هل أصبح من الصعب على الشباب الروس الإفلات من التجنيد العسكري وعدم الالتحاق بجبهات القتال في أوكرانيا بعدما صادق أعضاء الدومة (البرلمان الروسي) الأسبوع الماضي على قانون يقضي بإرسال أوامر التجنيد إلكترونيا عوض تسليمهما من اليد إلى اليد كما كان متعامل به سابقا.
فوفق هذا القانون الجديد، لن تكون السلطات الروسية مجبرة عن البحث عن الاحتياطيين الذين لم يستجيبوا لنداء الجيش الروسي لكي تسلمهم أوامر التجنيد والمشاركة في الحرب في أوكرانيا. بل على الشباب الاحتياطين استخدام البوابة الرقمة "غوسوسلوغي" لإرسال كل وثائقهم وملفاتهم الإدارية.
وفي بيان مقتضب، أعلنت الدومة (البرلمان الروسي) أن "أي مواطن روسي قابل للتجنيد لكن يرفض استلام الدعوة أو يصعب الاتصال به سيتم التعامل معه على أنه شخص يرفض الاستجابة لأوامر السلطة".
من جهة أخرى، ينص القانون أن كل الشباب الروس المعنيين الذين يرفضون الحضور إلى مقرات المفوضية العسكرية بعد عشرين يوما من استدعائهم سيحرمون من العمل كمقاولين أو كموظفين مستقلين. كما سيفقدون حقوقهم في الحصول على قروض بنكية أو شراء أو بيع سيارة أو شقة.
لكن في نفس الوقت، نفى الكرملين نيته إطلاق حملة ثانية لتجنيد احتياطيين على الجبهات الأوكرانية. ولفهم مغزى وتداعيات هذا القانون الجديد ومدى تأثيره على القدرات العسكرية للجيش الروسي، تحاورت فرانس24 مع العقيد جواكيم باسيكيفي وهو أستاذ في الاستراتيجية العسكرية بجامعة في السويد ومتخصص في شؤون الجيش الروسي.
كيف تمكن بعض شباب الاحتياط الروس من الإفلات من التجنيد العسكري لغاية الآن؟
جواكيم باسكيفي: الطريقة الأولى تمثلت في تجنب التواجد في عنوان الإقامة الرسمي المسجل لدى المكتب العسكري للتعبئة وعدم إعلام الإدارة بالعنوان الجديد في حال تغييره. أما الطريقة الثانية، فتتمثل في مغادرة البلاد والتوجه إلى أي بلد يقبلهم، وهو ما فعله مئات الآلاف. البعض سافروا إلى أوروبا الغربية والبعض الأخر إلى تركيا. لكن غالبية الروس الذين فروا من البلاد توجهوا إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة. أما الأغنياء، فلقد سافروا إلى الإمارات العربية المتحدة أو إلى دول مماثلة.
هل القانون الجديد شارة يأس ينتاب الجيش الروسي ؟
نعم إلى حد ما. لكن في نفس الوقت كان يراد أيضا منه تطوير نظام التعبئة الذي أصبح غير فعال مع مرور الزمن. فعلى سبيل المثال لم يكن من السهل للجيش الروسي أن يجند الشبان لأنهم تمكنوا من الفرار عند مجيء ضباط ووكلاء التجنيد إلى أماكن إقامتهم.
وفي هذا الشأن، تم نشر مشاهد مدهشة ومضحكة على مواقع التواصل الاجتماعي في سبتمبر/أيلول الماضي. أحدها يظهر رجال شرطة وضباط تجنيد يحاولون الدخول إلى المنازل عبر النوافذ لأن الشباب الاحتياطين رفضوا أن يفتحوا لهم الأبواب. لكن بفضل النظام الرقمي الجديد، تأمل السلطات في أن تجد شبابا روس احتياطيين. فيكفي لهذه السلطات أن ترسل دعوة للتجنيد لأي شاب لكي تعتبره مؤهلا لأداء الخدمة الوطنية.
الكرملين قال إنه اقترح قانونا جديدا لإصلاح "الفوضى" التي شهدتها مكاتب التجنيد العسكري في الخريف الماضي. هل توضحون لنا؟
لم يتم تجديد العناوين وبعض المعلومات الأخرى المتعلقة بالشباب الروس في المكاتب العسكرية للتعبئة العسكرية منذ سنين. إلى درجة أنه أصبح من الصعب جدا لموظفي هذه المكاتب الاتصال بالأشخاص الذين يريدون تجنيدهم.
من جهة أخرى، لقد تم استدعاء العديد من الناس عن طريق الخطأ بالرغم أنه كان من المفروض إعفاؤهم عن الخدمة الوطنية لأسباب متعددة، كالمرض أو لأنهم طلبة أو تجاوزوا سن الالتحاق بالجبهات القتالية. لهذا السبب تمت معاقبة العديد من المسؤولين العسكريين. وسجلت حالات انتحار داخل هذه الآلية الأمور لم تكن تسير في الطريق الصحيح.
مشاكل التنظيم هذه لم يكشفها فقط الشباب الذين تم تعبئتهم عن طريق الخطأ. بل إن الرئيس بوتين نفسه قال إن حوالي تسعة آلاف شخص تم تجنيدهم بالخطأ وكان من المفروض أن يعودوا إلى منازلهم. ومن خلال هذا التصريح أراد بوتين تسويق صورة "القيصر الصالح" القادر على تصحيح وتحميل الهيئات الإدارية الوسيطة مسؤولية الأخطاء المرتكبة.
فرانس24 / لويز نورستروم
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24
