قصة انهيار بنك سيليكون فالي.. الأسباب والتداعيات


في صباح يوم الأربعاء الماضي كان بنك سيليكون فالي على ما يرام، العمل جار كالمعتاد، موظفون وودائع وقروض، وفي أقل من 24 ساعة انقلب الوضع كليا.. بدأت شرارة الهبوط وسرعان ما تجمعت كرات الثلج، كبرت شيئا فشيئا، وقد تبدت الكارثة ليفقد سهم (SVB Financial) نحو 60% من قيمته السوقية.

لم تقف الخسائر عند هذا الحد، وتواصلت الخسائر ليفقد يوم الجمعة 70%، من قيمته السوقية، وهنا كانت قصة الانهيار قد تعمقت بقوة، وجاء قرار الجهات المنظمة للخدمات المصرفية في كاليفورنيا بوقف التداول في أسهمه وحجز ودائع عملائه، ليتأكد أننا أمام أكبر انهيار مصرفي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وثاني أكبر انهيار في تاريخ أميركا.

إنه البنك رقم 16 من حيث الحجم في أميركا بأصول تبلغ 200 مليار دولار، له تاريخ طويل من النجاحات بدأت قبل 40 عامًا، حيث يركز على قطاع التكنولوجيا والشركات الناشئة، لديه فروعا في الصين والدنمارك وألمانيا والهند وإسرائيل والسويد.

ودائع البنك تضاعفت أكثر من 4 مرات خلال 4 سنوات من 44 مليار دولار في 2017 إلى 189 مليارا في نهاية 2021، فيما نمت قروضه التي يقدمها للشركات الناشئة من 23 مليار دولار إلى 66 مليارا، ما يعني أن البنك رقم كبير في القطاع المصرفي الأميركي.

قصة الانهيار باختصار تعود عندما فاجأ البنك المستثمرين بحاجته إلى جمع 2.25 مليار دولار لدعم ميزانيته العمومية، وشعر المودعون بالخوف على أموالهم فقاموا بعمليات سحب مذهلة بقيمة 42 مليار دولار في نهاية يوم الخميس. فشلت عملية زيادة رأس المال، ومع زيادة الطلب على على سحب الودائع كانت مسيرة البنك التي بدأت قبل 40 سنة، قد انتهت خلال 48 ساعة.
الآن نحن أمام قصة انهيار مكتملة الأركان، ولكن ما هي أسبابها؟.

تجني البنوك أرباحها من الفارق بين سعري الفائدة وما تدفعه على الودائع، وفي حال كان العائد على الإقراض أكبر من المدفوع على الودائع هنا تحدث المشكلة. استثمر البنك بنهاية 2021 نحو 128 مليار دولار، معظمها في سندات الرهن العقاري وسندات الخزانة، جاء 2022 وبدأت سلسة رفع الفائدة مع ترسخ التضخم، ما أدى لانخفاض أسعار السندات ليصبح البنك مكشوفا.

تعتبر قرارات الفيدرالي الأميركي أحد أهم أسباب هذه الأزمة، حينما قاد حملة لمواجهة التضخم هي الأكثر عداونية منذ أكثر من 40 عاما، وكان من تداعياتها تعرض الشركات الناشئة لصعوبات دفع رواتب موظفيها أو توفير التمويل اللازم مع ارتفاع تكلفة الأموال.

قام العملاء ومن بينهم مسستثمرون مخاطرون بخفض ودائعهم من 189 مليار دولار في نهاية عام 2021 إلى 173 مليارا في نهاية عام 2022. واضطر البنك إلى بيع محفظته من السندات السائلة بالكامل بأسعار أقل مما كانت عليه، وتكبد خسائر بلغت نحو 1.8 مليار دولار، ما أدى إلى فجوة حاول البنك مواجهتها بزيادة رأس المال بهدف سد فجوة التمويل، إلا أن مساعيه لم تنجح.

ليس هذا وحده؛ بل دفع تراجع الاكتتابات العامة في "وول ستريت" الشركات الناشئة لسحب ودائعها، ما فاقم صعوبة حصول البنك على تمويل من الاكتتابات العامة، وهنا بدأ البنك في بيع السندات بخسارة لطمأنة مودعيه الذي يريدون أموالهم. انتشر الذعر بين المودعين والجميع أراد تأمين نفسه وسحب أمواله وكانت هذه آخر حلقات الأزمة.

الآن، يواجه أولئك الذين بقوا مع بنك سيليكون فال جدولًا زمنيًا غير مؤكد لاسترداد أموالهم، خاصة وأن 89% من ودائع البنك غير مؤمنة وقيمتها 175 مليار دولار، ولكن ليس تداعيات الأزمة لا تقف عند ذلك فقط.

الأزمة قد تمتد من البنك إلى كل الشركات الناشئة التي لديها تعاملات مع المصرف، على الرغم من أنها لا تواجه مشكلة تتعلق بأعمالها. هذه الشركات موجودة في العديد من الدول، وغالبيتها ربما يحتاج إلى تدخل حكومي حتى تتخطى الأزمة.

كما أن انهيار البنك قد يكون له تداعيات على أجزاء أخرى في القطاع المصرفي الأميركي، وعالميا سيتأثر كل المودعين من الأفراد والشركات خارج أميركا ومن المؤكد أنهم لن يحصلوا على كافة أموالهم.

يجب أن تنتبه البنوك لما حدث، وأن تقوم بإدارة ميزانياتها بشكل صحيح، وأن تتجنب السياسات الخاطئة، وأن تتحوط أكثر لتقلبات السوق ومخاطر الاستثمارات والقروض.

انهيار بنك سيليكون فالي سيكون له تداعيات أكبر بكثير من حجمه، إذ ستمتد آثاره عالميا، وربما تستدعي هذه الحالة دراسة معمقة لمعرفة أسبابها والوقوف عليها بعناية شديدة، حتى تتجنب إدارات البنوك تكرار هذه الكارثة ولو كانت قرارات الفيدرالي الأميركي مسؤولة ولو جزئيا عن الانهيار.

تاريخ الخبر: 2023-03-12 15:19:26
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 92%
الأهمية: 92%

آخر الأخبار حول العالم

زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرد في هذه المناطق اليوم السبت

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-11 15:26:09
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرد في هذه المناطق اليوم السبت

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-11 15:26:05
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية