ماهر نسيم: أطالب بتمكين الشباب من رئاسة اتحاد الدواجن (حوار)

- على الدولة تشديد الرقابة على ما يفرج عنه من الموانئ.. لوقف الجشع

- كبار المربين لم يتأثروا لأنهم لا يحتاجون إلى وسيط مثل الصغار

- بعد ارتفاع سعر طن الذرة لـ15 ألفًا.. رفعت مصانع الأعلاف السعر لـ20 ألفًا

- إعدام الكتاكيت تصرف مرفوض ونتمنى تفهم أسباب الإعدامات ونعالجها فهى صورة سيئة بكل المقاييس

قال ماهر نسيم، عضو اتحاد منتجى الدواجن، إن أزمة الأعلاف بدأت عقب الحرب الروسية الأوكرانية، وتفاقمت بعد حدوث تأخر الإفراجات فى الموانئ، موضحًا أن صناعة الدواجن تختلف عن أى صناعة أخرى، لأن رأس المال «حى» ويحتاج إلى طعام حتى لا يموت، بخلاف باقى الصناعات.

وأوضح «نسيم»، فى حوار لـ«الدستور»، أن المستفيد من أزمة الدواجن هو المستورد وصاحب مصنع العلف، وأكبر المتضررين هم صغار المربين، الذين يمثلون ٧٥٪ من حجم السوق، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى جاهدة لعمل ثورة اقتصادية وصناعية، لكن جشع بعض المستوردين وأصحاب المصانع يعيق التقدم.

وأكد: «لا بد من تشديد الرقابة على المستوردين وأصحاب المصانع، ومتابعة الخامات منذ خروجها من الميناء حتى وصولها للمستهلك، حتى لا يجرى تخزينها لزيادة سعرها فيما بعد».

وأشار إلى أن الاتحاد يسعى جاهدًا إلى حل الأزمة، ويعمل على زيادة تمكين الشباب، ليصلوا قريبًا لإدارة الاتحاد، مؤكدًا: «يجب أن يكون رئيس الاتحاد صاحب مشكلة، وليست لديه إمكانات تصنيع الأعلاف.. وعلينا ألا نترك صغار المربين فريسة لمصانع الأعلاف والمستوردين.

■ كيف بدأت أزمة الدواجن فى مصر؟

- بدأت أزمة الدواجن عقب الحرب الروسية الأوكرانية، أى منذ عام مضى، فقد تسببت الحرب فى حدوث ارتفاع فى أسعار الخامات، وبعد ٥ شهور فقط من الحرب وصل الارتفاع إلى درجة غير مسبوقة.

طن الذرة، على سبيل المثال، كان يتراوح سعره بين ٥٠٠٠ و٦٠٠٠ جنيه، وبعد مرور ٥ أشهر من الأزمة، أصبح سعر نفس الطن يتراوح بين ٩٠٠٠ و١٠٠٠٠ جنيه فى بعض الأوقات، وكل هذا فى منتصف الأزمة، ووصل طن الصويا من ٨ آلاف إلى ١٣ ألف جنيه.    

بعد ذلك ظهرت المشكلة الأكبر، وهى احتجاز الخامات فى الموانئ، وهذا ما جعل الوضع يتفاقم وصولًا إلى المرحلة الحالية.

تسببت الحرب فى أزمات بالدول النامية، وفى مصر لم تكن هناك دولارات كافية لتنفيذ عمليات الإفراج عن البضائع من الموانئ، لأن كل الدول- عقب الحرب- بدأت فى سحب أموالها من الدول النامية، ومنها مصر، وبدأت الأمور تدخل فى نطاق البيزنس والاحتكارات واستغلال الفرص إلى أقصى درجة ممكنة فى التعامل مع المستوردين، لأنهم من الأسباب الرئيسية للأزمة التى نمر بها الآن.

■ لماذا تأثرت صناعة الدواجن أكثر من غيرها بتأخر الإفراجات؟

- جميع الصناعات تأثر بشكل كبير نتيجة تأخر الإفراجات، ولكن صناعة الدواجن تختلف عن باقى الصناعات.

على سبيل المثال، صناعات السيارات أو البلاستيك أو المواد الغذائية معتمدة على الإفراجات الجمركية، لكنها لم تتأثر مثل صناعة الدواجن، لأن تلك الصناعات إن ندرت خاماتها، يمكن أن تعمل بنصف الطاقة أو ربع الطاقة، على عكس صناعة مثل صناعة الدواجن، فهى تتأثر بشكل ضخم.

صغار المربين مجبرون على شراء المواد الخام بأى سعر، لسد جوع الفراخ، لأنها «روح»، وللأسف استغل المستوردون ذلك وضغطوا على صغار المربين برفع الأسعار بشكل جنونى، دون شفقة أو رحمة.

ونحن- منذ شهر أغسطس الماضى- نقدم استغاثات إلى الدولة، للسيطرة على جشع المستوردين، فالدولة تقدم لهم إفراجات بالدولار المدعم، وهم يبيعون المواد الخام فى الأسواق بالأسعار التى يحددونها هم لا الدولة. 

وعندما أصبح الوضع سيئًا للغاية، اجتمع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بالدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، وجرى الاتفاق على الإفراج عن كميات من الذرة الصفراء وفول الصويا، ولكن مع ضرورة ضبط السوق، وبالفعل جرى الإفراج عن كميات منهما.

لكن للأسف، فى نفس يوم الاجتماع الوزارى، رفع المستوردون أسعار الأعلاف، فالطن الذى كان سعره ١٢ ألف جنيه أصبح بـ١٦ ألفًا، ولأننا فى سوق حرة لا يوجد تسعير إجبارى، لذا نطالب الآن بضرورة وضع آليات جديدة لتسعير خامات الإنتاج عقب خروجها من الموانئ؛ للسيطرة على الأسعار.

ولا بد من أن تتتبع الأجهزة الرقابية للدولة خط سير الخامات المفرج عنها، بدءًا من الميناء، مرورًا بالمخازن، حتى وصولها للمصانع، وذلك لمنع التخزين أو ما يعرف بالاحتكار، حتى تصل الأعلاف بقيمتها الحقيقية إلى المربين والمنتجين، مع وضع هامش الربح العادل لكل حلقة من الحلقات.. لا بد من الوقوف فى وجه جشع المستوردين، فقد حققوا أرباحًا ضخمة على حساب الشعب.

■ من المستفيدون من أزمة الأعلاف فى مصر؟

- المستفيد الأول- بلا شك- هو المستورد، وأرى أن المستوردين هم السبب الرئيسى فى حدوث أزمة الدواجن، بعدما رفعوا سعر طن العلف من ١١ ألفًا إلى ٢٠ ألف جنيه.

صناعة الدواجن تعتمد على ركيزتين، الأولى منتج كبير «يمثلون ٢٥٪ فقط من القطاع»، والثانية صغار المربين «يمثلون ٧٥٪»، والمربون هم الأكثر تأثرًا بسبب الأزمة دون شك، وتعرضوا لخسائر كبيرة.

فى المقابل، لم يتأثر كبار المربين بشكل كبير، لأنهم يستوردون العلف دون وسيط، فهو لا يحتاج إلى المستوردين مثل صغار المربين، بل لديه القدرة على الاستيراد بنفسه، وتوفير المواد الخام التى يحتاج إليها.

صغار المربين وضعهم سيّئ جدًا، فقد وقعوا فريسة لجشع المستوردين، وسقطوا فى فخ أصحاب مصانع الأعلاف.

وأود أن أشير إلى أن ٢٥٪ من صغار المربين يعتمدون على العلف المصنع، وللأسف ينظر أصحاب المصانع للسوق أولًا قبل تحديد الأسعار، فرفعت أسعارها بعد أن كانت تبيع بأسعار مخفضة.

فى الماضى كان طن الذرة يدخل بـ٩ آلاف جنيه، وحينما رأت المصانع أن سعر الطن ارتفع فى السوق إلى ١٥ ألف جنيه، رفعت سعر العلف المُصنع إلى ٢٠ ألف جنيه.. فوجد المربى الصغير نفسه فى أزمة، ولم يجد المال اللازم لشراء الأعلاف.

■ كيف أثرت أزمة الأعلاف على صغار المربين؟

- نتيجة عدم توفر خامات الأعلاف وارتفاع أسعارها، رفض صغار المربين دخول الكتاكيت فى دورات جديدة، وأعدموا الكتاكيت، كما رأينا، نظرًا إلى عدم توافر الأعلاف.. وهذا المشهد لم نره فى تاريخ صناعة الدواجن فى مصر، من قبل.

وما حدث آنذاك تسبب فى الأزمة التى تمر بها الصناعة فى الوقت الحالى، فأصحاب المزارع لديهم أمهات الدواجن، وهى تحتاج إلى أعلاف، والكتكوت بالطبع لا يُباع، فاضطر المربى لبيع الأمهات «لحوم»، وجرى ذبح ٦٠٪ من الأمهات، وحدث نقص كبير فى الكتاكيت، ولم يتبق سوى ٢٥٪ من الإنتاج، لدى كبار المنتجين، لذا ارتفعت الأسعار بشكل جنونى.

■ كيف نحسن أوضاع صناعة الدواجن؟

- الأزمة الحقيقية هى خروج صغار المنتجين من السوق، وذلك نتيجة الخسائر التى تعرضوا لها، ولذلك يجب توفير الخامات لهم لعودة العمل، وإعادة الثقة مرة أخرى، وكى يشعر المربى الصغير بالأمان، وذلك سيحدث بالسيطرة على المستوردين، ومراقبة خط سير الكميات التى تخرج من الموانئ وأسعارها.

ويجب أن تتدخل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، ووزارة التموين والتجارة الداخلية، لتوفير الخامات وبيعها إلى المنتج الصغير وعدم بيعها للمنتج الكبير، لأنه يستطيع توفير الخامات لنفسه.

وطالب اتحاد منتجى الدواجن من وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، السيد القصير، فى آخر اجتماع بين الطرفين، ١٣ فبراير الماضى، بوضع سعر استرشادى للأعلاف المستوردة، لمساعدة صغار المربين، وتوصلنا لاتفاق.

ونعمل حاليًا على تقديم مشروع مشترك بين اتحاد منتجى الدواجن ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، ووزارة التموين والتجارة الداخلية، يجعل المنتج الصغير يحصل على الخامات، دون وسيط «مستورد»، ووافق وزير الزراعة، ويتبقى التفعيل من قِبل وزارة التموين.

نحن نطالب وزارة التموين بعدم بيع الذرة فى المزادات العلنية، وأن يجرى توزيع الكميات التى يتم استيرادها بحصص متساوية على صغار المربين، لإدخالهم السوق من جديد، ليعودوا للإنتاج مرة أخرى.. ولا بد أن يشعر المربى الصغير بالأمان مجددًا، وألا نتركه فريسة للمصانع والمستوردين.

طن الذرة المستورد تكلفته ٩٠٠٠ جنيه، لماذا نشتريه بـ١٦٠٠٠ جنيه؟ الحل هو تدخل الدولة لتوفير الخامات حتى لا نقع فى قبضة المستوردين، فلا رحمة لديهم.. والظلم وصل للمستهلك الآن، فقد وصل سعر الفرخة إلى ٢٥٠ جنيهًا، بعدما كانت بـ٦٠ جنيهًا.. بأى منطق يتم تدمير صناعة بحجم صناعة الدواجن لصالح قلة تربح المليارات وذلك تحت مظلة الاقتصاد الحر؟!.

■ ما رأيك فى الدواجن البرازيلية؟

- كل ما يُقال عن الدواجن البرازيلية غير صحيح، كلها شائعات، والحقيقة أن صناعة الدواجن فى البرازيل صناعة حديثة، خاضعة لمقاييس عالمية، فالبرازيل ليست دولة تصنع «تحت السلم».

البرازيل لم تصنع منتجًا خاصًا بمصر فقط حتى نقول إنه منتج سيئ، وإنما هى تصدر الدواجن  إلى العالم.

استيراد الدواجن حل مؤقت، وكان من الطبيعى أن تلجأ إليه الدولة لتغطية الفجوة الكبيرة التى حدثت خلال الفترة الماضية، خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك.

مستقبلًا، لا بد من استيراد خامات الأعلاف، وتوريدها للمنتج الصغير بأسعار مخفضة، حتى يعود الإنتاج مجددًا ونصل بمرور الوقت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى، التى كانت واقعًا قبل هذه الأزمة.

وأرى أنه لا يجوز الاستمرار فى الاستيراد، لأن مصر لديها صناعة دواجن تشبه الهرم، فهى أكبر منتج دواجن فى الشرق الأوسط، فمصر تملك الجدود والبياض والأمهات، وهى سلالات لا توجد فى العالم كله إلا فى مصر.. لا يجوز هدم تلك الصناعة بسبب عدم القدرة على مراقبة مدخلات الإنتاج، فهذا لا يجوز بالمنطق، إذ إن القيادة السياسية تدفع نحو إقامة ثورة إنتاجية فى البلد، ونحن لدينا كيان مثل صناعة الدواجن لا يجوز تدميره باستمرار الاستيراد.

■ ما مستجدات أزمة البيض؟

- ظهرت أزمة البيض عقب لجوء عدد من مربى دواجن البياض إلى بيعها لحمًا، نتيجة عدم توافر الأعلاف، فارتفعت أسعار البيض، ووصل سعر كرتونة البيض من أرض المزرعة إلى ١١٠ جنيهات، وذلك المبلغ هو تكلفة المنتج فقط دون هامش ربح، ولكن نتيجة لطمع التجار وصل سعر طبق البيض إلى ١٣٠ جنيهًا، ولكن المستهلك خلال الفترة الأخيرة توقف عن شراء البيض، فتراجعت الأسعار بعد تراجع القوة الشرائية، وزيادة المعروض.

المشكلة الكبرى، التى نتمنى ألا نصل لها خلال الفترة المقبلة، هى أن يضطر المربى لبيع الفراخ البياض، وفى هذه الحالة سنواجه مشكلة كبرى، وهى عدم توفير البيض فى الأسواق مع الارتفاع الجنونى فى أسعاره.

■ هل من الممكن أن تنقل الدواجن المستوردة الأمراض؟

- لا.. ومصر لا توجد بها أمراض وبائية متعلقة بالطيور، فمصر من البلاد الخالية من إنفلونزا الطيور.

وأما عن الدواجن المجمدة، فإن أى دولة تصدر الدواجن لا بد أن تضمن سلامة المنتج، وأن تكون هناك فحوصات تضمن أنها خالية من أى أمراض.

■ ما نسبة الزيادة فى أسعار مدخلات الإنتاج؟

- ارتفعت أسعار مدخلات الإنتاج ارتفاعًا كبيرًا منذ بداية الأزمة حتى الآن، إذ إن سعر طن الذرة كان يتراوح بين ٥٠٠٠ و٦٠٠٠ جنيه، ووصل إلى ٢٠٠٠٠ جنيه، أى أن الزيادة ٢٠٠٪، وهى نسبة كبيرة على صناعة مثل صناعة الدواجن، والتى تعتمد على مدخلات الإنتاج المستوردة بشكل كبير.

ومن أبرز القطاعات التى تم إغلاقها: قطاعات التسمين وقطاع أمهات التسمين، إذ فقدنا نحو ٦٠٪ منها منذ بداية الأزمة حتى الآن.

■ ما الدور الذى يضطلع به اتحاد منتجى الدواجن فى ظل الأزمة الراهنة؟

- الاتحاد يبذل كل الجهد الممكن لحماية المنتج والمستهلك، لكن لا توجد لدينا الأدوات، وسوف نعمل جاهدين لتوصيل حلقات الإنتاج ببعضها، وهناك مشاورات بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى واتحاد منتجى الدواجن تخص المحاصيل التعاقدية، للمطالبة بعمل حصص لصغار المربين. 

الاتحاد ينقل حقيقة الوضع إلى الرأى العام، ويمكن تفعيل دوره بشكل أكبر عبر ضم صغار المربين، لكن يجب أن يدخل تحت مظلة القانون من خلال الضريبة العقارية والسجل التجارى، ونحن نحاول بقدر الإمكان أن نضم الجميع.

ونعمل حاليًا لتمكين الشباب بشكل أكبر، ليصلوا إلى درجة إدارة الاتحاد، فأنا أرى ضرورة أن يكون الشباب هم من يسيطرون على إدارة الاتحاد، وفى النهاية كل هذه الجهود لمصلحة المستهلك.

تاريخ الخبر: 2023-03-09 21:21:15
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية