ملف الصحراء المغربية يخلط أوراق الإيليزيه ويرتب أولويات القصر الملكي الإسباني


لم يدر في خُلد صانع السياسية في إسبانيا والمغرب، أن دخول زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي بهوية مزورة إلى مدريد، سيعني خروج البلدين من حالة “الجوار الحذر والمعيب” إلى توافق سياسي أقرب إل تطبيع في العلاقات والقفز بها فوق مطبات الملفات الحارقة التي تعوق أي محاولة لزحزحة تقارب كلما لاح في الأفق، وعلى رأسها ملف الصحراء، حيث انتهل فصول الأزمة الدبلوماسية بين البلدين إلى دعم الحكومة في مدريد للخكم الذاتي، ومن ثم تدشين مرحلة توقيع اتفاقيات وشراكات ثنائية في جميع المجالات، وآخرها إعلان الرباط انضمامها إلى الملف الاسباني البرتغالي للترشيح لتنظيم كأس العالم 2023.

 

وإذا كان المغرب واسبانيا، انتقلا من حالة البرود في العلاقات السياسية إلى الدفء والتعاون والتوافق. فعلاقات المغرب مع الشريك الفرنسي تمر حاليا بظرف هو الأسوء منذ عقود، فشرط المملكة الواضح لاستمرار الشراكة مع باريس، تقف على موقفها الإيجابي من ملف الصحراء المغربية، وهو ما لا يبغيه “الإيليزيه” على الأقل في الوقت الراهن، وفي ذلك أسباب يرى محللون أنه حفاظ على العلاقات مع الجزائر، إضافة إلى الانزعاج الفرنسي من الشراكة الإستراتيجية بين المغرب وأميركا”.

 

فرنسا التي تنفي وجود أزمة بينها وبين المغرب، وتؤكد أن الشراكة بين البلدين “استثنائية”، يرد المغرب وفق ما نقلت مجلة “جون أفريك” أن الأزمة مع باريس ثابثة وأن العلاقات ليست ودية. ما يشي بأن الأزمة عميقة والهوة تتسع شيئا فشيئا بين البلدين.

 

الإيليزيه واللعب بالنار

 

وعن العلاقات المتشنجة بين فرنسا والمغرب، يقول المحلل السياسي عبدالعالي الكارح، أن باريس ما تزال تعيش على الماضي الاستعماري، وترى في المملكة “حديقتها الخلفية، وهذا أمر لم يعد مستقيما مع تطلعات المغرب صوب شركاء اقتصاديين أكثر فائدة، بمنطق الشراكة وليس بمنطق الوصاية”.

 

ويضيف المتحدث لـ”الأيام 24″ أن عمق الأزمة يتأكد من خلال زيارة للرئيس الفرنسي إلى المغرب، التي تم تأجيلها مرات عديدة بسبب الوضع المتوتر بين البلدين، بعدما كان مقررا لها أوائل عام 2023، قبل أن ترتبك العلاقات مجددا عقل اعتماد البرلمان الأوروبي لقرار غير ملزم في ما يتعلق بالوضع الحقوقي، مضيفا أن ما وقع حاليا  يعكس حقيقة سياسية واضحة داخل منظومة الحكم في فرنسا، مسجلا أن الأزمة مع المغرب تثير قلقا لدى فئات واسعة حول المصالح الفرنسية في المغرب وإفريقيا كاملة.

 

مجلة “جون أفريك” الفرنسية، سبق لها وأن أثارت الموضوع، وقالت في تقريرها  أن “الأخطاء وسوء التفاهم يتنامى بين باريس والرباط”، مضيفة أنه “في مواجهة ما تعتبره مظاهر عداء من فرنسا، لم تعد السلطات المغربية تخفي أن العودة إلى الوضع الطبيعي ستكون صعبة”.

 

وتظهر الأزمة كذلك من خلال إخضاع السلطات الجمركية بمطار “رواسي شار ديغول” الفرنسي الطائرة الخاصة “فالكون 7 إكس”، التي تعود ملكيتها لوزير الصناعة السابق، ورئيس مجموعة “سهام” مولاي حفيظ العلمي، لتفتيش دقيق، يوم 2 مارس الجاري، كما تم فحص جواز سفر الوزير السابق، لعدة مرات. ما اعتبره المحلل السياسي أنه هو استمرار فرنسي لاستراتيجية استعمال الطبقة الأمنية لأغراض سياسية واقتصادية، ولا يحدث هذا فقط على التراب الفرنسي بل يبدو هناك أحداث عدة في هذا السياق سجلت في دول إفريقية وأوروبية تعرضت فيه مصالح المغرب لمضايقات فرنسية.

 

وبرزت وفق الباحث في العلاقات الدولية، التوتر في العلاقات المغربية الفرنسية منذ نهاية 2020، تاريخ توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. إذ خلق قرار الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء من لدن الولايات المتحدة ارتجاجا في مواقف بعض دول غرب أوربا، ومنها ألمانيا واسبانيا وفرنسا، فسارعت ألمانيا إلى دعوة لانعقاد مجلس الأمن حول الموضوع، فكانت جلسة شكلية، وجاء الرد المغربي صارما دبلوماسيا وثقافيا واجتماعيا، وانتهت ألمانيا إلى الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي حلا سياسيا للنزاع الإقليمي حول الصحراء، فكان هذا الإعلان انتصارا كبيرا للدبلوماسية المغربية.

 

وأضاف أنه رغم الإشارات السياسية للمغرب تجاه فرنسا، بدا الرئيس الفرنسي شاردا فيما يجري من تطورات في المنطقة، وكان موقف السفير الفرنسي في اجتماع مجلس الأمن، أواخر أكتوبر 2022، مثيرا للاستغراب، فبعد أن صوتت فرنسا لصالح القرار، امتنع السفير الفرنسي، ولأول مرة على تفسير التصويت، وهو امتناع بطعم موقف سياسي.

 

إسبانيا..قدر السياسية والجغرافيا

 

من جهته، رأى الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، أن قضيتي سبتة ومليلية، وترسيم الحدود البحرية، ستكونان من القضايا التي سيتم التغاضي عنها وتلافي الخوض فيها، لأنهما صراعيتان ولا تحتملان حلاً قريباً أو وشيكاً، والتطرق إليهما لا يؤخر ولا يقدّم في حل هذين الملفين الشائكين.

 

وأضاف أن المملكتين دخلا مرحلة التطور الإيجابي للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد الاعتراف التاريخي للحكومة الإسبانية بالسيادة المغربية على الصحراء. مشيرا إلى أن  إمكانية تحقيق تقدّم واتفاق يرضي الطرفين، بما يخدم مصالحهما القومية، ويحقق أمن واستقرار المنطقة، على مستوى ملفات عدة، من أبرزها الملف الأمني، ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، والهجرة غير القانونية. لكنه أضاف أن هناك ملفات أخرى ذات بُعد استراتيجي، ولا تقل أهمية، يمكن أن تظل عالقة بسبب حساسيتها لكلا الطرفين، مثل وضعية مدينتي سبتة ومليلية، ومسألة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين الجارين.

 

قبل دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، كانت علاقاتها مع الجزائر تمر بأحسن أوقاتها، ففي ماي من سنة 2021، قال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الاسبانية أرناش غونزاليس لايا “في الواقع، وجهات نظرنا متقاربة لدرجة أن الوزيرة أرانشا يمكنها التحدث ليس فقط باسمي، ولكن باسم الجزائر”. لكن مباشرة بعد إعلان مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي، انقطع حبل الود بين البلدين، واستدعت الجزائر سفيرها من مدريد للتشاور، وعلقت معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون، واعتبرت أن قرار سانشيز يتنافى مع التزامات إسبانيا القانونية والأخلاقية والسياسية.

 

قرار التحول في التعاطي الإسباني مع ملف الصحراء، لم يكن بيد حكومة بيدرو سانشيز، بحسب ذات المتحدث، فالأمر يرتبط بمصالح تتجاوز الرهان السياسي أو الانتخابوي في إسبانيا، وإنما مرتبط بالمصالح القومية الداخلية، بدليل أن قرار رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بدعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء، لم يحظ بدعم حلفائه اليساريين في الحكومة، كما أن الحزب الشعبي وهو أكبر أحزاب المعارضة أعلن معارضته للقرار.

 

ووجهت هذه الأحزاب عدة استدعاءات لوزير الخارجية، ورئيس الحكومة، من أجل شرح المرحلة الجديدة في العلاقات مع المغرب، والمقابل الذي تعهد به المغرب مقابل قرار دعم مقترح الحكم الذاتي. ورغم مرور سنة كاملة على القرار، لا تزال أحزاب من المولاة والمعارضة، تصر على استدعاء رئيس الحكومة ووزير الخارجية، لشرح أسباب اتخاذ قرار الوقوف إلى جانب المغرب في ملف الصحراء.

تاريخ الخبر: 2023-03-16 15:20:57
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 61%
الأهمية: 75%

آخر الأخبار حول العالم

تفاصيل الرحلة المباشرة لنهضة بركان إلى مصر

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 00:09:14
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 80%

الركراكي في اجتماع حارق ومصيري قبل تصفيات المونديال

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 00:09:08
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 82%

العزلة السياسية تطوق شباط وزوجته في إقامتهما بتركيا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 00:08:59
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 74%

رفاق حكيمي يفشلون في بلوغ نهائي أبطال أوروبا

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 00:09:56
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

في أول خروج له.. هذا ما قاله حميد بطمة عن سجن ابنته دنيا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 00:09:05
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 72%

وزارة الداخلية تدخل على خط مغادرة بودريقة للمغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 00:09:11
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 79%

توحيد آليات العمل.. مباحثات بين الداكي ورئيس مجلس القضاء الكويتي

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 00:09:57
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية