متى تخرج موريتانيا من المنطقة الرمادية في قضية الصحراء؟


الدار : تحليل

تعوّدنا على اعتبار استقبال الرئاسة الموريتانية لممثل عن جبهة البوليساريو الانفصالية حالة استثنائية لا ترقى إلى درجة الاستفزاز أو معاكسة الوحدة الترابية للمغرب. ربما بالنظر إلى العلاقة التاريخية التي جمعت دائما بين موريتانيا وبين باقي الصحراويين سواء في المغرب أو في الجزائر أو في كل المناطق المحاذية لها. وكأن هذه العلاقة التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى بين السلطات الموريتانية وانفصاليي البوليساريو، هي علاقة قبَلية وجهوية لا أقل ولا أكثر، ولا تمثل موقفا رسميا لدولة من دول الجوار. لكن هل من المعقول الاستمرار في اعتبار هذه اللقاءات مجرد مناسبات إنسانية وليست استفزازات حقيقية لوحدتنا الترابية؟

هذا السؤال يفترض إجابة دبلوماسية خالصة. ولعلّ الظرفية الحالية التي تمر بها القضية الوطنية بعد كل التطورات الإيجابية التي عرفتها في السنوات القليلة الماضية، تستدعي من المغرب التفكير في تغيير هذا المنطق، من أجل دفع الجارة الموريتانية نحو التفاعل مع هذه التحولات التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية. لم يعد من المقبول بتاتا اعتبار مواقف موريتانيا، خارج دائرة الإساءة للوحدة الترابية للمغرب، ولحقوقه التاريخية في الأقاليم الجنوبية. بعبارة أخرى، ينبغي العمل في المستقبل القريب على تبليغ رسالة واضحة للقيادة الموريتانية بأن استمرار انفتاحها على جبهة البوليساريو الانفصالية يمثل تهديدا مباشرا لاستقرار المغرب ووحدته.

فموريتانيا ليست هي إثيوبيا أو جنوب إفريقيا. موريتانيا هي بشكل أو بآخر طرف معني مباشرة بما يحدث في أقاليمنا الجنوبية، بالنظر إلى علاقاتها التاريخية من جهة، وارتباطها الجغرافي من جهة أخرى بهذا الملف. وإذا كنا في المغرب قد تعايشنا على مدى عقود مع استفزازات الجار الشرقي، الجزائر، التي تقف وراء تذكية الانفصال وتمويله والدفاع عنه من أجل استدامة النزاع المفتعل، فإن الحالة الموريتانية ينبغي أن تتوضح أكثر. لقد كانت موريتانيا نفسها على مدى سنوات ضحية للأعمال التخريبية والإرهابية التي كانت تقوم بها الجبهة الانفصالية خلال فترة الحرب الباردة، ومن ثمة فإنها اليوم معنية أكثر من أي وقت مضى بتصفية هذا النزاع بشكل نهائي، من أجل آفاق أفضل وتعاون أوسع في العلاقات مع المغرب.

موريتانيا ليست هي الجزائر التي تتبنى رسميا أطروحة الانفصال وتسلح الجبهة الانفصالية، وتؤويها على أراضيها. ومن هنا فإن استمرارها في التموقع داخل هذه المنطقة الرمادية، غير الواضحة، لم يعد مقبولا بالنسبة لنا في المغرب. ننتظر من شريكنا في الجنوب أن يكون سباقا إلى استيعاب ما يحدث حوله، والتوقف عن الخضوع لإملاءات وضغوطات الجزائر، التي تحاول أن تحافظ على توريط نواكشوط في موقف يبدو معاديا للمغرب، من أجل ألا تظهر وحدها في ساحة المواجهة. الجزائر تريد أن تشتري الولاءات في كل أنحاء الدنيا لصالح البوليساريو، لكنها لم تعد قادرة على ذلك بعد أن أصبحت أطروحة الانفصال جزء من الماضي.

ونحن لا نريد أن تصبح موريتانيا بمواقفها أيضا جزء من الماضي الذي لا يتغير. ولأجل ذلك، يتعين على الآلة الدبلوماسية التي يقودها ناصر بوريطة، أن تعمل بكل ما تملك من إمكانات وفرص في السنوات القليلة المقبلة على تغيير هذا الواقع المستفز لوحدتنا الترابية. موريتانيا دولة حدودية محاذية لموطن النزاع، وعامل القرب هذا ينبغي أن يكون في أقرب وقت عنصرا داعما لوحدتنا الترابية، ومعطى حاسما في مواجهة استفزازات الجزائر ومكائدها. لكن هذا التغير الإيجابي لا يتوقف فقط على الإرادة الوطنية والجهد الدبلوماسي المغربي، وإنما يرتبط أيضا بمواقف القيادة الموريتانية وقدرتها على استيعاب ما يحدث حولها من تغيرات، وما يتهدد المنطقة من إكراهات أمنية لن تستثني أي طرف كان من مخاطرها في المستقبل.

تاريخ الخبر: 2023-03-19 21:26:06
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

صلاح العائد يقود ليفربول إلى الفوز على توتنهام برباعية (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 21:07:19
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 94%

مصدر رفيع المستوى: رد حماس على الورقة المصرية سيكون خلال 48 ساعة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 21:07:13
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 89%

تشيلسي يكتسح وست هام بخماسية ويتشبث بحظوظه القارية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 21:07:20
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 87%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية