صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عن سلسلة روائع الأدب أربعة أعمال في مجلد واحد للكاتب الكبير عبد الفتاح الجمل وهي " الخوف – آمون وطواحين الهواء – وقائع عام الفيل - محب " جمع وتدقيق الكاتبة الصحفية عائشة المراغي.

تقول الكاتبة الصحفية عائشة المراغي عبر مقدمتها: “لا يحتاج عبد الفتاح الجمل، في رأيي، إلى تقديم، لأن نصوصه هي خير من يفعل ذلك. وهو نفسه لم يكن يميل كثيرًا إلى المقدِّمات، وإنما يضمِّن كُتُبه أحيانًا قراءة نقدية للناقد الكبير الراحل «بدر الديب»، ولا أحد سواه. وبالتالي؛ ما تحويه الصفحات التالية ما هو إلا تمهيد أو لنقُل «إضاءة» على شخص الجمل، الذي غاب عن دُنيانا منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا، ويشهد العام 2023 مرور مائة عام على ميلاده”.

يأتي نشر هذه «الأعمال الكاملة» كخطوة على طريق حفظ سيرة وتراث عبد الفتاح الجمل من الاندثار، وقد حاول الكثيرون من أصدقائه ومعاصريه فِعل ذلك من قبل لكن جهودهم لم تكتمل لأسباب متفرقة، إلى أن أُعيد طرح التساؤل حول جمع أعماله على صفحات «أخبار الأدب» في2020، انطلاقًا من معاناتي في الوصول إلى مؤلفاته خلال خمس سنوات قبل إعداد ذلك الملف عنه.

وذكرت: “في مستهل رحلتي، أول ما فعلت كان البحث عن كُتُب الجمل. أولًا عبر شبكة الإنترنت، فلم أجد سوى «محِّب» في طبعة حديثة نسبيًا. وفي المكتبات لم أجد شيئًا على الإطلاق. وأخيرًا في سور الأزبكية؛ وجدتُ الباعة يضعون صفًا لكل كاتب ممن اكتشفهم الجمل وأتاح لهم الفرصة حتى أصبحوا نجومًا في عالم الأدب، لكني لم أجد أحدًا يعرفه بينهم، حتى وإن ادعى البعض ذلك. كثيرون منهم اختصروا الطريق من البداية بإجابة قاطعة تفيد عدم وجود كتب لعبد الفتاح الجمل، إلا أن هناك من أخذوا يسألونني عن أسماء أعماله، فيومئ واحد برأسه ويؤكد أنه يعرفه لكنه لا يملك كتبه، بينما يثني آخر على معلوماتي قائلًا «فعلا؛ دي روايته» قبل أن يسأل عن اسم عمل آخر ليعيد عليَّ الرد «ودي كمان روايته أيوَه» ثم بأسف وتأثر يخبرني بأنه لا يملك أيًا منها في دكانه. وثالث نظر لي وبكل ثقة قال «أيوَه عارفه، ده أستاذ قانون» فاعتذرت منه لخطأ المعلومة وأكملتُ طريقي”.

اتَّجَهتُ إلى العائلة في دمياط، ولديها وجدتُ بعض مؤلفاته، والبعض الآخر كان في انتظاري بمصر الجديدة عند أخته الصغرى «تحية» وزوجها المهندس «محمد سناء السعيد»  – رحمه الله – وحين وعَد الشاعر جرجس شكرى أمين عام النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة، بنشر الأعمال الكاملة للجمل؛ ذهبتُ أنقِّب عن النواقص من الكُتُب لدى بقية الأقارب والأصدقاء والمعارف، وهُم: 

ابن أخيه «بلال الجمل» الذي تلَّبس بروحه وورَث عنه كل اهتماماته الثقافية بمختلف روافدها، بل وملامح وجهه، دون أن يراه أو يتعامل معه. 

المخرجة «أسماء يحيى الطاهر عبدالله» ابنة الصديقة المقرّبة للجمل، المخرجة الراحلة «عطيات الأبنودي» التي لازالت تضم مكتبتها مؤلفاته، وبجانبها صورة كبيرة له معلَّقة على الحائط. 

«عايدة علي جبر» وزوجها «محمد التوارجي» اللذين نظَّما تأبينًا للجمل في رأس البر عقب وفاته، واستأمنهما هو على جزء كبير من أوراقه وكتبه عندما أحسَّ بقُرب الأجل.

الدكتور «خيري دومة» أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة، الذي لم يقابل الجمل في حياته، لكنه يظن أن صِلة ما تربطهما منذ قرأ رائعته «محِّب» وكتب عنها في مجلة «فصول» عام 1992.

يتضمن هذا الجزء من الأعمال الكاملة لعبد الفتاح الجمل؛ نصوصه السردية، التى قمتُ بجمعها مرة أخرى لتصويب ما شابها من أخطاء – خلال النشر الأول – أدّت إلى حدوث بعض الارتباك فى المعنى؛ وخاصة روايته الأشهر «محِّب»، إذ نُشِرت في طبعتين من قبل، لكن تلك هي المرة الأولى التي تُنشَر فيها منقَّحة بتعديلات قام بها عبد الفتاح الجمل بنفسه – بالقلم الرصاص – على إحدى نُسَخ الطبعة الأولى الصادرة عن دار الهلال عام 1994 (يتضمن الكتاب في نهايته نماذج لبعضها)، مضيفًا عددًا من السطور والهوامش، ومصلِّحًا لبعض الأخطاء اللغوية التي نتجت عن الجمع، لربما يأتي يوم ويُعاد طبعها بتلك الصورة النهائية.