برئاسة وحضور صاحب النيافة الأنبا مارتيروس، أسقف شرق السكة الحديد وتوابعها ورئيس مركز “بى لمباس”، استضاف المركز الدكتورة إيفيلين جورج إندراوس صليب الحاصلة على درجة الدكتوراه والماجستير من كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان – قسم تاريخ الفن (2008-2004) ودبلومة آثار مصرية قديمة من كلية الآثار _ جامعة القاهرة 1998-1997 ودبلومة اثار بمعهد الدراسات القبطية 1994و بكالوريوس الفنون الجميلة جامعة حلوان – قسم تصوير1990.

والتى القت المحاضرة الشهرية لشهر إبريل 2023 بمركز “بي لمباس” تحت عنوان “فن البورتريه عند الأقباط في القرون الأولى”، وذلك بحضور العديد من الباحثين والدكاترة والمهتمين بالتراث والفنون القبطية والعديد من الآباء الكهنة والخدام.

بدء اللقاء بصلاة أفتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس، ثم رحب نيافتة بالحضور الكريم ، وقام المهندس اشرف موريس منسق اللقاءات بالمركز بالتنوية عن المحاضرة ، وتقديم الدكتورة إيفيلين جورج.

وفى البداية عرفت الدكتورة إيفيلين جورج معنى كلمة بورتريه

وهي كلمة فرنسية تعني رسم الأشخاص في لوحة أو هي صورة شخصية أو تمت لشخص بالمواجهة (على الرغم من أن هناك لوحات بورتريه لأشخاص بالبروفيل (جانبي) أو ترواكار(ثلاثة أرباع), وتكون صورة للشخص في وضع ثابت هدفه إظهار ملامح الوجوه وتعبيراتها ، وهو أيضاً فن رسم الشخصية من وجهة نظر الرسام.

وعن فن البورترية فى القرون الأولى عند الأقباط اوضحت الدكتورة إيفيلين جورج، أن لفظ القرون الأولى مرتبط دائما بالقرون الثلاثة الأولى، ولكنها تكلمت عن فن البورترية عند الأقباط من القرن الأول حتى القرن السابع الميلاديين، وذلك لأن الفن القبطي في هذه القرون أنقسم لفترتين؛ الأولى من القرن الأول حتى القرن الرابع؛ والثانية من القرن الخامس حتى القرن السابع؛ إلا أنه في جميع الفنون تكون هناك فترة انتقالية وفترة نضوج للفن نفسه.

وعن الفترة الانتقالية أكدت الدكتورة إيفيلين جورج على ان

الفترة الأنتقال للفن القبطي تمثلت في بورتريهات الفيوم ، ومقابر البجوات (بالأخص حجرة الخروج) في الواحة الخارجة بالوادي الجديد، ومقابر كرموز بالأسكندرية.

والقت الدكتورة إيفيلين جورج الضوء على بورتريهات الفيوم:

والتى كشف عنهم بتري Petrie عالم الآثار البريطاني في هوارة بالفيوم والتى وصل عددهم إلي أكثر من ألف لوحة، كما عثر على هذه البورتريهات في مناطق مختلفة من مارينا العلمين شمالاً حتى أسوان جنوبا، أول لوحات وصلت إلى أوروبا كانت من سقارة عام 1615 بواسطة Petro Della Valle من اوائل الرحالة الأوربيين للشرق، وكثير من لوحات بورتريهات الفيوم مقتنيات في أشهر متاحف العالم.

كان المتوفي في كل أنحاء مصر الرومانية خلال الثلاث قرون للميلاد خاصة الاغنياء يزود بالوحة بورتريريه ملون علي افريز خشبي رقيق السمك أو علي كتان. وقد جمع الفنان القبطي في مرحلة الأنتقال بين الطابع المصري القديم وطابع الفن السكندري الذي بيعرف بأنه الأنتاج الفني في البلاد المصرية منذ تأسيس مدينة الاسكندرية سنة 332 ق.م حتي نهاية حكم البطالمة سنة 31 ق.م., وهو فن الطبقات العليا المالكة أي الفن الرسمي الذي به سمة مثالية والفن الشعبي وهوالأكثر واقعية، حيث يصور الأشخاص كما هم وبذلك بدأ فن البورتريه من القرن الأول الميلاد واستمرت اساليبه الفنية كمقياس حقيقي للأسلوب الفني للأيقونة فيما بعد من حيث استخدام ألوان وأكاسيد طبيعية نباتية أو معدنية وتحضير الألواح بإسلوب التمبرا والأنكوستيك.

اسلوب “التمبرا” أو تيمبيرا أو تيمبرا البيض هي طريقة تلوين سريعة الجفاف تتكون من صبغة ملونة مخلوطة بمادة صمغية لاصقة ذات وسط مائي، وفي الأغلب يستخدم صفار البيض للتثبيت وقد وجد فن رسم التمبرا في زخارف التوابيت الفرعونية. وأشهرها مومياوات وجوه الفيوم.

اما اسلوب الأنكوستيك والمعروفة أيضًا باسم طلاء الشمع الساخن، يتم استخدام وسط مغلف ساخن ويتم اضافة اصباغ ملونة إليه لإنشاء أعمال فنية.

ومن أهم الملاحظات في هذه البورتريهات أن هناك تسريحات للشعر اسندت كتسريحات في أوروبا الغربية كفورمة شعر ماري انطوانيت المشهورة في مصر.
وعن مقابر البجوات قالت الدكتورة إيفيلين جورج

رٌسم في هذه المقابر بورتريهات بالبروفيل أو بالجانب مثل المصري القديم وظهر فيه الوجه من الجانب والأعين من الأمام وفي حجرة الخروج القرنين الثالث والرابع الميلاديين صورت الشخصيات بالجانب في القصص ذات مدلول حركي مثل تصوير جنود فرعون وعبور بني اسرائيل البحر الأحمر، أيضاً صورت الهالة فوق رأس أشخاص ليس لهم علاقة بالدين مثل هيرودس في قتل أطفال بيت لحم، والتفسير الوحيد لتصويرهم بهالة لتميزهم بالقوة كملوك أو أنبياء.

كما حددت الوجوه بقنطور من الأبيض والأحمر وبلون داكن في مقابر كرموز والبجوات وهذا يعني الأحترام والتبجيل للشخصية المصورة.

ثم استعرضت الدكتورة إيفيلين جورج مرحلة النضوج الفني

حيث اتضح النضوج الفني في جداريات من القرن الخامس حتى القرن السابع الميلاديين, ووجدت على سبيل المثال في قلالي كيليا وهي في الطريق الذي يربط الاسكندرية بالقاهرة وهي المنطقة الواقعة بين دمنهور ووادي النطرون. ودير الأنبا أرميا بسقارة التي تقع جنوب هرم زوسر المدرج ودير الانبا ابوللو بباويط التي تبعد 15كم غرب ديروط.

وعن الأسلوب الفني فى رسم البوترية اوضحت الدكتورة إيفيلين جورج أن فن البورترية اصبح أكثر بساطة بعيد عن التفاصيل فاستخلص الفنان القبطي البورتريه المتبع سابقا الى وجوه مرسومة من الامام، محددة، بيضاوية أو دائرية أو مثلثة أو مربعة بأعين واسعة مشحونة بالروحانية وأنف مستقيم وفم صغير، وظلال الوجة عبارة عن مساحة لونية، واستمر اسلوب فن مرحلة الانتقال كالنظرات المعبرة والخلفية اللونية التي تتراوح مابين الأخضر الكاكي الفاتح إلى البني الغامق الذي يميل إلى الأسود.

واكدت الدكتورة إيفيلين جورج أن الفن القبطي في مرحلة النضوج مال إلى التعبيرية التجريدية وهو الاسلوب الذي ظهر في القرن العشرين في الولايات المتحدة وانتشر في اوروبا وكانت نظريته أن الألوان والخطوط والأشكال اذا ما استخدمت بحرية في تركيب غير رسمي أكثر قدرة علي التعبير وابهاج البصر، ومن أبرز مماثليها جاكسون بولوك وهانس هوفمان.

وعند تصوير السيد المسيح صور ملتحيا وبشعر كثيف مسترسل على الأكتاف بعد أن كان يصور في مرحلة الأنتقال بدون لحية وبشكل شبابي كما في مقبرة كرموز.

وصور منظر العذراء المرضعة الذي لا يصور في الفن البيزنطي ووضح الفنان القبطي العلاقة بين الام والابن بطريقة اكثر واقعية .

كما رسمت بعض البورتريهات بالترواكار في منظر النبي دانيال واتضح النضوج في رسم العين مثل الوجه بالترواكار، وعند تصوير الوجه بالبروفيل لم يعد يرسم للتعبير عن الحركة مثل في مرحلة الانتقال، حيث صور للتعبير عن الاشرار أو الأعداء كما بدى في منظر داود المصور من المواجهة ، يقضي على جليات الذي صور بالبروفيل.

واختتم اللقاء بمداخلة مهمة من نيافة الأنبا مارتيروس عن فن البورتيرية وملامحة، كما تم الاستماع لبعض المداخلات الهامة من الباحثين والسادة الحضور، وأجابت الدكتورة إيفيلين جورج على العديد من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات والمداخلات من الحضور، في جو من الحب والود ثم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للحضور الكريم وللدكتورة إيفيلين جورج.