإجراميّة بالمعلومات والتقارير المرسلة إلى نيابة الجمهوريّة لمنع وقوعهم في مصيدة الجّهات المختصّة، فيما أزالت التحريّات عن ورود أسماء معروفة في مجال المتاجرة بالسّموم بهاته القضيّة التي استعملت فيها طرق مغايرة لتوسيع رقعة نشاط العصابة منها قيام عناصر الجماعة الإجرامية باقتناء شاحنات وتحويلها إلى “مغنيّة” من أجل تعديلها بغرض تخزين كميّات أكثر من المخدّرات، مع تغيير شرائح الهواتف النقّالة بين الفينة والأخرى قبل أن تنجح مصالح الدرك الوطني في كبح نشاطهم المخالف للقانون، وفي سياق متّصل تعود حيثيات الواقعة إلى بداية السنة المنصرمة حين وردت معلومات مؤكّدة لدى مصالح الدرك الوطني مفادها وجود شبكة إجراميّة مختصّة في نقل وتخزين الكيف المعالج بغرض المتاجرة به ومن بين أفرادها بارونات مخدّرات ينحدرون من ولايات مختلف من الوطن حيث ذكرت أسماؤهم في قضايا مشابهة أثناء تحقيقات أمنية مختلفة أبرزها التحقيق حول قضيّة ضبط 49 كيلوغرام من مادة القنب الهندي، قبل أن يتم كشف هويّتهم جميعا ومباشرة التحريّات بالتنسيق مع الجهات القضائية بعنابة من أجل إلقاء القبض عليهم عن طريق تسخير جميع الوسائل الماديّة والبشرية مع استغلال جلّ المعلومات الواردة قبل أن تنتهي العمليّة بتوقيف عدد كبير من أفراد الشبكة الإجرامية يوم 24 جانفي المنصرم وضبط كميّة معتبرة من الكيف المعالج مقدّرة بأزيد من 70 كيلوغراما من المخدّرات ليتم بعدها تحويلهم أمام المصالح القضائية حيث اعترف بعضهم بالتهمة المنسوبة إليهم ونفى آخرون الوقائع الموجّهة إليهم بينما لا يزال آخرون في حالة فرار إلى غاية كتابة هاته الأسطر منهم المتهم الرئيسي “ب.ع.و” الذي تواصل المصالح الأمنية مهامها في إطار إلقاء القبض عليه، هذا وفي سياق ذو صلة فقد كشفت التحقيقات الأمنية المباشرة من طرف مصالح الدرك الوطني أنّه وفي إطار متابعة نشاط المشتبه فيه الرئيسي البارون المسمى “ب.ع.و” تبيّن أنّ هذا الأخير كان على علم بالمعلومات والتقارير التي كانت ترسل إلى نيابة الجمهورية لدى محكمة الحجار وذلك من قبل أحد الموظفين بذات المحكمة، وهو ما جعل البارون يقوم بتغيير شرائحه الهاتفية وكذا شرائح جميع أفراد الشبكة الإجرامية التي يتعامل معها بغرض عدم وقوعهم في الفخ وتوقيفهم من طرف المصالح الأمنية، وفي سياق متّصل فقد قامت مصالح الدرك الوطني بإخطار النيابة العامة لدى الجهات القضائية المذكورة سالفا وتوقيف الموظّف المسرّب للمعلومات مع تغيير التنسيق الذي أصبح مع نيابة الجمهورية لدى محكمة عنابة، وبعد حصول مصالح الضبطية القضائية على إذن من نيابة الجمهورية تم تسخير جميع متعاملي الهاتف النقال من أجل الحصول على الكشف الهاتفي للمشتبه فيه وقد تمكن عناصر الدرك الوطني فعلا من استخراج الأرقام الهاتفية لجميع الأشخاص الذين كان يتعامل معهم، وتبيّن أن البارون “ب.ع.و” يعتبر والد محامية تزاول نشاطها بعنابة ويتعلّق الأمر بالمسماة “ب.ن”، حيث وبعد البحث والتحري ومراقبة مسكن المشتبه فيه من قبل أحد الأفراد التابعين للمصالح الأمنية المذكورة عن طريق الحصول على إذن من قبل نيابة الجمهورية ومن أجل معرفة الأشخاص الذين يتعامل معهم وتصويرهم مع مراقبة تحركاتهم، تمت يوم 24 جانفي من السنة الماضية مشاهدة شقيق المشتبه فيه المسمى “ب.ع.ر” من قبل عنصر المراقبة الذي وضع خصيصا في ذلك المكان يقوم بتغطية جزء من المرأب المحاذي للمنزل بواسطة غطاء بلاستيكي أسود اللون لحجب الرؤية كما شوهد هذا الأخير في اليوم الموالي يقوم بتنظيف الفناء ومراقبة محيطه وفي حدود الساعة السادسة والنصف صباحا رصدت المصالح المختصّة قدوم سيارة من نوع “سيتروان برلينقو” بيضاء اللون تقودها المحامية المسماة “ب.ن” وكان برفقتها والدها المشتبه فيه الرئيسي “ب.ع.و” أين قام هذا الأخير بإنزال أكياس بلاستيكية متوسطة الحجم تم تسليمها لشقيقه “ب.م” الذي كان في انتظاره داخل المزرعة المتواجدة على مستوى حي 5 جويلية، قبل أن يغادروا المكان بعد قدوم المسمى “د.م” المكنى “العمدة” على متن سيارة أجرة من نوع “داسيا لوغان”، وفي حدود الساعة السابعة مساءا من نفس اليوم رصد عنصر المراقبة قدوم شاحنة من نوع “كيا” مزودة بثلاجة على متنها شخصين وقد نزل منها المسمى “ب.م” وفتح الباب وقاما بإدخال الشاحنة وتم ركنها تحت الغطاء البلاستيكي، وعلى إثر ذلك تم اقتحام المكان من طرف عناصر الدرك الذين كانوا حاملين لإذن نيابة الجمهورية، أين ضبطت مصالح الدرك الوطني أثناء عمليّة المداهمة المسمى “ب.م” شقيق المشتبه فيه الرئيسي رفقة سائق الشاحنة المدعو “س.ع” بصدد تفريغ المخدرات التي كانت مخبأة بإحكام في مكان مهيأ خصيصا لذلك، وبالضبط تحت الصفيحة السفلى للثلاجة كما تم العثور على المسمى “ب.ع.ر” الذي يعتبر كذلك شقيق المشتبه فيه الرئيسي “ب.ع.و” وعمّ المحامية “ب.ن” الذي كان يختبئ خلال عمليّة المداهمة داخل غرفة نومه وبالتحديد داخل خزانة خشبية فيما كان تحته كيسين بلاستيكيين وهما اللذان جلبهما البارون “ب.ع.و” وقد تم العثور بداخل الكيسين على 937 مليون سنتيم كما تم العثور داخل الشاحنة على 71.200 كغ من المخدرات، تجدر الإشارة أنّ مصالح الدرك الوطني نجحت خلال عمليّة مداهمة المزرعة التي في حجز ثلاثة دراجات نارية وشاحنة صغيرة بالإضافة إلى سيارة قديمة من نوع “رونو 04 ” يتم استعمالها في مراقبة وتأمين طريق الشبكة الإجرامية في عمليّة نقل المخدّرات كما أوقفت العديد من عناصر العصابة وتحويلهم أمام العدالة.
محكمة الجنايات الإبتدائيّة سبق لها وأن سلّطت عقوبات متفاوتة ضدّ أفراد الجماعة قبل الطعن في الحكم
سبق لهيئة محكمة الجنايات الإبتدائية وأن سلّطت عقوبات متفاوتة ما بين 8 سنوات سجنا نافذا والمؤبّد ضدّ المتهمين في القضيّة نهاية السنة الماضية، ويتعلّق الأمر بكل من “ب.ع.و”، “ب.م.ل”، ب.ع.ر”، “ب.م”، “س.ع”، بالإضافة إلى “د.م”، “ب.ن”، “م.ع.غ”، “ق.ع.م” مع “ع.ج” والمتهم “ص.ع” المتراوحة أعمارهم ما بين 25 و60 سنة الذين تابعتهم الجهات القضائية بتهم مختلفة أبرزها جناية حيازة ونقل وتخزين المخدّرات قصد البيع بطريقة غير مشروعة في إطار جماعة إجرامية منظّمة، جنحة تبييض الأموال وعدم التبليغ عن جناية وغيرها من التهم الموجّهة إلى أفراد الشبكة الإجرامية، حيث تمّ الطعن في الحكم المذكورة سالفا وكان من المرتقب أن يمثل المتّهمون من جديد أمام هيئة محكمة الجنايات الإستئنافيّة صبيحة اليوم الأربعاء قبل أن تقرّر هاته الهيئة القضائية تأجيل الفصل في القضيّة وذلك بطلب من الدّفاع.
وليد سبتي
