ماكرون وجينبينغ لبحث حلول للحرب الأوكرانية


يكثف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاوراته تمهيدا لزيارة الدولة التي سيقوم بها إلى الصين ما بين الخامس والثامن من الشهر الجاري، وهي الأولى من نوعها منذ العام 2019. وفي هذا السياق، يلتقي ماكرون في قصر الإليزيه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي دعاها لمرافقته إلى بكين رغبة منه في أن يكون للزيارة بعدان: ثنائي فرنسي - صيني من جهة وأوروبي - صيني من جهة أخرى، وبذلك يكون ماكرون قد قام بما لم يقم به المستشار الألماني أولاف شولتس بزيارته الصين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أو رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز الأسبوع المنصرم.

وفي السياق نفسه، اتصل ماكرون بنظيره الأوكراني أول من أمس، وكان لافتا الفقرة الواردة في البيان الصادر عن قصر الإليزيه، وفيها أن الرئيسين بحثا «الجهود الدبلوماسية الآيلة إلى تنظيم قمة السلام» لوضع حد للحرب في أوكرانيا. والحال، أن أي جهة معنية لم تشر سابقا إلى جهود تبذل من أجل عقد قمة من هذا النوع. ومن جانبه، كتب فولوديمير زيلينسكي، على تطبيق «إنستغرام» عقب الاتصال، أنه عرض مع ماكرون «المراحل اللاحقة للعمل بخطة السلام» التي قدمها زيلينسكي في الخريف الماضي والمتشكلة من عشر نقاط، مضيفا أن الحديث «جاء على كيفية إحراز تقدم من أجل المضي في مشروع السلام الأوكراني». وقالت مصادر الإليزيه، في معرض تقديمها للزيارة، إن تواصلاً سيتم مع واشنطن قبل الزيارة التي ستبدأ يوم الأربعاء القادم.


أربعة محاور

وتقول مصادر الإليزيه إن الزيارة التي سيقوم بها الرئيس ماكرون في بكين ستدور حول أربعة محاور رئيسية، أولها المحور الإستراتيجي وأساسه اليوم الحرب الروسية على أوكرانيا. وتسارع هذه المصادر للقول إن الزيارة تتم وسط توترات دولية تتحكم في المشهد السياسي العالمي، وعنوانها، من جهة، الحرب المشار إليها سابقا والتي «تؤطر سياسة فرنسا الخارجية»، ومن جهة ثانية «التنافس الإستراتيجي الأميركي - الروسي» الذي يطأ بثقله على العلاقات الدولية. وترى باريس أنه في ظل الأجواء المهيمنة حاليا، فإن بكين تعد «الجهة الوحيدة في العالم القادرة على تغيير مسار الحرب الدائرة في هذا الاتجاه أو ذاك». ولذا، فإن ماكرون سيسعى لتوفير مساحة من الحوار للتوصل لتصورات من أجل «إيجاد حل للحرب الدائرة على المدى المتوسط».

وتؤكد المصادر الفرنسية أن التواصل مستمر مع بكين بشكل يومي، ولا تستبعد أن يتوصل ماكرون وشي جينبينغ إلى «نقاط مشتركة» خلال الزيارة. وسألت «الشرق الأوسط» المصادر الرئاسية عما إذا كانت فرنسا ستسعى إلى التوكؤ على العناصر التي تراها ملائمة من «خطة السلام» التي طرحتها الصين في شهر فبراير (شباط) الماضي من أجل تطويرها. وكان الجواب أنه «ليس هناك خطة سلام صينية»، وما هو موجود بالمقابل هو «تعبير عن مواقف للصين في 12 نقطة». بيد أنها أضافت أن ثمة «نقاط تلاق» حول أمن المحطات النووية وتحريم اللجوء إلى السلاحين النووي والكيميائي. وخلاصة موقف باريس أن الطرفين سينظران في كيفية البناء على نقاط التلاقي وتطويرها وإيجاد مساحة مشتركة ومواقف مشتركة.


تحذير من دعم صيني لروسيا

سيحمل الرئيس الفرنسي، إلى ما سبق، عدة رسائل لنظيره الصيني، ومنها تحذيره من اتخاذ قرار تقديم الدعم العسكري لروسيا. وأكدت مصادر الإليزيه أن قراراً «كارثياً» كهذا «سيكون له تأثير استراتيجي كبير على النزاع» باعتبار أن الصين هي «الدولة الوحيدة في العالم القادرة على التأثير بشكل فوري وجذري على النزاع، في هذا الاتّجاه أو ذاك»، مذكرة بأن بكين لم تدن الحرب الروسية على أوكرانيا. وقال الإليزيه إن ماكرون سوف يشرح لنظيره الصيني «النتائج المترتبة على هذا الخيار أو ذاك». وليس موقف باريس معزولاً، إذ إن كافة الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة الأميركية تنبه من انخراط الصين في الحرب عبر توفير الذخيرة والأسلحة للقوات الروسية. وزادت المخاوف الغربية بعد الزيارة التي قام بها شي جينبينغ إلى موسكو قبل أسبوعين والتصريحات التي صدرت عن الطرفين، ومنها عن مسؤولين عسكريين صينيين. وتريد باريس «تجنّب الأسوأ، ولهذا السبب يتعيّن علينا التحاور مع الصينيين لعرض موقفنا عليهم».

وكان ماكرون من أوائل الذين دعوا إلى التفاهم مع الصين لتحقيق هدفين: الأول، إقناعها بالامتناع عن توفير الدعم لموسكو. والثاني تحفيزها للقيام بدور الوسيط من خلال الضغط على الرئيس بوتين لوضع حد للحرب. وإذا رغبت الصين في دور كهذا، فإن باريس ترى أنه يتعين عليها أن «تعبر عن مواقف واضحة من موضوع السلام ومن السبل الآيلة إلى تحقيقه، بما في ذلك توفير الدعم للمدنيين الأوكرانيين». ومنذ أسابيع، يدعو زيلينسكي لحوار مباشر مع شي جينبينغ. لكن يبدو أن باريس أصبحت اليوم «واقعية للغاية»، بمعنى أن سقف طموحتها قد تراجع، وأنها لم تعد تتوقع أن تعمد بكين مثلا إلى إدانة المغامرة الروسية في أوكرانيا. وكانت وزيرة الخارجية كاترين كولونا قد قالت قبل ثلاثة أيام من فيلنيوس، إن «مصلحة كافة الدول أن يفشل العدوان الروسي»، فيما حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية في اليوم نفسه الصين من أن مستقبل العلاقات الأوروبية معها «مرهون بمواقفها» من الحرب في أوكرانيا. ولكن ما يفهم مما قالته المصادر الفرنسية أن ماكرون سيحمل الرسائل نفسها التي حملها قبله شولتس وسانشيز إلى بكين.


بؤر التوتر

لن ينحصر الحوار السياسي بين ماكرون وشين جينبينغ بالملف الأوكراني رغم أهميته، إذ أكدت المصادر الفرنسية أنهما سيتناولان البؤر المتوترة في العالم، وأبرزها في الشرق الأوسط. وفي هذا المجال، أكدت باريس تقديرها للدور الصيني في التوصل إلى اتفاق بين المملكة السعودية وإيران، مشيرة إلى انخراط الرئيس الفرنسي في الملفات المطروحة شرق أوسطيا كليبيا ولبنان والعراق وغيرها. وتؤكد باريس أنها ستقتنص أي فرصة تبين وجود تقارب بين العاصمتين للعمل معا.

وستكون لزيارة ماكرون وفون دير لاين جوانب أخرى تجارية واقتصادية نظرا لكون الصين هي القوة الاقتصادية الثانية في العالم ولوجود مسائل خلافية معها يتعين تسويتها، وحتى اليوم، لم يتوصل الطرفان الأوروبي والصيني إلى تحديد موعد لقمتهما المشتركة التي يفترض أن تعقد بحر العام الجاري، ومناقشات رئيسية بالنسبة لما تسميه فرنسا «التحديات الشاملة» مثل الأمن الغذائي في العالم وملف التغيرات المناخية والبيئية.

لن تخلو زيارة ماكرون من مسحة شخصية، إذ سيزور والوفد الكبير المرافق له مدينة «كانتون» الواقعة جنوب الصين، والتي تعد ما يزيد على 14 مليون نسمة. والسبب في ذلك، وفق ما شرحته مصادر الإليزيه، انفتاح المدينة التاريخي على الغرب وأن والد شي جينبينغ كان على رأس المنطقة عندما أطلقت الإصلاحات الاقتصادية في ثمانينات القرن الماضي. كذلك، فإن زوجة الزعيم الصيني كانت مغنية أوبرا في المدينة المذكورة.


تاريخ الخبر: 2023-04-03 09:29:06
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 87%
الأهمية: 90%

آخر الأخبار حول العالم

سعر الدولار اليوم الأحد 28-4-2024 مقابل الجنيه في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:20:46
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:23:39
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

طقس الأحد.. ثلوج وأمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:08:32
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 75%

عاجل.. مؤتمر “الاستقلال” يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 06:08:34
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 76%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية