القس أندريه ذكي يفتتح لقاء التنوع وآليات التضامن المجتمعي


رحب الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الكنيسة الانجيلية، ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية بالحضور وقال: بداية أهنئُ جميعَ الحاضرينَ -مسلمين ومسيحيين بحلولِ شهرِ رمضانِ الكريم، أعادَه اللهُ على بلادِنا وعلى حضراتِكم جميعًا بالخيرِ والبركةِ، كما أهنئُ الجميعَ أيضًا بقربِ حلولِ عيدِ القيامةِ المجيدِ… تتزامن الأعيادُ لتضفي جوًّا من السعادةِ على جميع المصريين.

جاء ذلك خلال انطلاق لقاء «التنوع و آليات التضامن المجتمعي» الذي ينظمه منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية مساء اليوم.

وأضاف: اسمحوا لي أنْ أعربَ عن تقديري لدور الدولةِ المصريةِ، وعلى رأسِها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ومجهوداتِه في دعمِ قضيَّةِ المواطنةِ، وتعزيزِ التضامنِ الاجتماعيِّ من خلالِ إجراءاتٍ وقراراتٍ عمليةٍ أبرزتِ التوجُّهَ الجادَّ من جانبِ الدولةِ في المضيِّ نحوَ تحقيقِ المواطنةِ وتعزيزِها ودعمِها.

إنَّ ما نشهَدُه من متغيراتٍ وظروفٍ عالميَّةٍ أثرت تأثيرًا شديدًا على الأوضاعِ الاقتصاديةِ في دولٍ كثيرةٍ، يفرضُ علينا جميعًا التفكيرَ في آلياتٍ واستراتيجياتٍ إبداعيةٍ في قضيةِ التضامنِ الاجتماعيِّ. وأرى أنَّ هذا التضامنَ لا ينفصلُ عن مبدأ المواطنةِ والتنوعِ الثقافيِّ، بل يرتبطُ بهما ارتباطًا وثيقًا، وإدارة التنوعِ الثقافيّ في سبيلِ دعمِ التضامنِ

تختلفُ تعريفاتُ التنوعِ الثقافيّ بين المجالاتِ والحقولِ المعرفيةِ المختلفةِ؛ بين الأنثروبولوجيّ والعلومِ السياسيةِ وعلمِ الاجتماعِ. ورغم هذا الاختلافِ، يتمثلُ الهدفُ الرئيسُ من دراسةِ هذه القضيةِ والنقاشِ بشأنِها في إدراكِ أهميةِ احترامِ هذا التنوعِ في إطارِ المواطنةْ.

وأكمل: يتَّصلُ مفهومُ التنوعِ الثقافيّ اتصالًا وثيقًا بإشكاليةِ الوحدةِ في إطارِ التنوعِ، والانسجامِ في سياقِ احترامِ الاختلافِ، ونظرًا لأنَّ مفهومَ المواطنة يقدمُ إطارًا قانونيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا للتعايشِ الإيجابيّ بين مواطنين متنوِّعين ثقافيًّا، فإنَّ هذا يؤكدُ على ضرورةِ دراسةِ العلاقةِ بين المواطنةِ والتعدديةِ الثقافيةِ، تدعيمًا لدورِ التنوعِ الثقافيّ في بناءِ المجتمعِ، ودعمًا لعلاقةِ الانتماءِ المُشتَرَكِ في الوطنِ الواحدْ. وفي هذا الإطارِ تسهمُ إدارةُ التنوعِ -تحتَ مظلةِ المواطنةِ- في تعزيزِ قيمةِ التضامنِ الاجتماعيِّ؛ إذ إنَّ التضامنَ لا يقفُ عند حدودِ الدعمِ الاقتصاديِّ، بل يمتدُّ إلى الشعورِ بالانتماءِ واحترامِ التنوعِ والهويَّاتِ المتعددةِ، والتكافلِ بين أبناءِ الوطنِ الواحدِ والعملِ سويًّا لخدمتِهِ. وهذا ما نصَّتْ عليهِ المادةُ الثالثةُ في الإعلانِ العالميِّ بشأنِ التنوعِ الثقافيِّ، بوصفِهِ عاملًا محركًا للتنميةِ، والتي تقولُ: “إنَّ التنوعَ الثقافيَّ يوسِّعُ نطاقَ الخياراتِ المتاحةِ لكلِّ فردٍ؛ فهو أحدُ مصادرِ التنميةِ، لا بمعنى النموِّ الاقتصاديِّ فحسبْ، وإنما من حيثُ هي أيضًا وسيلةٌ لبلوغِ حياةٍ فكريةٍ وعاطفيةٍ وأخلاقيةٍ وروحيةٍ مُرضِيةٍ”.

وتابع: أشرت إلى هذا الموضوع في المؤتمر السابقِ حولَ “المواطنةِ الحاضنةِ للتنوعِ الثقافيِّ”، وأعيد التأكيدَ على بعضِ النقاطِ التي تمثلُ أهميةً قصوى في هذا الصدد. فواحدٌ من أهمِّ آلياتِ إدارةِ التنوعِ هو التماسكُ الاجتماعيُّ، الذي يتحقَّقُ بتحطيمِ القوالبِ التي تصنِّفُ الآخرين؛ فالتصنيفُ والوصمُ يساهمانِ في هدمِ الآخرِ واستبعادِه، كما يتحقق التماسك الاجتماعي أيضًا بالتعاملِ مع كلِّ دعاوى الكراهية التي لا تفكِّرُ في مصلحةِ الوطنِ واستقرارِه وأمنِه. ويهتمُّ التماسكُ المجتمعيُّ بما يمكن تسميتُه “إعادة التسمية” Renaming، والتي يمكنُ من خلالها معرفةُ الآخر كما هو وليس كما نتصورُه أو نحاولُ أن نتصورَه. هذه العمليةُ من إعادةِ التسميةِ لا بد أن ترتبطَ بما يمكنُ تسميته بإعادة الصُّنع Remaking أو مبادراتٍ جديدةٍ غير تقليديةٍ يمكنها أن تساهمَ في العبورِ بالجماعةِ الوطنيةِ إلى أرضٍ جديدةٍ بها مساحاتٌ مشتركةٌ أوسع، ولديها قدرةٌ على احترامِ الاختلافِ. كما يمكنُ التعبيرُ عن التماسكِ الاجتماعيّ بالبناءِ الاجتماعيّ؛ فمظاهرُ الحياةِ المتنوعةِ يمكن أن تؤلفَ فيما بينها وحدةً متماسكةً، وفي هذا السياقِ يكون القانونُ هو المنظمَ للعلاقاتِ الاجتماعيةِ والنظامِ السياسيِّ والاقتصاديِّ، كما تلعب العاداتُ والتقاليدُ دورًا مهمًّا في عمليةِ البناء الاجتماعيِّ.

واستطرد: يمكننا تعريفُ المواطنة باعتبارها “عمليةً شاملةً تتجاوزُ المساواةَ لتصلَ إلى العدالةِ بواسطةِ ربطِ الحقوقِ السياسيةِ بالحقوقِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ”. وبأنها تفاعلٌ بينَ الناس والجغرافيا، تتعلقُ بحقوق المواطنين وتتصلُ بالمكانِ المقيمين عليه، وتعززُ من شرعيَّةِ كلٍّ من المفهومِ الإقليميِّ والوطنيِّ. وعلى المستوى السياسيِّ، يتنامى مفهومُ المواطنةِ من خلالِ التعايشِ ومجتمعِ المساواةِ، لكن هذه المساواةَ لن تتحققَ على المستوى السياسيّ بمفردِه. لذا يحتاجُ النقاشُ حول المواطنةِ إلى الاهتمامِ بالتنوعِ الثقافيِّ والدينيِّ في المجتمعِ، وهي آليةٌ لا تنحصرُ في النطاقِ السياسيِّ، بل ترتبط أيضًا بالعملِ المجتمعيّ. وهنا يتجلَّى دورُ المجتمعِ المدنيّ ليمدَّنا بالأرضيَّةِ التي تعزِّزُ المواطنةَ.

وذكر: إن نشرَ ثقافةِ التنوعِ والتعدديةِ للوصولِ إلى مواطنةٍ داعمةٍ للتنوعِ، من أجلِ الوصولِ إلى مفهومٍ أشملَ للتضامنِ الإنسانيِّ، هو عملٌ تتشاركُ فيه أطرافٌ متعددةٌ؛ فالدولةُ من خلالِ التشريعاتِ والإجراءاتِ وسيادةِ القانونِ، والمؤسسةُ الدينيةُ من خلال الحرصِ على خطابٍ دينيٍّ متسامحٍ داعمٍ لقبولِ الآخرِ والعيشِ المشتركِ والصالحِ العامْ، ومؤسساتُ التنشئةِ (الحضانات والمدارس والجامعات) عليها دورٌ أيضًا لدعمِ ثقافةِ التعدديةِ والتنوعِ، ومنظماتُ المجتمعِ المدنيّ بما لها من أدواتٍ وإمكاناتٍ تستطيعُ أن تعملَ بها في تعزيزِ مفهومِ التنميةِ المستدامةِ والتضامنِ الإنسانيِّ.


وأضاف : المواطنةُ الداعمةُ للتنوعِ الثقافيِّ تنظرُ إلى التعدديَّةِ باعتبارها فرصةً، وتعملُ على تعزيزِها وتُحسِنُ إدارتَها، في سبيل دعمِ استقرارِ الوطنِ وسلامتِه وتقدُّمِه. في هذا الإطارِ أؤكدُ أنَّ الحالةَ المصريةَ ليستْ بعيدةً عن هذا، وأنَّ ما تقومُ به الدولةُ في هذا السياقِ يدفعُ بهذا الاتجاهِ، وأنَّ التغييرَ الفكريَّ والثقافيَّ يحتاجُ إلى وقتٍ، وسيتحقَّقُ بكلِّ تأكيدٍ طالما أن هناكَ إرادةً وعملًا جادًّا مخلِصًا.


وتابع: التضامن الاجتماعيُّ يدعمُ خطواتِ العملِ بينَ الأطرافِ المتنوعةِ من أجلِ حمايةِ كرامةِ الإنسانِ من خلالِ التمكينِ؛ فتمكينُ الإنسانِ من النهوضِ بمستواه المعيشيِّ ومستوى دخلِه، وكذلك تمكينُه بتنميةِ الوعي بقيمِ المواطنةِ لديهِ، وتمكينُه لإدراكِ أهميةِ التنوعِ واحترامِه… كلُّ هذا يدعمُ توجهاتِ التنميةِ المستدامةِ. إنَّ واحدًا من أهمِّ مؤشراتِ التنميةِ المستدامةِ هو بناءُ قدراتِ أفرادِ المجتمعِ؛ فالإنسانُ هو هدفُ التنميةِ ووسيلتُها. وتعني عمليةُ بناءِ القدراتِ تمكينَ المجتمعاتِ من ممارسةِ دورِها الحقيقيِّ في كافةِ مراحلِ العمليةِ التنمويةِ، ودعمَ قدراتِ هذهِ المجتمعاتِ على التنظيمِ والإدارةِ ومواجهةِ التحدياتِ. وفي السياقِ ذاتِه، أودُّ أنْ أشيرَ إلى عددٍ من المبادراتِ التي تبنَّتْها الدولةُ المصريةُ، في دعمِ قيمةِ التضامنِ، تحتَ مظلةِ المواطنةِ، ومنها مبادرةُ “كتف في كتف”، ومبادرةُ “حياة كريمة”، وكلُّها مبادراتٌ تأتي كجزءٍ من عمليةِ ترسيخِ الوعيِ بقضيةِ المواطنةِ وأهميتِها في دعمِ التماسكِ الاجتماعيِّ.

واختتم قائلا: أؤكدُ على ضرورةِ شموليةِ عمليةِ التنميةِ؛ فهي في كلِّ جوانبها مترابطةٌ، ولا يصلحُ العملُ على بُعْدٍ دون آخرَ في أبعادِها ومحاورِها. التنميةُ الاقتصاديةُ مرتبطةٌ بتمكينِ الشخصِ وبناءِ قدراتِه، وهذا مرتبطٌ بتزكيةِ الوعيِ والمعرفةِ، ومرتبطٌ بإدارةِ التنوعِ واحترامِه في سبيلِ تعزيزِ المواطنةِ الفاعلةْ.

تاريخ الخبر: 2023-04-04 18:23:50
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

أكّدت أن أي عملية برية ستؤدي إلى شل العمل الإنســاني

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:24:31
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 65%

والــي أم البواقي يكشف: مسـاع للتكفـل بالمستثمريـن عبـر 17 منطقـة نشـاط

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:24:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية