تدعّمت المنظومة القانونية والتشريعية الوطنية بمجموعة مهمة من القوانين منذ بداية العام الجاري ينتظر أن يكون لها الأثر الواضح في تنظيم الحياة العامة بمختلف مناحيها الاجتماعية و الاقتصادية والمالية، والجزائية الردعية التي تهدف للتصدي لآفات خطيرة بدأت تعرف في المدة الأخيرة انتشارا مخيفا في أوساط المجتمع.
في إطار مواصلة التكيّف مع أحكام دستور 2020 و تنفيذ برنامج الحكومة المنبثق عن التزامات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يواصل البرلمان بغرفتيه مناقشة ودراسة حزمة معتبرة من مشاريع القوانين  منذ بداية العام الجاري، الرامية إلى تنظيم مختلف القطاعات.
 وقد صادق أعضاء البرلمان بغرفتيه في الشهرين الأخيرين على مجموعة من القوانين الهامة منها قوانين عضوية ، وينتظر أن يصادقوا في الأيام المقبلة على مجموعة أخرى من القوانين التي تقدمت بها الحكومة والموجودة اليوم داخل قبة البرلمان.
 و من أهم مشاريع القوانين التي نزلت إلى البرلمان وتمت المصادقة عليها من قبل نواب الغرفة الأولى وأيضا من قبل أعضاء مجلس الأمة، نجد القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 26/12  الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
ويكتسي هذا القانون العضوي أهمية كبيرة كونه النص الذي يكرس مبادئ دستورية هامة تتمثل في الفصل بين السلطات وتوزيع الصلاحيات بينها، وينظم عمل المؤسسة التشريعية في علاقاتها بالجهاز التنفيذي، و هو النص الذي سيؤدي إلى إعادة النظر في النظامين الداخليين لغرفتي البرلمان في القريب.
 قانون عضوي آخر صادق عليه نواب المجلس الشعبي الوطني وسيصادق عليه أعضاء مجلس الأمة الخميس المقبل وهو قانون الإعلام، بكل ما حمله من أحكام وتدابير لتنظيم مهنة الصحافة مستقبلا، و يعول عليه كثيرا في المستقبل من قبل مهنيي القطاع والسلطات العمومية على السواء من أجل تنقية الساحة الإعلامية و إعادة ترتيبها بما يسمح ببروز إعلام وطني يعتمد على الاحترافية والمصداقية قبل كل شيء.
في الجانب الاجتماعي درس البرلمان وصادق على مشروع قانون يتعلق بممارسة الحق النقابي، و يكتسي هو الآخر أهمية كبيرة في تنظيم مجالات وعلاقات العمل، و توضيح حقوق العمال و تكريس حرية العمل النقابي المكرسة دستوريا، ويدرس البرلمان في الوقت الحالي مشروع آخر في نفس الجانب هو مشروع القانون الخاص بالوقاية من النزاعات الجماعية للعمل وممارسة حق الإضراب، الذي جاء هو أيضا لتنظيم وتوضيح الحق في الإضراب تكريسا للمبدأ الدستوري الذي ينص على ذلك، وتفاديا لأي خلط أو استغلال لهذا الحق مستقبلا بما يؤدي إلى إنهاء فوضى الإضرابات التي كانت سائدة من قبل.
في الجانب المالي وفضلا عن المصادقة على مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2021 ناقش نواب المجلس الشعبي الوطني مشروع القانون النقدي والمصرفي في انتظار المصادقة عليه بعد غد الثلاثاء، على أن يعرض ويصادق عليه من قبل أعضاء مجلس الأمة في الأيام القليلة القادمة، وهو مشروع  ذو أهمية واضحة  في تنظيم البيئة المالية والنقدية الوطنية وتكييفها مع المستجدات الوطنية اجتماعيا واقتصاديا وأيضا مع التطورات والتحولات التي يشهدها العالم في هذا الجانب، ونفس الشيء بالنسبة لمشروع القانون المتعلق بقواعد المحاسبة العمومية والتسيير المالي.
في الجانب الجزائي والردعي تدعمت المنظومة القانونية الوطنية بقانونين هامين في الأسابيع الأخيرة هما  مشروع قانون يتعلق بالوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته، ومشروع القانون الذي يعدل ويتمم القانون رقم 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بهما.
و تتضح جليا أهمية هذين القانونين في التصدي لآفات خطيرة جدا بدأت تعرف في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا ومخيفا في أوساط المجتمع الجزائري وهما المتاجرة بالبشر، وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية كما توضحه كميات هذه المؤثرات التي تحجزها المصالح المختصة يوميا تقريبا في مختلف مناطق البلاد، وقد جاء المشروعان بأحكام ومقاربة مدروسة لمعاجلة هذه الظواهر والآفات تعتمد على الوقاية والتحسيس والمعالجة أولا، والردع في المرحلة الثانية وتسليط أقصى العقوبات على  المتورطين فيها.
و تجدر الإشارة إلى أن مشاريع القوانين هذه تندرج في مسار الإصلاحات العامة التي باشرتها السلطات العمومية منذ ثلاث سنوات في سياق السعي لبناء منظومة ترسانة قانونية وتشريعية تستجيب لتطلعات المواطنين في بناء جزائر جديدة كما وعد بذلك رئيس الجمهورية.
 إلياس -ب