شعرة وصل بـ "معاوية"!


منذ البدايات وكان اسمي محفزا على البحث والتنقيب عن أبعاد الخلاف التاريخي بين علي ومعاوية، ودافعا لاستطلاع ما تخفيه عموميات الترضي عن صُحبة الرسول الكريم، في محاولة لفهم ما يخفيه هذا الاسم من حمولة دينية وتاريخية.

ففي بداية كل عام دراسي، كان الأساتذة يتوقفون أثناء استعراض أسماء الطلاب من الكشوفات المدرسية عند اسمي دون البقية؛ لاستيضاح ملامح هذا الشخص الذي يحمل اسما موشوما ومثقلا بحمولات 14 قرنا من الخلافات المذهبية والسياسية.

توقفٌ تشرئب معه أعناق الزملاء نحوي لمشاركة الأساتذة هذا الفضول الذي سرعان ما يتحول إلى نوع من التميز عن الأقران الذين لايخرجون في الأغلب عن التسميات الشائعة بين ما حُمّد منها وعُبّد. تلك الحالة وهذا المشهد ظل يتكرر ويعيد نفسه في مواقف وذكريات مختلفة، يجمعها ذات الفضول الذي بدا أكثر وضوحا ومباشرة مع التقدم في العمر؛ حيث انضاف إليه دافع آخر يفتح الباب أمام حوارات مشرعة قابلة للتمدد والتوسع، تكون غالبا وسيلة لبدء علاقة مفتوحة على كل الاحتمالات.

أستعيد تلك التجربة مع احتدام الجدل والنقاش حول "مسلسل معاوية" الذي كشف حجم الأزمة المذهبية في عوالمنا ونجاحها في تخطي كل محاولات التقارب الديني والطائفي المبذولة طوال العقود الماضية، مؤكدا الحاجة الماسة لمراجعة استراتيجيات المراكز والجهات المهتمة بهذا الجانب، الذي يبدو مستعصيا على طرائق وتجارب الحلحلة السائدة في العصور السابقة.

ولحين إجراء تلك المراجعات تبدو الرهانات التنموية والإصلاحية من داخل المؤسسات الحكومية والتعليمية أكثر نجاعة من رومانسيات التقارب الفكري عبر ندوات ولقاءات متفرقة ومؤتمرات عبثية تتوقف منجزاتها مع بيانات الانعقاد وإعلانات التوصيات.

وفيما تستمر السجالات المصاحبة للمسلسل والمتابعة الدقيقة لتفاصيل إنتاجه يتساءل البعض عن إمكانية تقديم رواية تاريخية مجردة عن كل الحمولات الأيدلوجية تنصف الخليفة معاوية بن أبي سفيان وتستله من سياق التدافع والاحتراب المذهبي، وتعيد تقديمه في قالب مؤسس الدولة الإسلامية بمفهومها الحديث في تلك العصور، بعد أن أرسى دعائم بنائها التي ظلت متوارثة لقرون لاحقة حتى وإن تغيرت مسميات الدول المتتابعة لحكم وإدارة هذا الجزء من العالم.

إذ ليس من المنتظر أبدا من عمل درامي صناعة معجزة في التقارب الفكري والعقدي بين أرباب المذاهب المتدافعة منذ قرون، ولا في الإتيان بما لم يأتِ به الأوائل في رأب الصدع المذهبي، وغاية ما يمكن الوصول إليه من عمل نوعي كهذا، إنصاف شخصية معاوية بن أبي سفيان، وإبراز جهوده في تأسيس الدولة وترسيم وجودها بعد الخروج بالكيان العربي والإسلامي من مأزق التشظي والاحتراب في ظرفية دقيقة كادت أن تعصف بهذا الوجود وهو لايزال قيد التشكل والاكتمال.

وعلى قاعدة يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، تبدو اتفاقية استئناف العلاقات السعودية الإيرانية فرصة سانحة لتضمين الجوانب الثقافية والفكرية في بنودها كما الحال مع الجوانب الإعلامية التي فرضت نفسها من بين نقاط الخلاف التي تستوجب حلا بطريقة ما؛ للتخفيف من حدة أوار التراشق بين الجانبين.

تاريخ الخبر: 2023-03-21 09:18:57
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 94%
الأهمية: 99%

آخر الأخبار حول العالم

إبادة جماعية على الطريقة اليهودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:06:57
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

تعليق الدارسة وتأجيل الاختبارات في جامعة جدة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:23:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال ن

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:01
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

ما خسائر قطاع النقل والمواصلات نتيجة الحرب في غزة؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية