الإنسان والبحر مغامرة تحت الماء..
الإنسان والبحر مغامرة تحت الماء..
هذه قصة طريفة يرويها عالم الأحياء أريك الألفا عن نوع من ثعابين السمك العملاقة وأخطبوط كانا يعيشان في منطقة واحدة تحت الماء.. يقول العالم الألفا: كنت أغوص أنا وأصدقائي في خليج الحيتان علي ساحل أوريجون, عندما رأيت لأول مرة أضخم ثعبان بحري, فأطلقت عليه فورا اسم العجوز القبيح.. وكان هذا الذئب المائي يبلغ من الطول حوالي خمسة أقدام, ويقبع عند باب الكهف الصخري, بينما أشعة الشس تتسلل إليه في هدوء, فيلمع لونه الرمادي ووجهه الأبيض لمعانا غريبا تحت الماء.
وعندما سبحت ببطء شديد نحوه, تبعتني عيناه السوداوان وفي الوقت نفسه بدأ فكه القوي يتحرك وكأنه يمضع شيئا.. وما أن أصبحت علي بعد عدة أقدام منه حتي تراجع الوحش واختفي في داخل الكهف الصخري.. ومرت الأيام, وفي كل مرة كنا نغوص في خليج الحيتان, كنا نبحث عن العجوز القبيح لنري ماذا حدث له.. وذات يوم اكتشفنا أن مخلوقا آخر يشاركه نفس الكهف الي يعيش فيه, وكان ذلك المخلوق أخطبوطا يقطن مكانا يقع مباشرة تحت ذئب البحر.. ويبدو أن الاثنين كانا متعاونين أو متفاهمين.. فقد رأيت مرة العجوز القبيح وهو يأكل سرطان البحر ويلقي ببعضه إلي زميله الذي كان يشاركه الحياة في الكهف المائي.
وقد زميل لي سمكة كبيرة علي رمح إلي ذئب البحر ذات مرة, فتردد الوحش أولا, وبعد مرور وقت التهمها, ولاحظ زميلي أن الأخطبوط من أسفل كان يرقب ما يجري, فألقي إليه بسمكة أخري سرعان ما التهمها علي الفور هو الآخر, ولكن دون تردد.. بعد ذلك دأبنا علي إطعام هذين المخلوقين حتي أطمأنا لنا وفي كل مرة كنا نظهر لهما تحت الماء يسرع العجوز القبيح نحونا وهو يأمل أن نكون قد جلبنا له سمكة تشبع جوعه!
ومرت الشهور, وذاعت قصة الذئب والأخطبوط في أنحاء المدينة, فقررت بعض الهيئات العلمية تصويرهما وهما يعيشان في ذلك التآلف الغريب تحت الماء.. فسبحنا ذات يوم إلي الكهف ورأينا أنثي صغيرة الحجم تقبع بجوار الذئب العملاق.. وأطلقنا مصابيح التصوير, فظن الذئب أننا نهاجمه فأسرع يرد الهجوم بسرعة خاطفة.. فتراجعنا في الحال وقد جرحت كبرياؤنا.. ولكن الصور التي أخذناها للوحشين وللأخطبوط كشفت عن حقائق غريبة مذهلة.. وعندما انقضت شهور الصيف غادرت الأنثي المكان ولم يبق فيه غير العجوز القبيح والأخطبوط, وبرغم حادثة التصوير, فقد ظل الذئب لطيفا معنا.
وذات مساء كانت السماء ملبدة بالغيوم وعاصفة هوجاء توشك أن تهب علي الخليج عندما بلغنا خليج الحيتان لننقذ أحد الغواصين وهو يحاول أن يجذب إلي الشاطئ شيئا ضخما في نهاية رمح طويل.. ووقفنا ننظر والغواص يجلب الرمح بكل قواه, فإذا بالعجوز القبيح في نهاية الرمح.. فأسرعنا إليه نحاول إنقاذ الذئب البحري الضخم, ولكن الغواص كان قد عمل بسكينه الحادة في مخ الذئب فتوقف فكه الفولاذي عن الحركة, وحملقت عيناه فينا وهو يودع الحياة في لحظاته الأخيرة وكأنه يتأسف علي عشرة الإنسان التي جرت عليه الأهوال!
وأمسك الغواص بالرأس الكبير وقطرات الدم تتساقط منه علي رمال الشاطئ وهو يقول: أعظم ثعبان بحري رأيته في حياتي, لقد سبح نحوي فكان صيدا سهل المنال…
وهطلت الأمطار, وحل الظلام وامتنعت عن الغوص بعد ذلك في خليج الحيتان, لأسجل علي الإنسان قسوته ورعونته.. ومرة أخري.. مرت الأيام وهبط نفس الغواص إلي المكان الذي اصطاد فيه الذئب البحري, فتصدي له الأخطبوط, وعبثا حاول أن يفلت من بين براثنه, ولكنه فشل, وهكذا انتقم الأخطبوط لأخيه الذئب الذي كان يشاركه نفس المكان!