خريطة درامية مزجت عناصرها بعناية شديدة، ورسمت خطوطها العريضة وفق استراتيجية واضحة تضع ذائقة المشاهد على قائمة أولوياتها، رفعت بها سقف التحدى إلى أعلى مدى خلال موسم الدراما الرمضانية 2023، بعد ما كشفت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن خطتها الدرامية خلال الموسم الأبرز تحت شعار «شهر الفرحة».

والذى يشارك به 18 عملاً درامياً تتنوع ما بين الأعمال التاريخية، والتاريخية الدينية، ودراما الصعيد، والكوميديا، والدراما الاجتماعية، بالإضافة إلى الدراما المأخوذة عن أصل روائى، وأخرى من أعماق المجتمع المصرى، بخلاف الدراما الوطنية التى عادت خلال السنوات الأخيرة لتصبح وجبة أساسية على المائدة الدرامية فى رمضان، ضمن خطتها فى معركة الوعى بمحاربة الفكر بالفكر.

«الكتيبة 101» مفاجأة.. ونجاح «الاختيار» حمَّس أطراف الصناعة للتركيز على تقديم الأعمال الوطنية

ولا يقتصر الرهان فى الموسم الحالى على النجوم فى التمثيل فقط، بل يصل لجميع العناصر المهمة فى صناعة الدراما، بداية من الديكور، الملابس، المكياج، المؤثرات البصرية، التصوير، وصولاً إلى الكتابة والإخراج، يكشف الكاتب يسرى الفخرانى، رئيس المحتوى الدرامى بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عن ملامح الموسم الرمضانى 2023، وبداية العمل عليه.

متى بدأ الإعداد للموسم الرمضانى 2023؟

- بدأنا الإعداد له من قبل انتهاء رمضان 2022، حيث ظهرت ملامح بعض الأعمال والتى وجدنا أنها مناسبة للعرض فى الموسم القادم، وهو أمر يحسب للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فليس من السهل الاستقرار على ملامح موسم بين ليلة وضحاها.

كيف ترى ملامح الموسم الدرامى الرمضانى وتنوعه؟

- الموسم متنوع بشكل كبير ما بين الكوميدى واللايت كوميدى، والدراما الاجتماعية، والتاريخية، والدينية، والوطنية، فهناك كثافة وتنوع فى الأعمال لتناسب الأذواق باختلافها، ويغلب على الموسم الحالى البطولات الجماعية، على سبيل المثال نيللى كريم فى بطولة «عملة نادرة» وبجانبها أساتذة كبار، محمد رمضان فى «جعفر العمدة» وبجانبه مجموعة كبيرة من الفنانين الكبار، وخلال الأحداث لا نرى قصة البطل فقط، بل هناك قصص أخرى متوازية.

تعرض المتحدة للخدمات الإعلامية 17 مسلسلاً عبر شاشاتها، فما عدد المنتجين الذين تعاونت معهم هذا العام؟

- المسلسلات إنتاج مشترك بين «المتحدة» وشركات الإنتاج، فخارج الموسم الرمضانى نعمل مع ما يقرب من 22 شركة، وفى الموسم الرمضانى 2023 تعاونا مع 6 شركات إنتاج هى: «سينرجى»، «العدل جروب»، «ميديا هب»، «فنون مصر»، «أروما»، بالإضافة إلى المنتج أحمد السبكى.

ما الاختلاف بين العمل فى الموسم الدرامى على مدار العام والموسم الرمضانى؟

- الموسم خارج رمضان له آليات وخطة واستراتيجية مختلفة تماماً، أما موسم رمضان فقائم بشكل كبير على النجوم الذين يرغب المشاهد فى وجودهم عبر شاشاتنا مثل يسرا، نيللى كريم، محمد رمضان، خالد النبوى، ويتم اختيار الموضوع المناسب للنجم، وبالتالى هو موسم له شكل خاص فى التعامل معه، ومختلف تماماً عن آليات التعامل مع المواسم الأخرى، ومن أبرز ملامح الموسم الجديد وجود أكثر من مسلسل من نوعية الـ15 حلقة من بطولة كبار النجوم.

ولكنها المرة الأولى التى يوجد فيها هذا العدد من المسلسلات القصيرة فى موسم واحد؟

- «المتحدة» لديها استراتيجية تعمل من خلالها، لا يوجد شىء من قبيل الصدفة، كنا نرغب فى أن يكون لدينا تنويع فى الموضوعات والنجوم والمؤلفين والمخرجين، وهو ما يخلق حالة تنافس عظيمة، عندما تقدم منى زكى مسلسلاً 15 حلقة، وأمامها دنيا سمير غانم بمسلسل 15 حلقة، وعلى الرغم من أن كل عمل هو نوع درامى مختلف، فإن هناك منافسة لطيفة بين نجمتين كبيرتين، أو عندما يكون طارق لطفى أمام ياسر جلال، فى النهاية يكون لدينا تنويع كبير فى الموضوعات وفرق العمل.

ولماذا قررت «المتحدة» تقديم هذا العدد من المسلسلات القصيرة؟

- قد يظن البعض أن تكلفة مسلسلات الـ15 حلقة أقل من تكلفة المسلسلات الطويلة، فتكلفة الديكور واحدة إذا تم التصوير فيه أسبوعاً أو شهراً، كل التفاصيل تكون فى إطار ميزانية واحدة، ولكن لماذا نفعل ذلك؟ لأننا نرغب فى الدفع بعدد كبير من الأفراد إلى العمل، ولكن إذا قدمنا 4 مسلسلات طويلة بدلاً من 8 مسلسلات قصيرة سنفقد بذلك 4 فرق عمل كاملة، بخلاف حالة الزخم التى يخلقها وجود هذا الكم من المسلسلات.

لماذا لجأت الشركة المتحدة للأعمال الدرامية المأخوذة عن أعمال روائية؟

- بالفعل لدينا هذا العام روايتان تم تحويلهما لدراما تليفزيونية، وهما عملان مختلفان تماماً؛ الأول «مذكرات زوج» للكاتب الساخر أحمد بهجت، وهو مسلسل اجتماعى كوميدى من 15 حلقة بطولة الفنان طارق لطفى وإخراج تامر نادى، و«سره الباتع» للكاتب الكبير يوسف إدريس، تم تحويلها لمسلسل 30 حلقة من إخراج خالد يوسف وبطولة مجموعة كبيرة من الفنانين، وهو أمر مشجع لمشاهدة أعمال «متعوب عليها» وتمثل عودة مهمة جداً للروايات، ولدينا خطة لاستعادة أقلام الروائيين سواء القدامى أو الجدد فى أعمال درامية سواء داخل أو خارج الموسم الرمضانى، ونخطط ليكون فى موسم 2024 أكثر من عمل عن أصل روائى.

خالد يوسف يقدم سينما فى «سره الباتع» وأفتخر بصناعة الدراما لما تشهده من تطور

يعتبر مسلسل «سره الباتع» تجربة الإخراج التليفزيونى الأولى للمخرج خالد يوسف، كيف تجدها؟

- خالد يوسف يقدم عملاً سينمائياً فى دراما تليفزيونية فى «سره الباتع»، بداية من الكتابة، الكادرات، المونتاج والموسيقى، وغيرها من تفاصيل العمل الفنى، خاصة أن المسلسل يدور فى زمنين؛ الأول فترة الحملة الفرنسية على مصر، والثانى فى وقتنا الحاضر.

بخلاف خالد يوسف، هناك عدد من الأسماء المهمة فى الإخراج هذا العام.

- نعم، أطلق على الموسم الرمضانى 2023 «عام المخرجين»، عادل أديب مخرج تفاصيل رائع فى «حضرة العمدة»، تامر نادى فى «مذكرات زوج»، مصطفى فكرى، إسلام خيرى، مخرج مجتهد، ماندو العدل فى أفضل حالاته فى «عملة نادرة»، وحسين المنباوى فى «سوق الكانتو»، محمد شاكر خضير فى «تحت الوصاية» والقائمة طويلة، فهناك مذاقات ومدارس إخراجية مختلفة، وأتمنى أن يركز الجمهور فى عمل كل مخرج من رواد تلك الأعمال لأنهم يقدمون أداءً رائعاً فى إدارة جميع عناصر العمل: الكادرات، المونتاج، الموسيقى، بالإضافة إلى أداء الممثلين.

يشهد الموسم الحالى أيضاً عودة الدراما الدينية من خلال مسلسل «رسالة الإمام»، كيف بدأ العمل على التجربة؟

- «رسالة الإمام» من التجارب المهمة والضخمة خلال الموسم الرمضانى، ويتناول المسلسل الفترة التى قضاها الإمام الشافعى فى مصر، وأعتقد أن خالد النبوى سيفاجئ الجمهور هذا العام، حيث اهتم بأدق التفاصيل فى أداء الشخصية، كما تم بناء ديكورات جديدة للمسلسل داخل مدينة الإنتاج الإعلامى.

كشفت الصور الأولى للمسلسلات عن تطور واضح فى الملابس والديكور فى عدد من الأعمال، كيف ترى الأمر؟

- الصناعة تتعافى وتتطور بشكل كبير عاماً بعد الآخر، لدينا مهندسو ديكور ومصممو أزياء رائعون سواء فى جيل الكبار أو الشباب، حتى المؤثرات المرئية، فكنت أشعر بالقلق من وجود جرافيك فى الأعمال الدرامية، ولكن فى الأعمال الدرامية الجديدة تم تنفيذها على مستوى تقنى محترف فى «سوق الكانتو»، وفى «جت سليمة»، الذى يحكى قصصاً فى أزمنة مختلفة، قد يرى البعض أن الأهم هو الممثل أو المخرج، ولكن بالعكس كلها عناصر مهمة يجب أن تتكامل معاً، حتى يحدث تطور فى الصناعة كلها.

تواصل «المتحدة» دورها فى تقديم الدراما الوطنية هذا العام من خلال مسلسل «الكتيبة 101»، ما تفاصيل العمل؟

- المسلسل سيكون مفاجأة للجمهور، وسيحقق صدى كبيراً وقت عرضه، وفى تقديرى ارتباط الأجيال الجديدة بالجزء الأول من مسلسل «الاختيار» هو الذى حمَّس كل أطراف الصناعة للتركيز على هذا النوع من الأعمال الوطنية، حيث ارتبطت كل الطبقات الاجتماعية والعمرية بالعمل، وكانت بمثابة عودة جميلة للأعمال الوطنية.

للمرة الأولى هذا العام تقدم منصة «Watch IT» مسلسلاً حصرياً على شبكتها فقط، لماذا لن يعرض على الشاشات؟

- تقدم المنصة مسلسل «كشف مستعجل»، المكون من 15 حلقة، حصرياً على شاشتها ضمن أعمالها الأصلية، بالإضافة إلى عدد من البرامج الحصرية، أوجه التحية لنشوى جاد، رئيس مجلس إدارة «Watch IT»، وفريقها، فهم يفاجئوننى بمجموعة مشاريع جيدة، قدمنا «ريفو» العام الماضى ونعمل على الجزء الثانى، ومسلسل «بالطو»، وأنا فخور بما قدموه حتى الآن. وأستطيع القول إن المنصة تنافس أى منصة فى المنطقة سواء بأعمالها الأصلية أو الأعمال المعروضة عليها، وفى إطار انتمائنا لكيان واحد، منحت «المتحدة» المنصة ميزة أن تعرض حلقات بعض الأعمال الدرامية المهمة على المنصة مبكراً قبل موعد عرضها على التليفزيون.

حقق مسلسل الرسوم المتحركة «يحيى وكنوز» نجاحاً كبيراً العام الماضى، هل «المتحدة» بصدد تقديم عمل جديد للأطفال هذا العام؟

- نقدم فى الموسم الرمضانى الجزء الثانى من «يحيى وكنوز» وهو أكثر نضجاً من الجزء الأول، ويشارك فى الأداء الصوتى للشخصيات عدد كبير من النجوم.

فى السنوات الأخيرة نجحت «المتحدة» فى إعادة الاعتبار للنص الدرامى، كيف تم ذلك؟

- «المتحدة» تعتمد بشكل أساسى على تنوع النصوص وهو ما ساعد على وجود هذا الكم من البطولات الجماعية هذا العام، فدون نص جيد يتوافق الجميع عليه لن نستطيع جمع كل هؤلاء النجوم فى عمل واحد، فى السابق كان النجم هو البطل الأوحد، وبالتالى يختار النص الذى يجد نفسه به والذى كان يتم تفصيل العمل على مقاسه، ولكن حالياً الأمر مختلف؛ يأتى النص أولاً ثم النجم، فهو أمر لا يقبل التنازل بالنسبة لنا.

وهل كان جزء من استراتيجية «المتحدة» إنهاء مشاهد البلطجة والمخدرات فى الدراما المصرية؟

- هذا لا يعنى أننا لن نقدم دراما الحارة أو الأعمال التى تناقش قضايا المخدرات والإدمان، ولكن الأهم هو كيفية تقديمها، فى فترة ما كان يتم تقديم الحارة المليئة بالبلطجية ولا يوجد بها شخص سوى، وكانت الأعمال لا تناقش قضايا المخدرات، ولكن كيف يتناولون المخدرات، ونحن بعد رمضان لدينا مسلسل كامل يتناول قضية الإدمان، وهو بمثابة مرآة كيف ترى نفسك وعائلتك وأبناءك، ونحن نعمل على هذا المشروع منذ ما يقرب من عام كامل.

ولماذا استغرق العمل على هذا المسلسل كل هذه الفترة؟

- نعمل على تطوير النص، فالنص الميت لا يقبل التطوير، ولكن النص الحى هو الذى يقبل التطوير، وهو جزء مهم جداً من الاختيارات، وتلك النصوص هى القادرة على تقديم دراما حقيقية، فعندما أرغب فى تقديم عمل عن المخدرات يكون الهدف بالنسبة لى الشباب، وبالتالى نفكر ما الصورة التى سنقدم من خلالها العمل مباشرة وأن يكون مليئاً بالإثارة، فهو فى النهاية عمل درامى يجب أن يجذب المشاهد، ونصل إلى التركيبة المرضية، ولدينا عدد من المشروعات الدرامية المهمة التى نبدأ تقديمها بعد انتهاء الموسم الرمضانى.

حديثك يعكس وجود نوع إدارة واضح للأفكار خلف الأعمال الدرامية؟

- مهمتنا ليست اختيار نص، ولكننا نصنع مشاريع، وهناك فرق كبير بين الأمرين، نختار القضايا التى نرغب فى تقديمها، ونعمل على معالجات حتى نصل للشكل المرضى بالنسبة لنا، وبالطبع الأمر يستغرق وقتاً، على سبيل المثال مسلسل «فى كل أسبوع حكاية» من التجارب المهمة جداً لأن تلك الحلقات ناقشت قضايا متنوعة، بمؤلفين ومخرجين وفريق عمل مختلف، وساعدت فى الدفع بممثلين إلى الصفوف الأولى، والتجربة كانت مفيدة وقدمت لنا مخرجين ومؤلفين أظن أنهم سيكونون موجودين على الساحة فى أعمال كبيرة الفترة المقبلة.

هوليوود الشرق

نحن هوليوود الشرق، ويجب أن نفتخر بصناعة الدراما المصرية، لأنها صناعة مهمة بكل أدواتها، من أصغر إلى أكبر شخص فيها، من مساعد الإضاءة إلى المخرجين ومساعديهم، لدينا كنز حقيقى وكبير، وهو ما يجعل الاستثمار بها مهماً. عندما شيدنا ديكورات لمسلسلات «رسالة الإمام» و«حضرة العمدة»، و«سوق الكانتو» وغيرها من الأعمال، كانت لدينا ثقة أنه طالما أن الصناعة قوية نستطيع الاستثمار فيها ونحن مطمئنون، فالصناعة لديها مستقبل مهم كما كان لها ماضٍ عريق، وبالفعل لدينا كنوز وأفخر بكل شخص فى هذه الصناعة.