خلال العام الماضي، كان سفر الروس إلى الخارج صعباً وأكثر تكلفة. لكن البعض يقول إن هذه ليست سوى بداية مخاوفهم. فمع تصاعد المشاعر المعادية لروسيا، بات العديد من المواطنين الروس يخشون البوح بجنسيتهم عند السفر للخارج.
كيف تغير السفر بالنسبة للروس؟
تقول الصحافية المستقلة، جوليا أزاروفا، إنها غادرت روسيا قبل عام إلى إسطنبول بعد غزو أوكرانيا، قبل أن تستقر في النهاية في ليتوانيا.
وخلال تلك الفترة زارت "أزاروفا"، لاتفيا مرتين، لكنها لا تستطيع الذهاب إلى أوكرانيا، حيث لديها أقارب. وقالت إن أصدقاءها الروس واجهوا مشاكل في الدخول إلى بولندا، بينما مُنع زملاؤها من دخول جورجيا، وفقاً لما ذكرته في حديثها لشبكة "CNBC"، واطلعت عليه "العربية.نت".
ورفضت مواطنه روسية أخرى تدعى "آنا" الكشف عن اسمها الحقيقي بسبب مخاوف من "عواقب غير متوقعة" - ولديها مشكلة معاكسة، إذ إنها في موسكو ولا تعرف متى ستغادر روسيا مرة أخرى.
وقالت: "في العادة، أزور دولة أو بلدين في السنة". ولكن الآن "السفر إلى مكان ما في الخارج يبدو وكأنه شيء لا يمكن تصوره ومستحيل".
كما أن السفر الجوي بات مكلفا للغاية. وأيضاً، "يتم حظر بطاقات الائتمان الروسية في كل مكان تقريباً، كما أن شراء العملات الأجنبية في روسيا أمر صعب للغاية".
فيما طلبت مسافرة روسية أخرى، تدعى "لانا"، عدم استخدام اسمها بالكامل بسبب مخاوف من انتقام السلطات الروسية. وقالت إنها تعيش في آسيا وكانت تخطط للعودة إلى ديارها الصيف الماضي لأول مرة منذ بدء الوباء. لكنها ألغت الرحلة بعد غزو أوكرانيا، على حد قولها، رغم أن والديها لم يروا طفلها منذ سنوات.
وأضافت: "لم أكن أعرف ما الذي سيحدث"، وكان قرارها بسبب الخوف من خطر إغلاق الحدود أو إلغاء الرحلات الجوية.
ما يشبه لقاء أشخاص آخرين
وبدلاً من العودة إلى الوطن، سافرت لانا في جميع أنحاء آسيا - إلى أماكن مثل تايلاند واليابان.
وقالت لانا: "من الصعب السفر إلى الخارج والتعرف على أشخاص جدد يعرفون أنك من روسيا – وكيفية استجابتهم لهذا الأمر".
"عندما يسأل الناس من أين أَنْتِ، فإن هناك لحظة صمت تسبق الإجابة لم أكن أفكر فيها سابقاً عندما كانت صغيرة"، وفقاً لما ذكرته لشبكة "CNBC".
وأوضحت، في الماضي عندما كنت تقول" أنا من روسيا "، فإن أول ما يقوله الناس هو الفودكا والدببة وماتريوشكا [الدمى] والكثير من الأشياء البريئة التي تشعرك نوعاً ما بالفخر".
لكن الأمر مختلف الآن. فأثناء السفر، يجب أن تستعد للتعليقات السلبية، رغم تأكيدها عدم تعرضها لموقف محرج إلى الآن، وأن معظم الناس قدموا كلمات التعاطف والقلق.
تحيز شديد
وقالت: "لا يفهم الجميع أن الحكومة والبلد والشعب ليسوا دائماً نفس الشيء".
وترى أن هناك "تحيزاً ووصمة عار تجاه الروس"، ووصفت حالات في المطاعم البولندية، حيث رفض طاقم الخدمة خدمتها بعد اكتشاف دليلها الروسي. بعد ذلك، بدأت في إخفاء جنسيتها أكثر، على حد قولها.
فيما تصف "أزاروفا" وحدتها في الخارج والمشاعر السلبية التي تنتابها، إذ يكفيها الشعور بالذنب تجاه أشخاص لم تسئ هي إليهم.
وقالت: "أنت تدرك أنك شخصياً لم ترتكب أي خطأ، لكن لا يمكنك التخلص من فكرة أن شيئاً ما خطأ فيك شخصياً".
ومؤخراً، باتت أقل خشية من البوح بجنسيتها الروسية، لأنها لا تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك. وقالت "كل ما يمكنني فعله هو إظهار الوجه الآخر للروس الذين هم ضد الحرب وحاولوا فعل شيء لوقفها".
وهي الآن تغطي الحرب لقناة "Khodorkovsky Live" الإخبارية، وهي قناة على موقع يوتيوب مدعومة من رجل الأعمال الروسي المنفي والناقد البارز للكرملين، ميخائيل خودوركوفسكي.
لسنا مخيفين
قالت لانا: "الناس مجرد أشخاص، بغض النظر عن الجنسية وجواز السفر وجنسيتك. لقد عشت في عدد قليل من البلدان. لقد سافرت كثيراً. من واقع خبرتي، الصور النمطية في معظم الأوقات لا تصمد".
وأوضحت أن كل ما أريد أن يعرفه العالم أنه ليس كل الروس "مخيفين"، وهنا أشخاص ودودون ومستعدون لأن يكونوا أصدقاء جيدين.
وقالت "يجب أن يعرف الناس أنه وراء الأخبار المخيفة عن روسيا، هناك ملايين الروس الذين يعانون، والذين يخافون والذين وقعوا في الفخ، ومن يصلون من أجل السلام كل يوم".
وتتمنى "أزاروفا"، أن يفهم العالم أن معاقبة الشعب الروسي، على عكس الحكومة والنخبة الحاكمة، لن تؤثر على بوتين.
