المغرب بلد ذو سيادة.. جملة تجرح كبرياء المستعمر


الرسالة القوية التي أطلقها الصحافي ذو الأصول المغربية رشيد لمباركي من قلب البرلمان الفرنسي ليؤكد أن المغرب بلد ذو سيادة ولا يحتاج لمن يدافع عنه، مؤلمة وجارحة لكبرياء ماكرون المسحول هذه الأيام بسبب الإخفاقات الاجتماعية الداخلية، والهزائم الخارجية على الساحة الأوربية والدولية، في وقت تواصل فيه المخابرات والأجهزة الفرنسية استفزاز مشاعر الأفارقة والدول الصديقة بسياساتها المتجاهلة للواقع الجديد الذي يتشكل اليوم. فعلى الرغم من كل هذه العلامات التي تؤكد ضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة في العلاقات بين فرنسا وشركائها في الخارج، ومن بينهم المغرب، إلا أن السمة الغالبة على نظام الرئيس إيمانويل ماكرون هي الإصرار على الابتزاز والاستفزاز.

هل يستحق حديث رشيد لمباركي عن الصحراء المغربية وتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية استنطاقه في لجنة برلمانية؟ هذا وحده مشهد يؤكد أننا أمام حالة من الارتباك والقلق بل والخوف، الذي يمتد إلى أوصال هذا النظام المتعجرف، في الوقت الذي كان المغرب ينتظر فيه من السلطات الفرنسية أن تبادر إلى اتخاذ موقف جريء وشجاع فيما يخص ملف الوحدة الترابية للمغرب، وتنخرط في الدينامية التي يعرفها هذا الملف على غرار ما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، من خلال إعلانات ومواقف صريحة تنهي الغموض والالتباس. هل تحاول فرنسا إذا من خلال مساءلة رشيد لمباركي وطرح ما تسميه “التدخل الخارجي” في الإعلام الفرنسي التهرب من هذه المسؤولية؟

هذا ما يتضح من الرد المستفز أيضا الذي عبر عنه البرلماني الفرنسي الذي عقب على كلام رشيد لمباركي. لم يقبل أن يسمع هذه الجملة: “المغرب بلد ذو سيادة لا يحتاج إلى من يدافع عنه”. لقد لمس هذا الكلام وترا حساسا في العقلية الاستعمارية الفرنسية التي لا تزال تهيمن على تفكير ومنطق الكثير من النخب السياسية الفرنسية، وخصوصا في مراكز التشريع والقرار. ما العيب في أن يقول لمباركي أن “المغرب بلد ذو سيادة” هل هذه أيضا تهمة يجب أن يحاسب عليها بعد تهمة تصريحه بأن الصحراء مغربية؟ من الواضح إذاً أن الاستفزاز الذي تابعناه على الهواء نهج مقصود وهادف، يؤكد بالملموس أن دار فرنسا على حالها وأن النظرة الاستعمارية القديمة لا تزال تسري في دماء من أوكلت لهم الأمور.

لقد كان المغرب يراهن على أن تدخل العلاقات مع فرنسا مرحلة جديدة من التطوير والتعاون، وتعميق الشراكات القائمة، واستثمار العلاقات التاريخية من أجل مستقبل أفضل، لكن هذه العجرفة التي تقابل بها فرنسا كل مبادرات المودة والآمال المغربية في الذهاب إلى مستويات أبعد، تقابلها استفزازات فرنسية، ومحاولات دائمة للابتزاز والتقليل من المكانة الطبيعية التي أصبح المغرب يحتلها على الصعيد القاري والدولي. ما الذي يضير فرنسا في أن يكون المغرب بلدا رائدا في تفعيل شراكات جنوب-جنوب بشكل يفيد القارة السمراء ويساعد بلدانها التي تعاني على كافة المستويات من أجل تلمس طريق التنمية؟

من المفترض أن يكون هذا المسلك الذي سلكه المغرب في علاقاته مع الجيران في القارة الإفريقية فرصة لفرنسا من أجل إثبات حسن نواياها تجاههم، وربما يكون هذا النهج الناجح للمغرب طريقا أيضا من أجل مراجعة سياساتها الإفريقية بشكل يبني ثقة جديدة بين الطرفين، ويعيد إلى الحكومات والقادة الأفارقة بعضا من الاحترام الذي افتقدوه تماما تجاه النخبة الفرنسية، وهو ما عبرت عنه الإهانات التي تعرض لها إيمانويل ماكرون خلال جولته الإفريقية الأخيرة التي شملت أربعة بلدان من بينها الكونغو الديمقراطية والغابون.

إن فرض المغرب لسيادته على أراضيه وقراراته الاقتصادية والأمنية والسياسية لا يجب أبدا أن يكون مصدر انزعاج لأي كان، ولا لفرنسا على الخصوص، التي صدّعت العالم بالحديث عن قيمها الخالدة من حرية ومساواة وعدالة وديمقراطية، لكنها في الوقت نفسه تجد صعوبة بالغة في تقبل بل وابتلاع هذا التقدم والنجاح الذي يمكن أن تحققه بلدان صاعدة بعيدا عن سلطتها ورقابتها.

تاريخ الخبر: 2023-03-24 18:27:05
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:26:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:47
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:54
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:55
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية