تواصل المملكة المغربية تنزيل الإجراءات السيادية المتعلقة بإعادة إعمار مدينة الكويرة والتي تدخل ضمن مخطط المغرب لحماية صحرائه وضمان احترام سيادة أراضيه، فمنذ عملية تأمين تدفق حركة الأفراد والسلع على مستوى معبر الكركرات في 13 نونبر 2020، أخذ التوجه المغربي الجديد في التشكل في أقاليم الصحراء بشكل يهدف إلى تنمية المنطقة الممتدة بين مدينتي الداخلة و الكويرة التي يفصل بينهما نحو 446 كيلومترا و تحويلها إلى منطقة جاذبة للاستثمار، خاصة بعد تمديد الجدار الرملي جنوبا وتعزيز الجيش المغربي لوجوده في 40 كيلومترا مربعا بالمنطقة العازلة للكركرات ، وبدء تشييد ميناء الداخلة الأطلسي بغلاف مالي يناهز مليار دولار بعد اختيار الحائز على الصفقة في 30 أبريل 2021، و انطلاق أشغال إقامة منطقة لوجستيكية للتبادل التجاري في الكركرات في 31 يوليوز 2021، إضافة إلى بدء مخطط إعمار الكويرة المدينة التي تتمتع بوضعية خاصة.
هذه الإجراءات و المشاريع التي يتم تنزيلها على أرض الواقع تُظهر وجود أبعاد جيوسياسية ترتبط بوضع ضمانات لزيادة ثقة المجتمع الدولي في مقترح الحكم الذاتي.
وسبق أن نشرت القناة الأولى الرسمية لصورة ثلاثية الأبعاد لميناء الكويرة في نشرتها الرسمية في 28 أبريل 2021 ، ضمن تقرير عن المواقع المينائية الحالية والمستقبلية على طول السواحل المغربية شكل مؤشرا على أن الكويرة في قلب مخطط الإعمار بالجهة التي بلغت مرحلة النضج من حيث جلب المستثمرين، والتي اختارتها الولايات المتحدة لإقامة قنصلية بها غداة اعترافها بمغربية الصحراء في دجنبر 2020 .
وقبل تمديده جنوبا بعد عملية الكركرات، كانت الكويرة خلف الجدار الرملي، لكن المغرب الذي يبسط سيادته الإدارية على كل أقاليم الصحراء يجعلها ضمن التقطيع الجماعي جماعة حضرية تابعة لإقليم أوسرد، ويوجد مقرها في مدينة الداخلة –على غرار عدد من الجماعات المتواجدة شرق الجدار، وتَنتخب رئيسها في كل استحقاقات انتخابية من طرف السكان المنتسبين إليها، آخرها انتخابات 8 شتنبر التي أفرزت مجلسا جماعيا جديدا برئاسة عبد الفتاح المكي المنتمي لحزب الاستقلال، وبأغلبية مكونة من أحزاب الاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية و حزب الإنصاف.
وتعتبر عملية إعمار الكويرة شيء طبيعي لكونها منطقة تمتلك مقومات مدينة ساحرة، إذ تتوفر على شاطئ بطول 40 كلم، وتتميز بمناخ معتدل ورطب طوال السنة يتراوح بين 17 و19 درجة في الشتاء و23 درجة في بقية الفصول، ولها ماضٍ في أنشطة الصيد البحري خلال فترة الاستعمار الإسباني، إذ كان حجم الأسماك المصدرة بها يبلغ 8000 طن سنة 1974 عبر ميناء نواذيبو، لذلك يمكن أن تكون منطقة جذب سياحي بامتياز ، وهو الأمر الذي جعل العديد من الأصوات تتعالى من أجل الاسراع في تنزيل مخططات تأهيل و اعمار الگويرة المغربية، ذرة التاج المغربي و المنطقة المحبوبة لدى كل ابناء المملكة.
و قد يكون أمرا ملحا اليوم، بداية بربط المدينة بالشبكة الطرقية الوطنية و بناء قرية صيد بالمنطقة في أفق إتمام مشروع بناء ميناء تجاري سينعش لامحالة شبه الجزيرة و ستستفيد منه ساكنة المنطقة وحتى المناطق المجاورة بموريتانيا .
ومن شأن ذلك تحقيق مكاسب استراتيجية كثيرة، اهمها التأسيس لشروط تكامل اقتصادي متقدم مع موريتانيا، و تحويل الكويرة إلى منطقة سياحية بشكل يعود بالنفع على مدينة نواذيبو الموريتانية القريبة، إلى جانب تحقيق تنمية اقتصادية تعود بالنفع على ساكنة الصحراء المغربية قاطبة .
