في خطوة تستهدف أن تكون مصر خالية من الأمراض، وسعيًا لتقليل احتمالات تعرض الأجيال القادمة للإصابة بالأمراض الوراثية. أعلنت وزارة الصحة والسكان فى نهاية الشهر الماضي عن انطلاق العمل بمبادرة رئيس الجمهورية لـ«فحص المقبلين على الزواج»، تحت شعار «100 مليون صحة»، وذلك في إطار الحرص على مصر خالية من الأمراض المعدية المنتقلة بين الأزواج، وخفض نسب الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية، وسعيا لتقليل فرص تعرض الأجيال القادمة للإصابة بالأمراض الوراثية.
وأوضحت وزارة الصحة والسكان إنه لن يتم توثيق عقد الزواج الشرعي أو فى الكنيسة بدون الحصول على شهادة الفحص الطبى للمقبلين على الزواج وأن مدة سريان الشهادة 6 أشهر من بدء إجراء الفحص الطبي ولا يمكن اجراء الفحوص الطبية فى المراكز الطبية الخاصة وتجرى فقط بمراكز وزارة الصحة”.
كما أكدت أن عقوبة تزوير شهادات الفحص الطبى للمقبلين على الزواج مدة لا تقل عن 10 سنوات حبس وعقوبة استخدامها مدة لا تقل عن 3 سنوات .

_ الصحة: فحص وعلاج:

وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان الدكتور حسام عبد الغفار ، أن المبادرة تستهدف المقبلين على الزواج من المصريين وغير المصريين المقيمين على أرض مصر، لإجراء الفحص الطبي، واستخراج الشهادة الصحية، منوهًا إلى ضرورة إجراء التحاليل قبل موعد إتمام الزواج بمدة لا تقل عن 14 يومًا للحصول على نتائج التحاليل.
وكشف «عبدالغفار» أن المبادرة تشمل حزمة من الفحوصات الطبية للمقبلين على الزواج، للكشف المبكر عن العديد من الأمراض المعدية وغير السارية، للتأكد من خلوهم من الأمراض التي قد تؤثر عليهما في المستقبل أو احتمالية انتقال الأمراض بينهما.
وأشار «عبدالغفار» إلى أن خدمات المبادرة يتم إتاحتها في 300 مركز ووحدة طبية، بمعدل مركز طبي على الأقل داخل كل إدارة صحية، طوال أيام العمل الرسمية، بدء من الساعة التاسعة صباحًا حتى الثانية بعد الظهر، مشيرًا إلى توافر فريق طبي مختص بتقديم خدمات المبادرة في كل وحدة ومركز طبي، يتكون من (طبيب، ممرض، فني معمل).
ومن جانبه، قال الدكتور وائل عبد الرازق رئيس قطاع الرعاية الصحية والتمريض، إن الفحوصات الطبية المقدمة بالمبادرة تشمل الكشف عن الأمراض غير السارية (السكر، ارتفاع ضغط الدم، السمنة)، وكذلك الكشف عن الأمراض المعدية (فيروس بي، فيروس سي، فيروس نقص المناعة البشري)، بالإضافة إلى إجراء تحاليل (فصيلة الدم، Rh ،هيموجلوبين).
وتابع «عبدالرازق» أنه في حالة اكتشاف الإصابة بأي أمراض يتم تطبيق نظام الإحالة وتوجيه الطرفين لتلقي الخدمات الطبية والعلاج اللازم، بما يحد من مضاعفات الإصابة للطرف المصاب، وكذلك منع انتقال العدوى للطرف الأخر، وفي حالة سلبية جميع الفحوصات يتم تشجيع الطرفين على وضع خطة للوقاية من الأمراض غير السارية والأمراض المعدية.
كما يستلزم الفحص أولًا وجود الشخص نفسه لسحب العينات الطبية والوراثية الخاصة بفحص مرض أنيميا البحر المتوسط وفقر الدم المنجلى؛ لتحليلها فى المعامل المركزية، وبالتالي لا يمكن سحب تلك العينات من أى شخص آخر بخلاف المستهدف من الفحص.
أما بالنسبة للشهادة المميكنة، فهى مؤمنة بالكامل ومدعومة بـ QR code، وتشمل كل بيانات نتائج الفحوصات الطبية، وسيدون عليها الرقم القومى للطرف الآخر، كما أنه تم ربطها إلكترونيًا بمجمع الوثائق المؤمنة، الأمر الذى سيقضى على التلاعب الذى كان يحدث سابقًا فى الشهادات الصحية.
كما تتيح المنظومة تحويل الأشخاص إلى المستشفيات والمراكز المتخصصة لاستكمال الفحوصات الطبية المتقدمة والحصول على العلاج اللازم، وإصدار الشهادات الإلكترونية المؤمنة والمدعومة بـ QR code، والتى من شأنها القضاء على التلاعب وتزوير الشهادة الصحية الحديثة.

_ مكتب للمشورة ودليل للتوعية للمقبلين على الزواج:

وحول الوعى للمقبلين على الزواج أوضحت الدكتورة أمال عبد الحي، مدير الإدارة العامة للأمومة والطفولة بوزارة الصحة ومنسق المبادرة الرئاسية لفحص المقبلين على الزواج، أن خدمات التثقيف الصحي تتضمن المشورة الخاصة بالزواج والصحة الإنجابية، ومنها التثقيف فيما يخص العلاقة الزوجية السوية، وتصحيح المفاهيم والمعتقدات الخاطئة وإمداد الطرفين بمعلومات عن بعض الأمراض المُعدية التي تنتقل جنسيًا في حالة إصابة أحد الطرفين، بالإضافة إلى تعريفهما بمعلومات عن بعض الأمراض المعدية التي يمكن انتقالها إلى الجنين، فضلاً عن تعريفهما بوسائل تنظيم الأسرة، والوسائل المناسبة لتنظيم الحمل الأول.

وهناك دليل يتم تسليمه للمقبلين على الزواج به كل المعلومات التى تخص التوعية الصحية والاجتماعية والنفسية وشكل العلاقة بين الزوجين الذى يدخل ضمن المشورة وان كان تركيزنا كوزارة الصحة على الجانب الصحى .
وفيما يخص التحاليل غير المدرجة والملزمة هل يتم التوعية بها أوضحت عبد الحى ، اننا نقوم بالتوعية فيما يخص تحاليل الخصوبة من حيث القدرة على الإنجاب ، فنوضح لهم ما هى التحاليل الإضافية التى يمكن القيام بها وما هى الأوقات المناسبة لعملها وهذا ضمن المشورة ايضا ، حيث وضحت ان التحاليل الملزمة هى التحاليل الاختبار الكاشف من فيروس سي وبى ونقص المناعة البشرى والانيميا والسكر وايضا فصل الهيموجلوبين لاكتشاف مرض الثلاسيميا والأمراض المنقولة وراثيا ومن زواج الاقارب .
وبسؤالها هل هناك إحصائيات توضح لنا ان بعد هذه التحاليل وخصوصا الأمراض المزمنة والوراثية بمدى انخفاض او القضاء نهائيا على بعض الأمراض بعد هذه الإلزام فى فترة محددة ، أجابت مدير الإدارة العامة للأمومة والطفولة ، ان هذه المبادرة مميكنة ومن هنا نستطيع ان نرصد بالارقام ، فنحن نتحدث عن جيل ونتوقع ان يكون هناك مليون و800 ألف فرد سيتم فحصهم قبل الزواج على متوسط السنة ومن خلال الرصد سيعطيني الشكل العام وفى خلال عدة سنوات نستطيع رصد الواقع مقابل توقعاتنا وبالتالى نستطيع وضع الخطط المستقبلية بشكل سليم .
وأضافت ان مبادرة الفحص الطبى للمقبلين على الزواج تأتى ضمن حزمة المبادرات الرئاسية القائمة والتى كلها تعطى لنا ارقام والتى تساعد فى خطط الحماية والوقاية الصحية خاصة ان خطة الدولة الان هو الدعم المادى للوقاية والارشاد المبكر لحماية المجتمع كحل أفضل من العلاج .
وأوضحت ان هناك اقبال كبير على الفحص وان كان هناك معوق وحيد أمام المبادرة وهم الشباب الذين كانوا ارتبطوا بمواعيد مسبقة ولكن حاولنا حل هذه المشكلة ان مراكز الفحص تعمل 24 ساعة لخروج الشهادات فى اقرب وقت ، لذلك نحاول تسليم الشهادات فى اقل من اسبوع رغم ان التسليم طبقا للقرار فى خلال 14 يوم ، وقد أجرت وزارة الصحة والسكان الفحص الطبى ل 84 ألف شاب وفتاة خلال الشهر الاول من المبادرة الوطنية لفحص المقبلين علي الزواج.

_ مشروع قومى لحماية الأسرة صحيا واجتماعيا واقتصاديا:

تحدثت الاستاذة هالة عبد القادر – المديرة التنفيذية للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة والتى سبق وقدمت من خلال المؤسسة مجموعة من ورش العمل لتأهيل المقبلين على الزواج لنشر ثقافة الوعي داخل المجتمع بأهمية وضرورة تأهيل المقبلين على الزواج ، بالاضافة الى اصدار دليلين للأفراد المقبلين على الزواج تحت عنوان دليل الإرشادات الزوجية للمقبلين على الزواج ، ودليلها الثانى بعنوان “العلاقات الحميمية من منظور اجتماعى” ، موضحة أن الهدف الاساسى لعمل هذا المشروع داخل المؤسسة بعد إصدار مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار الذى يتبع مجلس الوزراء تقريرا فى عام 2014 ، أكد فيه أن مصر تحتل المركز الأول على العالم فى عدد المطلقات ، حيث إرتفاع نسبة المطلقات فى مصر خلال الخمسين عام الأخيره من 7% إلى 40% حسب إحصائيات مركز معلومات دعم إتخاذ القرار، ووصول عددهم إلى مليونين وخمسمائة مطلقه معظمهن من المتزوجات حديثا وبالتحديد خلال العام الأول من الزواج ، بمعدل وقوع عدد 240 حالة طلاق فى اليوم الواحد معظمها تقع فى العام الأول من الزواج .
وفيما يخص مبادرة الرئيس فى الفحص الطبي الإلزامي للمقبلين على الزواج قالت هالة عبد القادر ، لدينا أزمة فى مصر اننا نستطيع ان نجد الثغرات فى اى قرار جديد، ففي السابق كان القائم على الزواج يحضر شهادة غير صحيحة لإتمام الزيجة ولكن الان مع وجود عقوبات بالسجن الموضوع اختلف فأصبح من الصعب التلاعب مع القدرة على السيطرة ولكن يجب ان ننتبه أن الضامن على الجانب الآخر هو الوعى المجتمعى بأهمية وضرورة الفحص الطبى .

ولفتت أن هنا يأتى دور الجمعيات الأهلية العاملة فى كثير من المناطق والتى تستطيع الوصول الى كافة فئات المجتمع وشرح الهدف ، للرد على القول الشائع للشباب والاسر والذى نسمعه جميعنا من ان هدف الدولة هو جمع الاموال او زيادة معاناة الشعب ، فكلما زاد الوعي سنجد الشباب والشابات يذهبون لعمل الفحص بشكل جاد وصحيح بدلا عن الاضطرار والإلزام .
وتقترح هالة عبد القادر أن تشمل التوعية البرامج التليفزيونية والاذاعية وخاصة على القنوات التليفزيونية والاذاعية الدينية بالاضافة الى الجمعيات الاهلية .
وتذكر مديرة مؤسسة تنمية الاسرة ما تقوم به الكنيسة الارثوذكسية من إلزام المقبلين على الزواج بالحصول على كورس مشورة متكامل من إرشاد وتوعية والذي استعانت به فى ورش عمل الجمعية للمقبلين على الزواج ليصبح تأهيل متكامل بجانب الفحص الطبى .
كما طالبت أن يكون الفحص الطبى مجانا او بأسعار مخفضة أقل من ذلك ، نظرا لوجود بعض الفئات التي لا تستطيع تحمل هذه المبالغ وحتى نغلق الأبواب على التلاعب ، وتوضح ان فكرة الإلزام بلا وعى تؤدى الى عدم الالتزام والتمرد ، فعلى الجانب الآخر يمكن ان يؤدي إلى العزوف عن الزواج او اللجوء الى الزواج العرفى والتحايل .
وتقترح هالة عبد القادر اقامة مشروع قومى متكامل وملزم ، يضم الوزارات المعنية مع الجمعيات الأهلية العاملة مع الأسر، والتي لها تجربة مع توعية المقبلين على الزواج ثقافيا واجتماعيا وصحيا واقتصاديا لحماية الأسرة المصرية وخلق جيل واعي و مؤهل لتربية الأجيال القادمة .