صدر مؤخرًا عن المجلس الأعلى للثقافة كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" لعميد الأدب العربي طه حسين، وبتقديم  وزير الثقافة الأسبق الدكتورعماد أبوغازي، وذلك بمناسبة الذكرى الـ50 لرحيل طه حسين ومرور 85 عامًا على صدور الطبعة الأولى من هذا الكتاب.

يقول الدكتور عماد أبوغازي عبر مقدمته "إذا كان أبناء جيلي لم يعاصروا صدور الكتاب وما أثاره من معارك فكرية حينها، إلا أن أصداء هذه المعارك ما زالت تتردد إلى يومنا هذا وترتفع وتيرتها مع كل طبعة جديدة من طبعات الكتاب.

لقد استحضرنا الكتاب عند المنعطفات المهمة واللحظات الحرجة في تاريخنا، ففي عام 1922، وفي مواجهة موجة الإرهاب التي شهدتها مصر، صدرت طبعة مصورة عن الطبعة الأولى للكتاب، وفي عام 1966 صدرت طبعة ثانية من الكتاب بمناسبة اقتراب الذكرى الستين لصدور طبعته الأولى، وفي أعقاب ثورة 25 يناير صدرت عدة طبعات للكتاب، والآن ومع اقتراب الذكرى الخمسين لرحيل العميد اختار المجلس الأعلى إصدار "مستقبل الثقافة في مصر" ليفتتح به الاحتفاء بالذكرى.

يشير أبوغازي إلى أن كثيرًا من القضايا التي طرحها طه حسين في كتابه ما زالت مطروحة للنقاش، وبعض المشكلات التي تعرض لها وقدم تصوراته لحلولها عالقة إلى الآن لم تجد لها حلًا، فالكتاب رغم مرور كل هذه السنوات ما زال مثيرًا للنقاش، ليس فقط باعتباره علامة من علامات تاريخ الفكر والثقافة في مصر، بل كذلك لأن القضايا التي طرحها ما زالت حية إلى الآن.

يؤكد أبوغازي أن الكتاب من الأعمال الأساسية التي اهتمت بوضع تصور واضح ومتكامل لخطة التكوين المعرفي للإنسان المصري، ويسبقه في هذا المجال كتاب رفاعة رافع الطهطاوي "المرشد الأمين للبنات والبنين"، والذي صدرت طبعته الأولى في عام 1875 بعد وفاة مؤلفة بعامين. 

وأشار أبوغازي إلى أنه بعد صدور كتاب طه حسين بحوالي خمسة وخمسين عامًا أصدر تلميذة سليمان حزين الجغرافي والمفكر المصري البارز كتاب "مستقبل الثقافة في مصر العربية" الذي صدرت طبعته الأولى عام 1944 في وقت تجدد فيه الحديث عن مشكلات منظومة التعليم في مصر.

وأكد أبوغازي أنه يمكن اعتبار كتاب طه حسين الذي صدر سنة 1938 "مستقبل الثقافة في مصر" من أقدم الخطط المستقبلية على المستوى القطاعي، رغم أنه لم يكن يشغل موقع المسئولية التنفيذية.

ولفت أبوغازي إلى أن طه حسين نجح في أن يقدم خطته المستقبلية والتي سعى إلى تنفيذ بعضها عندما تولى منصب وزير المعارف العمومية  في حكومة الوفد الأخيرة 12 يناير 1950.

ولفت أبوغازي إلى أن كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" ناقش العديد من القضايا ومنها  قضية الهوية في وقت كانت مصر قد انسلخت حديثًا انسلاخًا كاملًا من التتار العثماني، واستكملت بناء هويتها القومية المصرية بعد ثورة 1919.

وأشار أبوغازي إلى أن طه حسين يرى أن مستقبل الثقافة بمصر مرتبط بماضيها البعيد وحاضرها القريب، ويدعونا لفهم حقيقة ماضينا وحاضرنا، ومن هنا طرح سؤاله الأساسي مصر من الشرق أم من الغرب؟.