فتية «سلاحهم» الحجارة والعصى للدفاع عن قسم «النساء المهاجرات» في الهول


بعد 4 سنوات على هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي والقضاء على سيطرته الجغرافية والعسكرية شرق الفرات؛ ماذا حل بعائلات أفراده الذين قُتلوا أو أُسروا؟

«الشرق الأوسط» سعت إلى تسليط الضوء على هذه القضية، من خلال زيارة قامت بها إلى القسم الخاص بـ«النساء المهاجرات» في «مخيم الهول» الذي يقع أقصى شرق محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا. في اليوم الأول من الزيارة، فشل موفد الجريدة والمصور المرافق له في إكمال جولتهما بعد هجوم شنه فتية وأطفال بالحجارة والعصي، حيث مُنع فريق «الشرق الأوسط» من التصوير أو إجراء مقابلات والتحدث إلى النساء القاطنات في «قسم المهاجرات».

لأكثر من ساعتين؛ بقي الفتية اليافعون والأطفال متجمهرين على مسافة قريبة من الفريق الإعلامي، وكلما أُخرجت الكاميرات لالتقاط الصور ومحاولة الاقتراب أكثر من الخيام كانت تلك المجموعة تلقي الحجارة وتركض نحو المصور لمنعه من العمل؛ مما أجبر الفريق على التوقف والانسحاب ثم العودة في اليوم الثاني.

في اليوم التالي، وعند اجتياز البوابة الرئيسية للمخيم؛ التي كان يقف على جانبيها عشرات العناصر من قوى الأمن الداخلي مدججين بالأسلحة والهراوات، إلى جانب انتشار كثيف للسيارات العسكرية المصفحة تحسباً لأي هجمات أو اعتداءات من داخل القسم، لاحظ الفريق الإعلامي كثرة وجود الأطفال، وبأعمار متفاوتة مختلفة. لكن الغريب، واللافت للنظر، كان وجود أطفال صغار السن تُقدر أعمار بعضهم بما بين عامين وثلاثة أعوام، كانوا يلعبون بصحبة آخرين، أو يمشون برفقة أمهاتهم.

أوقف موفد الجريدة أحد الصبية وسأله عن عمر أخيه الصغير الذي كان بصحبته، ليكون الجواب أن عمره نحو 3 سنوات، لتأتي والدتهما المتشحة بالسواد مسرعة وتسحب طفليها، قائلة بغضب وبنبرة صوت مرتفعة إن ولدها عمره 4 سنوات ونصف السنة. وبعملية حسابية بسيطة: انتهت معركة الباغوز في 23 مارس (آذار) 2019، وإذا كانت هذه المرأة حاملاً بالفعل من زوجها فيجب أن يكون عمر طفلها اليوم بحدود 4 سنوات ونصف السنة، لكن الواقع أن هذا الطفل بدا بالكاد وكأن عمره لا يتجاوز عامين وفق ما أوحت ملامحه وخطوات مشيه وطول قامته.

في زاوية ثانية من المخيم، وقف طفل ملامحه روسية - قوقازية؛ شعر أشقر اللون... عينان زرقاوان، كان يلعب مع والدته التي تحدثت العربية الفصحى بكلمات مبعثرة. وعند سؤالها عن عمر طفلها، قالت إن عمره 3 سنوات ونصف السنة، وهذا يعني أنها كانت حاملاً من زوجها وفي الأشهر الأخيرة من حملها خلال معركة الباغوز. وبعد مجيئها إلى «مخيم الهول»، ولدت ابنها بالفعل هناك. وهذه الحال تنطبق على عشرات الحالات التي شاهدها موفد «الشرق الأوسط» الذي تحدث مع أمهات وزوجات عناصر التنظيم اللاتي تكتمن على أعمار أبنائهنّ، رغم أن ملامح الأطفال كانت أصغر بكثير من الأعمار التي أفصح عنها بعض الأمهات.

وتقول إدارة «مخيم الهول» إنه يقطن في هذا القسم شديد الحراسة نحو 7700 شخص؛ 90 في المائة منهم من الأطفال. وتشكو الإدارة من صعوبة الوصول إلى معلومات دقيقة عن أعداد النساء اللاتي لديهن أطفال صغار وتحديد أعمارهم. وهذا القسم يؤوي نساءً وأطفالاً لرجال أجانب جاءوا من آلاف الكيلومترات للالتحاق بصفوف «داعش»، وقد قُتل كثيرون منهم، ومَن بقي على قيد الحياة يقبع في السجون والمحتجزات التي تديرها «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» وقوات التحالف الدولي، في انتظار ترحيلهم أو مقاضاتهم بعد رفض معظم الحكومات الأجنبية استعادة رعاياها.

خلال الجولة، تحدث موظف مدني (بشرط عدم ذكر اسمه أو صفته لأنه يدخل القسم بشكل يومي منتظم ويتجول بين الخيام) عن مشاهدته حفاضات حديثة لمواليد جدد بالقرب من حاويات القمامة أو عند الأسوار. وأوضح أن عمال النظافة أخبروه بأنهم يجمعون في بعض الأحيان أكياساً بداخلها حفاضات، وأغراضاً أخرى، تشير إلى وجود أطفال صغار وُلِدوا حديثاً في هذا القسم. وإذا كان هذا الكلام صحيحاً، فإنه يؤكد المعلومات التي تتحدث عن زواجات تتم داخل المخيم لفتية بمجرد بلوغهم، ما يعني أنهم الآباء للجيل الجديد من «الدواعش» الذين يولدون في الأسر.

وفي هذا الإطار، شددت مسؤولة أمنية بارزة في جهاز مكافحة الإرهاب التابع لـ«وحدات حماية المرأة»، طلبت عدم الإفصاح عن اسمها لأنها تعمل على حماية هذا القسم، على أن قضية إنجاب الأطفال ووجود حديثي الولادة في هذا القسم اكتُشفت بعد الحملة الأمنية الأخيرة التي أطلقتها القوات الأمنية، صيف العام الماضي.

وتضيف قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفنا أن كثيراً من الأمهات يقمن بإخفاء أبنائهنّ وقد بلغوا سن 12 سنة وبعضهم 13 سنة، وهو العمر الذي يجب فيه نقل الطفل من المخيم إلى مراكز التأهيل التي افتتحتها (الإدارة الذاتية) لحماية هؤلاء». وتوضح أن هؤلاء الأطفال باتوا بالغين وبإمكانهم الزواج وإنجاب الأطفال.


الباغوز لنفض «غبار الحرب» بعد 4 سنوات على هزيمة «داعش»

شهادات ناجين من قبضة «داعش»


 5 مقابر جماعية في الباغوز


مديرة مخيم الهول لـ «الشرق الأوسط» : تفكيكه يحتاج إلى سنوات... وهو الأخطر في العالم


 «لا شواهد» لقبور اللاجئين العراقيين


تاريخ الخبر: 2023-03-23 21:25:26
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 81%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

محامي التازي: موكلي كشف أمام المحكمة أشياء كانت غائبة عنا جميعا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 21:26:18
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

محامي التازي: موكلي كشف أمام المحكمة أشياء كانت غائبة عنا جميعا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 21:26:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية