«الاحتياطي الفيدرالي» عالق في فجوة عميقة | صحيفة الاقتصادية


سارع عديد من المعلقين إلى تبني وجهة النظر القائلة إن سياسات الاحتياطي الفيدرالي هي الآن في عالم جديد، في أعقاب الفشل المفاجئ لثلاثة بنوك أمريكية واستخدام "البازوكا" لحماية النظام المالي.
لكن على أرض الواقع تمثل التطورات تضخيما لورطة أطول أمدا. فقد وضعت الاحتياطي الفيدرالي في فجوة سياسية أعمق، وجعلت قرار هذا الأسبوع بشأن أسعار الفائدة مهما بشكل خاص.
إخفاقات بنك وادي السيليكون، وسيجنتشر بنك، وسيلفرجيت عكست سوء الإدارة في كل من الشركات الثلاث، كما عكست أوجه قصور تتعلق بالإشراف وأجبرت الاحتياطي الفيدرالي ووزارة العدل ولجنة الأوراق المالية والبورصات على بدء تحقيقات. إلى جانب ذلك سينظر الاحتياطي الفيدرالي الآن في تعزيز لوائح البنوك متوسطة الحجم. لكن هذا ليس سوى جزء من القصة.
كانت حالات الفشل أيضا انعكاسا للتحول الخاطئ في نظام أسعار الفائدة في البلاد. فبعد السماح للشروط المالية بأن تكون فضفاضة للغاية لفترة طويلة جدا، ضغط بنك الاحتياطي الفيدرالي على المكابح فقط بعد وصف خاطئ مطول ومدمر للتضخم بأنه عابر.
لا ينبغي أن نفاجأ بأن هذا قد تسلل إلى بعض المؤسسات، وهناك الآن خطر حدوث تشديد عام لمعايير الإقراض نتيجة لذلك. هذا على الرغم من حقيقة أنه بعد انهيار بنك وادي السيليكون، سارع الاحتياطي الفيدرالي لفتح نافذة تمويل جذابة تسمح للبنوك بالحصول على نقود بالقيمة الاسمية مقابل أوراق مالية عالية الجودة تقل قيمتها عن تلك الموجودة في السوق المفتوحة.
الآن الاحتياطي الفيدرالي يواجه معضلة ثلاثية مكثفة، كيفية خفض التضخم بالتزامن مع الحفاظ على الاستقرار المالي وتقليل الضرر الذي يلحق بالنمو والوظائف. نظرا إلى أن مخاوف الاستقرار المالي تتعارض ظاهريا مع الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية لتقليل التضخم المرتفع، فإن هذا وضع يعقد عملية صنع القرارات السياسية.
لقد تحول احتساب السوق لإجراءات السياسة النقدية هذا الأسبوع من احتمال بنسبة 70 في المائة أن يتم رفع أسعار الفائدة 0.5 نقطة مئوية قبل أقل من أسبوعين، إلى عدم زيادتها، على أن تلي ذلك تخفيضات كبيرة. يأتي هذا على الرغم من تسارع التضخم الأساسي وشهر آخر من إيجاد فرص عمل أمريكية أفضل من المتوقع. هذا المأزق يؤكد مرة أخرى المخاطر التي تشكلها هيمنة القطاع المالي.
لن أفاجأ إذا ما تم إغراء الاحتياطي الفيدرالي بالخداع، والاختباء مرة أخرى خلف حجاب "موثوقية البيانات". مع ذلك، ليس من السهل الإقدام على ذلك الآن لأن هذا النهج يؤدي إلى خيارين متعارضين، إما الاستجابة للبيانات الاقتصادية الساخنة عبر رفع أسعار الفائدة 0.25 نقطة مئوية، وإما الاستجابة لبيانات السوق بالإبقاء عليها دون تغيير أو خفضها.
لسوء الحظ عملية صنع القرار في الاحتياطي الفيدرالي، خلال الأعوام القليلة الماضية، تشير إلى أنه يمكن أن يختار حلا وسطا، معتقدا أنه سيبقي خيارات سياسته مفتوحة في وقت متقلب ومبهم بشكل خاص. سيترك أسعار الفائدة دون تغيير وسيرفق ذلك مع توجيهات سياسة مستقبلية تشير إلى أن هذا "توقف مؤقت" وليس نهاية دورة الزيادة.
لكن هذا لن يثبت أنه تنازل فعال. بدلا من ذلك، ستزداد المعضلة الثلاثية عمقا مع ضعف آفاق النمو جراء تشديد معايير الإقراض، وتزيد نقاط الضعف في البنوك والشركات المالية الأخرى من خطر الاستقرار المالي، ويصبح التضخم أكثر ثباتا.
الحل الوسط، المشوش، لن يوفر للولايات المتحدة مرساة السياسة النقدية التي تفتقر إليها بشدة وتحتاج إليها بشكل عاجل. عوضا عن ذلك، سينشئ مزيدا من التقلبات في السياسات التي تفشل في تحقيق هبوط سلس، مع تضخيم التقلبات المالية المقلقة.
كل هذا يؤدي إلى أولويتين للسياسة، في المدى القصير، ينبغي للاحتياطي الفيدرالي أن يحذو حذو البنك المركزي الأوروبي في الإبلاغ بوضوح عن مخاطر استخدام السياسة النقدية لأهداف متعددة ومتنافسة، وإبراز تمايز أدوات سياسته بدلا من الخلط بينها. كما ينبغي أن يرفع سعر الفائدة 0.25 نقطة مئوية "هذا أقل من رفعه 0.5 نقطة من جانب البنك المركزي الأوروبي".
في المدى الطويل من المهم، كما جادلت في مقال سابق، معالجة نقاط الضعف الهيكلية للاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك ضعف المساءلة والافتقار إلى التنوع المعرفي. نقاط الضعف هذه بحاجة إلى إعادة صياغة "الإطار النقدي الجديد" الذي تم اعتماده في 2020، والنظر في حالة تغيير هدف التضخم البالغ 2 في المائة ليعكس المحور الهيكلي من عالم لا يكفي فيه الطلب الكلي إلى عالم يعاني نقص العرض.
هذا ليس بالأمر السهل على الاحتياطي الفيدرالي، لكنه أفضل بكثير من أجل رفاهية أمريكا. من المؤكد أن البديل المتمثل في الاستمرار في نهج السياسات الحالية يفشل في تحقيق معدلات تضخم منخفضة، وأقصى قدر من التوظيف، واستقرار مالي. ومن شأن ذلك أن يزيد الضغط السياسي على استقلالية عمل الاحتياطي الفيدرالي.

*رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج

تاريخ الخبر: 2023-03-22 21:23:07
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 30%
الأهمية: 45%

آخر الأخبار حول العالم

سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 17-5-2024 في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:20:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١٧)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:21:27
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

بعائد يصل لـ28.25%.. تفاصيل أعلى 5 شهادات متغيرة في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:20:56
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية