تلميحات خطيرة للبرهان
أمل محمد الحسن
حمل الخطاب الذي قدمه رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان تلميحات خطيرة للخطوة التي يستعد لها حال عدم حدوث “توافق وطني كبير” على حد تعبيره.
وقال البرهان في مخاطبته الحضور في الافطار الذي أقامه عضو السيادي ياسر العطا إن البديل ترك السودانيين يختارون من يريدون في إشارة واضحة للذهاب إلى الانتخابات!
وهو الخيار الذي ظل البرهان يلوح به منذ انقلابه المشؤوم على الدستور في اكتوبر من العام ٢٠٢١.
وخيار الانتخابات وسط الانهيار الاقتصادي والاوضاع الأمنية غير المستقرة وفي ظل الاستقطاب الحاد سيفتح باب جديد للتخوين والشيطنة له أول ولا نهاية له، بل ربما يقود البلاد لحرب أهلية تهدد وجود السودان كدولة على خارطة الأمم.
من جهة ثانية؛ فإن الظروف التي يعيشها النازحون، وارتفاع صوت خطابات القبلية والعنصرية والكراهية؛ بالتزامن مع تحركات عناصر النظام البائد الواسعة لزرع الفتنة والشقاق كلها ظروف أقل ما توصل بغير الملائمة لضمان انتخابات حرة ونزيهة!
وجاء حديث البرهان والاتفاق النهائي على عتبة النهايات ما يؤكد اضمار الرجل قطع الطريق عليه وعدم السماح له بالاكتمال، خاصة وأن العقدة التي وضعها لإكمال الاتفاق النهائي يمسك هو كافة مفاصلها بين يديه.
حيث أن الاتفاق النهائي ينتظر توصيات ورشة الإصلاحات الأمنية والعسكرية لتضمينها الاتفاق النهائي الذي يسبق تشكيل حكومة مدنية!
فوضع شروطا تعجيزية في ملفي سنوات الدمج من جهة ورئاسة هيئة القيادة الموحدة من جهة أخرى! واعتبر الجيش أن 6 أشهر كافية جدا لدمج قوات الدعم السريع التي وفق تقديرات تتجاوز ال 100 الف مقاتل، مبررين هذه السهولة بوجود حوالي 600 ضابط يتبعون في الأساس للجيش السوداني أو جهاز أمن البشير!
وعمد البرهان إلى تغيير المواقيت التي ضربها رفقة أطراف الاطاري لتوقيع الاتفاق النهائي والدستور الانتقالي، والتي حدد لها يومي الاول والسادس من ابريب الجاري، بقصد ضرب خطاب الحرية والتغيير ومصداقيتهم أمام الشعب.
وكان قد افاد الخبير العسكري اللواء امين اسماعيل “التغيير” في سياق خبري بأن التفاصيل المتعلقة بالدمج تتطلب ارادة وثقة، ويبدو انها أهم المكونات السحرية المطلوبة لاتمام الاتفاق الاطاري وايصاله لنهاياته بتشكيل حكومة مدنية.
ولا يخفى على أحد قلة الثقة بين كافة المكونات، المدنية والعسكرية من جهة وبين الجيش والدعم السريع من جهة أخرى! خاصة وأن اسراع نائب البرهان بالموافقة على وثيقة المحامين ودعمه لها حفرت خندقا غريقا بين الرجلين، وخلقت تقاطعات حادة في مصالحهما المشتركة.
ومثل اخراج البرهان ل”مارد القمقم” المتمثل في رموز النظام البائد ومنحهم المساحات والحرية التي جعلتهم يرفعون رايات حزبهم المحلول عاليا ويزورون رئيسهم المخلوع في جناحه الخاص بمستشفى علياء ويحيكون المؤامرات من الداخل وتديرها اذرعهم من الخارج في ذات الخطاب التقسيمي الذي يخاطب مخاوف كل جهة.
وكانت البدايات خجولة راح ضحيتها النائب العام مبارك محمود عندما سمح بإخراج بعض رموز النظام البائد في الأيام الأولى للانقلاب؛ لكن اليوم أصبحت التحركات على مستويات كبيرة تشمل إعادة هيئة العمليات بل وحتى إعادة الدفاع الشعبي!
خطاب الفتنة القمئ الذي يسلط له أفراد لا يحملون هم الوطن ولا يملكون نقطة واحدة من محلول الوطنية الذي يجعل كل شخص له مطالب معينة ذاتية أو حزبية تضر بالوطن وبقائه واستقراره وحقن دماء اهله تجعله يرعوي ولو قليلا وهو ما لا يفعله منسوبو النظام البائد الذين لا يمانعون من قيام حرب لا تبقي ولا تذر مقابل افشال كافة الخيارات البديلة وتعيدهم لكراسي السلطة على جماجم الوطن!
على القوى السياسية العمل على توحيد جبهتها ومخاطبة المجتمع المدني والشارع الثوري والعمل على ايجاد خيارات بديلة لمجابهة “مكر” العسكر وغدرهم وحماية الانتقال من اختطافه من الفلول.
