رمضان في طنجة تقاليد عريقة والتقاء لروحانية الشرق


منار الطوسي
تلتقي روحانية الشرق بمادية الغرب، فتعطي لمدينة طنجة نفحة من الانفتاح قل نظيرها بباقي الحواضر، مع تشبث كبير بتقاليد ضربت جدورها في التاريخ المتعدد والمتنوع للمدينة.
يأتي رمضان طنجة تسبقه روائح زكية تنبعث من مطابخ المنازل في الأحياء الشعبية، فربات المنازل يسهرن على تحضير الأطايب وألذ المأكل أياما قبل دخول الشهر الفضيل، فرمضان لا يحلو في أعينهن إلا إن اكتملت مائدة الفطور بما لذ وطاب.
تعطى انطلاقة أجواء رمضان في الماضي ابتداء من العشر الأواخر لشهر شعبان، إذ تكثر حلقات الذكر وتعم الروحانية جوانب الأحياء الشعبية، ويقبل الناس على الاستعداد لهذا الشهر الفضيل بتأزر وتضامن تغيب معهما الأسوار ليصبح الجيران كعائلة كبيرة.
لا تغلق أبواب المنازل بالأحياء الشعبية خلال هذا الشهر كمرشان، القصبة، ودار البارود، فزيارة الجيران متوقعة في كل وقت وحين، إما لطلب المساعدة أو لتقديمها بغية إعداد الحلويات والخلطات المغذية.
وتشتهر مساجد طنجة بأصوات قرائها الرخيمة وصلوات تراويحها التي تصل ببل اليوم بصباح الغد، حيث يؤم الناس المساجد مباشرة بعد الإفطار ولا يغادرونها إلا مع الهزيع الأول من الليل، فشهر رمضان ليس شهر التآزر لإعداد الأطايب فقط، بل أيضا شهر الذكر والسمر أيضا.
شهر رمضان المبارك تنشط خلاله ا أيضا للقاءات الثقافية، غير أن هناك من يرى أن حاضرة البوغاز فقدت بعضا من بريقها الثقافي الرمضاني، نظر لقلة الأمسية الشعرية، المسرحية، وليالي السهر الأندلسي، كما غابت بعض الأسماء التي كانت تحيي الليالي الرمضانية بطنجة من ذاكرة السكان.
يبدأ التسوق أياما قبل رمضان، تدب حركة نشيطة في الأسواق، ويكثر اقتناء البهارات والمعجنات والمكسرات استعداد لتحضير الحلويات والخلطات الرمضانية التي تزين المائدة مع كل فطور.
تكثر السوائل والحلويات و أنواع الأرغفة التي تسهر على تحضيرها ربات البيوت سويعات قبل أذان المغرب في مائدة الإفطار بمدينة طنجة، فيما تقل فيها المأكولات الدسمة و الكثيرة الدهن، فهي لا تختلف عن باقي موائد جهات المملكة.
ودأب أهل طنجة على شرب الحريرة ببهاراتها وأعشابها المغذية كأول وجبة خلال الإفطار، مرفوقة ببعض أنواع العصير و الحلويات، لتختتم الوجبة بكأس قهوة ساخن يشربه الصائم المفطر على مهل.
وبروح المشاطرة والتضامن، يكثر المحسنون من إقامة موائد الرحمان للمعوزين من الصائمين، كما تنشط الجمعيات خلال هذا الشهر لتوزيع المعونات من المواد الغذائية الأساسية على الأسر الفقيرة بمجموعة من الأحياء.
وتحرص ساكنة طنجة مع كل رمضان، على إكمال مائدة الإفطار بشرب كأس أو كأسين من الماء الطبيعي الذي يسيل من عيون الجبل الكبير، وذلك لقدرته على فتح الشهية إذا تناوله الصائم قبل البدء في وجبة الإفطار، كما يساعد على الهضم إن عب بضع جرعات منه بعد الأكل.
ويؤكد البائع على أن زبائنه دائمون ويترددون عليه كل رمضان وهم ممن اعتادوا شرب هذا الماء، الذي يجلب من العيون القليلة المتبقية بغابات الجبل الكبير، قبل أن تنقع فيه بعض الأعشاب لتضفي عليه طعما أصيلا.
كما تعود أهل طنجة على تناول أطباق السمك المشوي أو المطهي على شكل طاجين يسمى لدى أهل الشمال ب` “التاغرة”، غير أنه يبدو أن هذه العادة ذاهبة إلى زوال بسبب ارتفاع ثمن السمك في مدينة لها واجهتان بحريتان.
فأسعار السمك ترتفع خلال شهر رمضان لتلامس الضعف، خصوصا ثمن بعض الأنواع الأكثر استهلاكا كالسردين والأنشوبة (الشطون) التي يناهز ثمنها حاليا الثلاثين درهما، ما دفع بالأسر إلى التخلي عن هذه العادة.
وتتصالح فئة من الشباب مع الأنشطة الرياضية خلال هذا الشهر من السنة الهجرية، نتيجة تكثر دوريات الأحياء في رياضة كرة القدم، بينما يؤثر آخرون ممارسة المشي أو الجري قبيل المغيب بكورنيش المدينة، أو بالطريق البحري الجديد، أو في منتزه غابة الرميلات.
وفي الليل تعود الحياة من جديد إلى شوارع طنجة وتدب فيها الحركة، وتفتح المراكز التجارية أبوابها، فعيد الفطر يقترب، واقتناء متطلبات الأطفال للاحتفال بالعيد ما يلبث أن يحرك رغبات الآباء … وجيوبهم أيضا.

تاريخ الخبر: 2023-03-31 18:26:19
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية