الربط القاري بين المغرب وإسبانيا مشروع لتأكيد أزلية العلاقات بين البلدين


هناك حرص كبير من الكابرانات على توتير العلاقات المغربية الإسبانية التي تمرّ في الوقت الراهن بِأزهى أيامها. فمنذ الإعلان التاريخي لرئيس الحكومة الإسبانية عن تغيير موقف بلاده جذريا من قضية الصحراء المغربية ودعمه الرسمي لمشروع الحكم الذاتي، تحاول السلطات الجزائرية بكل ما تملك من قوة ونفوذ وتأثير أن تثني مدريد عن موقفها وتعيدها إلى سابق عهدها الذي كانت تلعب فيه على الحبلين. كل هذه المحاولات باءت وتبوء بالفشل إلى درجة أن إسبانيا كانت على استعداد للتضحية بالكثير من الصفقات التجارية التي تجمعها بالمستوردين الجزائريين من أجل الثبات على خط العلاقات الجديد مع المغرب القائم على الاحترام المتبادل وعدم التصرف بعيدا عن التنسيق الثنائي خصوصا في القضايا المتعلقة بالوحدة الترابية.

وكلّما طفت على السطح مشكلة أو تصريح أو لحظة توتر بين المغرب وإسبانيا إلا وسارع الكابرانات إلى محاولة الركوب عليها من أجل النفخ فيها والبحث عن تعميقها وتحويلها إلى أزمة، طمعا في أن تعود مدريد للارتماء في أحضان الجزائر مجددا. كل هذا فقط من أجل أن يسمع الجزائريون تلك الكلمات التي تطرب أحقادهم عن تقرير المصير والجمهورية الوهمية. هذا مثلا ما ظهر بسرعة منذ يوم أمس بعد التصريح الذي أدلت به وزيرة الدفاع الإسبانية عن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين وعن عدم وجود أي تفاوض بخصوصهما. هذا الموقف الإسباني ليس جديدا، والسلطات المغربية واعية به، وتعلم جيدا الوقت المناسب لفتح هذا الملف والعمل عليه، والطرق اللائقة لذلك، التي لا تخرج عن دائرة التوافق والتفاوض مثلما حدث في كثير من قضايا تصفية استعمار الثغور المماثلة عبر العالم.

لكن ما لا يدركه الكابرانات أن العلاقات المغربية الإسبانية هي من نمط خاص. لقد كانت ولا تزال مشحونة بالمشترك التاريخي والجغرافي، وزادتها شحنات المعطى الاجتماعي والاقتصادي رسوخا وثباتا، وهي قادرة على الاستمرار في مقاربة كل الملفات مهما كان هناك من خلافات دون أن يؤدي ذلك إلى القطيعة أو الصراع أو النزاع. المغرب سيظل يطالب بالمدينتين السليبتين بوسائله وطرقه الخاصة، لكن ذلك لا يعني أنه سينهي علاقاته مع إسبانيا ويوقف كل المشاريع والبرامج المشتركة ويقطع الروابط الإنسانية الممتدة بين الجالية المقيمة في إسبانيا ووطنها الأم، وبين الجالية الإسبانية المقيمة بالمغرب ورجال الأعمال والسياح وغيرهم. فما هكذا تُدار الخلافات خصوصا إذا كانت من هذه الطينة الحساسة.

والدليل على ذلك أن التصريح الصادر بالأمس عن وزيرة الدفاع الإسبانية تلاه مباشرة انعقاد اللجنة الإسبانية المغربية المشتركة لمشروع الربط القاري عبر مضيق جبل طارق في دورتها الـ43 برئاسة وزير التجهيز والماء نزار بركة، ووزيرة النقل والتنقل والأجندة الحضرية راكيل سانشيث خيمينيث. هذه اللجنة التي تعقد اجتماعاتها منذ سنوات طويلة لا تزال إطارا نموذجيا لإصرار البلدين على استمرارية التعاون بينهما مهما كانت الظروف أو السياقات المحيطة بالعلاقات بينهما. صحيح أن الأمر يتعلق بمشروع طال التفكير فيه كثيرا، إلا أنه يقترب من الوضع على السكة الصحيحة بعد أن دخل البلدان في مشروع مشترك آخر يتعلق بالترشيح لاستضافة كأس العالم سنة 2030 إلى جانب البرتغال. والذي يؤكد ذلك هو تجسيد الرغبة في تنفيذ هذا المشروع بتوقيع مذكرة التفاهم بشأن البنيات التحتية خلال الاجتماع رفيع المستوى المغربي الإسباني الذي عقد في الرباط يومي 1 و2 فبراير 2023.

لهذا لا يمكن أبدا لمطلب استرجاع سبتة ومليلية المحتلتين الذي سيظل قائما ومشروعا أن يؤثر بتاتا على تواصل التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. فالإرادة السياسية المعلنة منذ تمت إعادة كتابة قواعد التعامل بين البلدين تمثل خارطة طريق واضحة، قوامها الأساس هو التنسيق واحترام قرارات كل طرف وسيادته والذهاب إلى أبعد مدى في استغلال فرص النماء والتطور في المنطقة باعتبار البلدين بوابتين متقابلتين على كل من إفريقيا وأوربا. ولذا فإن مشروع الربط القاري بين البلدين ليس سوى تأكيد آخر على أزلية العلاقات بين البلدين وحتميتها مهما كانت الخلافات.

تاريخ الخبر: 2023-04-12 00:24:57
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

وهبي: مطالبة الفنادق للزبناء بعقد الزواج مخالف للقانون

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:27:11
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

تصدير الأسماك السعودية إلى 35 دولة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:57
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

318 مليون ريال انخفاضا في الصرف على الأدوية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:55
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 60%

أفراح القادسية تودع هجر السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:58
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

وهبي: مطالبة الفنادق للزبناء بعقد الزواج مخالف للقانون

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:27:02
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

الأخطبوط يترك للنمور قفازا تاريخيا السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:53
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

44 ألف بلاغ تعديات ومخالفات صحية بالعاصمة المقدسة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:51
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

التورنيدو يعود مع الذهب السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:27:00
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية