محمد الباز يكتب: إمام التفكير.. دعوى التفريق.. مؤامرة هدم بيت نصر أبوزيد وابتهال يونس

- الدعوى أقامها محامون بتحريض من أساتذة كلية دار العلوم جامعة القاهرة

- مقيمو الدعوى اتهموا «نصر» بالردة عن الإسلام وطالبوا بالتفرقة بينه وبين زوجته منعًا لوقوع منكر واقع ومشهود!

- الدعوى الإجرامية ادعت أن المفكر العظيم يكره القرآن الكريم والسنة النبوية

 

كانت المعركة بين نصر أبوزيد وخصومه أتباع عبدالصبور شاهين محسومة، فالترقية التى حُرم منها بتأثير تقرير شاهين سينالها بعد شهور، وهو ما حدث بالفعل، فقد تمت ترقيته إلى درجة أستاذ فى مايو ١٩٩٥، بعد أن غادر شاهين اللجنة تاركًا المكان لمن يُقيّمون الإنتاج العلمى على أسس ومعايير علمية، بعيدًا عن المواقف الشخصية ومداخل الدعاة والوعاظ فى التعامل مع العلم والعلماء.

ولأن المعركة لم تكن علمية، بقدر ما كانت شخصية تغلب عليها المصالح الذاتية، فقد قرر كهنة دار العلوم تصفية نصر أبوزيد بشكل كامل. 

لم ينتصروا عليه فى الجامعة، فلا أقل من أن يفعلوا ذلك خارجها. 

استخدموا كل أدواتهم. 

سلطوا الصحف التابعة لهم والناطقة بلسانهم، فلم يتركوا فى جسد نصر موضعًا إلا وجهوا له السهام. 

أصدروا الكتب التى يشوهون صورته من خلالها، ولم يكن غريبًا أن يصدر إسماعيل سالم، الأستاذ المساعد بدار العلوم خطيب مسجد نور الإسلام بالهرم، كتابًا بعنوان «نقد مطاعن نصر أبوزيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين»، وحتى يحدث تأثيره المرجو منه طبعته دار المختار الإسلامى، وتم توزيعه مجانًا على طلاب جامعة القاهرة. 

لم يكن هذا هو الكتاب الوحيد، فقد أصدر عبدالصبور شاهين كتابه «قصة أبوزيد وانحسار العلمانية بجامعة القاهرة»، ورغم أن الكتاب لم يكن فيه جديد، فقد جمع فيه شاهين المقالات التى سبق ونشرتها الصحف مناصرة له، إلا أنه أراد أن يُعيد الروح إلى هذه المقالات بإصدارها فى كتاب. 

تم تجنيد منابر المساجد، وعلى رأسها منبر مسجد عمرو بن العاص الذى يخطب من فوقه عبدالصبور شاهين أسبوعيًا، وكان صعبًا على نصر عندما علم أن صديقه الذى حفظ معه القرآن هاجمه من فوق منبر قريته قحافة، وردد ما قاله عنه عبدالصبور شاهين. 

كل هذا لم يكن كافيًا فى المعركة التى خاضها الكهنة لاغتيال نصر معنويًا، بل أصروا على أن يجرجروه إلى المحكمة، قرروا مطاردته فى غرفة نومه وعلى فراشه، ولا أدرى أى شيطان ألقى فى عقولهم وقلوبهم بفكرة رفع دعوى تفريق بين نصر وزوجته، وهى القضية التى خططوا من خلالها لإثبات حكم الردة عليه. 

حملت دعوى التفريق بين نصر حامد أبوزيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس توقيع عدد من المحامين، هم: محمد صميدة عبدالصمد، وعبدالفتاح عبدالسلام الشاهد، وأحمد عبدالفتاح أحمد، وهشام مصطفى حمزة، وأسامة السيد بيومى على، وعبدالمطلب محمد أحمد حسن، والمرسى المرسى الحميدى، ومحلهم المختار هو مكتب محمد صميدة عبدالصمد الكائن بـ٣٣ جامعة الدول العربية بالمهندسين، قسم العجوزة، محافظة الجيزة. 

سيكون من المهم هنا أن أعرض على حضراتكم نص هذه الدعوى، لأنها تمثل فى النهاية وثيقة تاريخية، تعكس كيف كان يفكر هؤلاء الذين دفعوا دفعًا إلى إقامة الدعوى من قِبل أساتذة كلية دار العلوم، وحرصوا على ألا يظهروا بشكل مباشر فى الدعوى، وهو ما اعترف به سالم عبدالعال فى مقدمة كتابه «نقد مطاعن نصر أبوزيد»، يقول: أثبت هنا ما قاله لى أستاذنا د. أحمد هيكل، وزير الثقافة السابق، وكذلك د. محمد بلتاجى، عميد كلية دار العلوم، حين علما برفع الدعوى للتفريق بين أبوزيد وزوجه، بأن أحرص على ألا يكون هناك أحد من أبناء دار العلوم حتى لا تبدو عداوة بين قسم اللغة العربية بكلية الآداب وكلية دار العلوم.

الآن يمكننى أن أضع أمامكم ما جاء فى الدعوى، وأترك لكم الحكم ليس على طريقة تفكير من صاغوها، ولكن على مساحة الشر فى قلوبهم وعقولهم وأرواحهم، تقول الدعوى: 

المعلن إليه الأول- نصر أبوزيد- ولد فى ١٠ يوليو ١٩٤٣، فى أسرة مسلمة، وتخرج فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، ويشغل الآن منصب أستاذ مساعد الدراسات الإسلامية والبلاغة بالقسم وبالكلية، وقد قام بنشر عدة كتب وأبحاث ومقالات تضمنت طبقًا لما رآه علماء عدول كفرًا يخرجه عن الإسلام، الأمر الذى يعتبر معه مرتدًا، ويحتم أن تطبق فى شأنه أحكام الردة حسبما استقر عليه القضاء، وذلك كله على التفصيل الآتى:

نشر المعلن إليه الأول كتابًا عنوانه «الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية» وقد نشرته دار سينا للنشر سنة ١٩٩٢، وأعد الأستاذ الدكتور محمد بلتاجى حسن، أستاذ الفقه وأصوله عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، تقريرًا عن هذا الكتاب ذكر فى مستهله أنه يمكن تلخيص محتواه فى أمرين: 

الأول: العداوة الشديدة لنصوص القرآن والسنة، والدعوة إلى رفضها وتجاهل ما أتت به. 

والثانى: الجهالات المتراكبة بموضوع الكتاب الفقهى والأصولى. 

واستطرد الأستاذ الدكتور العميد فى تقريره فأوضح أن صفحات الكتاب تنطق بكراهية شديدة لنصوص القرآن والسنة، إلى حد تحميل الالتزام بهذه النصوص كل أوزار الأمة الإسلامية وأوضاعها المتخلفة، ومن الأدلة على ذلك: 

أولًا: قول المعلن إليه فى آخر الكتاب فى صفحة ١١٠ إنه «قد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان فى عالمنا، علينا أن نقوم بهذا قبل أن يجرفنا الطوفان»، والنصوص المقصودة فى قوله هذا هى القرآن والسنة، بدليل قوله مثلًا فى صفحة «١٥»: «إن تثبيت قراءة النص الذى نزل متعددًا فى قراءة قريش، كان جزءًا من التوجيه الأيديولوجى للإسلام لتحقيق السيادة القرشية»، وقوله فى صفحة «٢٨»: «إن النص الثانوى هو السنة النبوية، والنص الأساسى هو القرآن»، وأمثلة ذلك كثيرة فى صفحات الكتاب. 

ولا معنى للتحرر من سلطة نصوص القرآن والسنة إلا بالكفر بما فيهما من أحكام وتكليفات. 

ثانيًا: قول المعلن إليه فى صفحتى «١٠٣» و«١٠٤» من الكتاب ذاته عن موقف الإمام الشافعى من القياس «إن هذا الموقف يجعل الإنسان مغلولًا دائمًا بمجموعة من الثوابت التى إذا فارقها حكم على نفسه بالخروج من الإنسانية، وليست هذه الرؤية للإنسان والعالم معزولة تمامًا عن مفهوم الحاكمية فى الخطاب الدينى السلفى المعاصر، حيث ينظر لعلاقة الله بالإنسان والعالم من منظور علاقة السيد بالعبد الذى لا يتوقع منه سوى الإذعان، وكما كانت رؤية الشافعى تلك للعالم كرست فى واقعها التاريخى سلطة النظام السياسى المسيطر والمهيمن، فإنها تفعل الشىء ذاته فى الواقع المعاصر». 

ويقول الأستاذ الدكتور العميد تعليقًا على ذلك إنه «بديهى أن العقيدة الإسلامية، بل كل عقيدة دينية لا ترضى من الإنسان إلا الطاعة المطلقة التى هى المفهوم الحرفى لمعنى (العبادة) و(الإسلام)، والذى لا يرتضى الانصياع المطلق للنصوص المقدسة، فهو خارج عن حد الإيمان بآيات من القرآن كثيرة جدًا، منها قوله تعالى «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالًا مبينًا»، وقوله «إنما كان قول المؤمنين إذا ما دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا، أولئك هم المفلحون»، وقوله «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا». 

وقد أقام المؤلف نفسه عدوًا للشافعى الذى يسعى دائمًا لتكريس سلطة النصوص كما يقول فى صفحتى ١٠٠ و١٠٧ مثلًا، كذلك لم يترك مناسبة فى كتابه الصغير للغض من النصوص وتحقيرها وتجاهل ما أتت بها إلا انتهزها. 

ثالثًا: قول المعلن إليه الأول فى صفحتى ٢٠ و٢١ ما نصه: «يبدأ الشافعى حديثه عن الدلالة بتقرير مبدأ على درجة عالية من الخطورة فحواه أن الكتاب يدل بطرق مختلفة على حلول لكل المشكلات أو النوازل التى وقعت أو يمكن أن تقع فى الحاضر أو المستقبل على السواء، وتكمن خطورة هذا المبدأ فى أنه المبدأ الذى ساد تاريخنا العقلى والفكرى، وما زال يتردد حتى الآن فى الخطاب الدينى بكل اتجاهاته وتياراته وفصائله، وهو المبدأ الذى حوّل العقل العربى إلى عقل تابع، يقتصر دوره على تأويل النص واشتقاق الدلالات منه». 

هذا الذى أنكره المعلن إليه على الإمام الشافعى إنما هو المعنى الحرفى لقوله تعالى «ونزلنا عليك من الكتاب تبيانًا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين» وهو أيضًا «إكمال الدين» فى قوله تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينًا». 

رابعًا: قول المعلن إليه فى صفحة ٢٢ ما نصه «والشافعى حين يؤسس المبدأ- مبدأ تضمن النص حلولًا لكل المشكلات- تأسيسًا عقلانيًا يبدو وكأنه يؤسس بالعقل إلغاء العقل، ومفهوم كلامه أن إبقاء العقل لا بد معه من رفض النص، فهو لا يرى أنه يمكن الجمع بين الأمرين، ومفهومه بداهة أن الذين يستسلمون للنصوص الشرعية على أن فيها حلولًا لكل المشكلات فقد ألغوا عقولهم». 

وقد طبع المعلن إليه كتابًا عنوانه «مفهوم النص.. دراسة فى علوم القرآن» وقام بتدريسه لطلبة الفرقة الثانية بقسم اللغة العربية بكلية الآداب، وقد انطوى على كثير مما رآه العلماء كفرًا يخرج صاحبه عن الإسلام، وقد أعد الأستاذ الدكتور إسماعيل سالم عبدالعال، أستاذ الفقه المقارن المساعد بكلية دار العلوم، بحثًا أوضح فيه بعض هذا الكفر، ومن ذلك ما يأتى: 

أولًا: أن المعلن إليه ذكر فى صفحة «٢١» من هذا الكتاب أن «الإسلام دين عربى، وأن الفصل بين العروبة والإسلام ينطلق من مجموعة من الافتراضات المثالية الذهنية، أولها عالمية الإسلام وشموليته من دعوى أنه دين للناس كافة لا للعرب وحدهم»، وهذا القول يعارض معارضة صريحة ويناقض لآيات كثيرة فى القرآن الكريم، منها قوله تعالى «تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا» وقوله سبحانه «إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيًا»، وقوله عز وجل «وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرًا ونذيرًا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون». 

ثانيًا: كما ذكر فى صفحة «٢٣» من الكتاب ذاته أن النص القرآنى «فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى، والمقصود بذلك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد على العشرين عامًا، وإذا كانت هذه الحقيقة تبدو بديهية ومتفقًا عليها، فإن الإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يعود لكى يطمس هذه الحقيقة البديهية ويعكر من ثم إمكانية الفهم العلمى لظاهرة النص»، وقد أكد المعلن إليه هذا القول فى بحث له بعنوان «إهدار السياق قى تأويلات الخطاب الدينى»، حيث ذكر ما نصه «يتم فى تأويلات الخطاب الدينى للنصوص الدينية إغفال مستوى أو أكثر من مستويات السياق، وفى كثير من الأحيان يتم إغفال كل المستويات لحساب الحديث عن نص يفارق النصوص الإنسانية من كل وجه، إن التصورات الأسطورية المرتبطة بوجود أزلى قديم للنص القرآنى فى اللوح المحفوظ باللغة العربية لا تزال تصورات حية فى ثقافتنا». 

وأقوال المعلن عليه قاطعة فى اعتقاده أن القرآن منذ نزل على محمد، صلى الله عليه وسلم، أصبح وجودًا بشريًا منفصلًا عن الوجود الإلهى، وأن الإيمان بوجود أزلى قديم للقرآن فى اللوح المحفوظ هو مجرد أسطورة، وكما قال الأستاذ الدكتور عبدالصبور شاهين تعليقًا على ذلك إن المعلن إليه يرى أن إعجاز القرآن بهذا المعنى أسطورة وكونه كلام الله أسطورة وانتماءه إلى المصدر الغيبى أسطورة، فهو يتحدث بحسم عن «أسطورة» وجود القرآن فى عالم الغيب إنكارًا لما لا يقع تحت الحس، وعالم الغيب لا يصلح موضوعًا للفكر، بل هو موضوع للاعتقاد فقط، فضلًا عن استخدام كلمة أسطورة فى وصف وجود القرآن وهو تعبير لا يليق إن لم يكن تجاوزًا قبيحًا. 

ومن واقع كتب وأبحاث المعلن إليه وصفه كثير من الدارسين والكتّاب بالكفر الصريح، ولم ينف تكفيره- على كثرته- بل لعله يرضى به واستراح إليه، بحسبانه معبرًا عن عقيدته وجوهر فكره، الأمر الذى يرقى إلى الإقرار منه بما وصم به. 

وقد ارتد المعلن إليه عن الإسلام طبقًا لما استقر عليه القضاء وأجمع عليه الفقهاء، ومن المعلوم أن الردة شرعًا هى إتيان المرء بما يخرج به عن الإسلام إما نطقًا أو اعتقادًا أو شكًا ينقل عن الإسلام، ومن أمثلة ذلك فيما ذكره العلماء، جحد شىء من القرآن، أو القول بأن محمد، صلى الله عليه وسلم، بعث إلى العرب خاصة، أو أنكر كونه مبعوثًا إلى العالمين، أو القول بأن الشريعة لا تصلح للتطبيق فى هذا العصر، أو أن تطبيقها كان سبب تأخر المسلمين، أو أنه لا يصلح المسلمين إلا التخلص من أحكام الشريعة، كما قضى بأن «من استخف بشرع النبى، صلى الله عليه وسلم، فقد ارتد بإجماع المسلمين». 

وبناء على أقوال المعلن إليه الثابتة فى كتبه وأبحاثه المنشورة على الملأ التى أوردنا بعضًا منها فيما سبق، وطبقًا لما أفتى به العلماء المتخصصون بعد دراستهم لهذه الأقوال، فإن المعلن إليه وقد نشأ مسلمًا، يعتبر بذلك مرتدًا عن الإسلام، ويكفى لاعتباره كذلك جزئية واحدة مما كتبه ونشره، ناهيك عن تعدد أقواله التى تخرج عن الإسلام بإجماع العلماء. 

ومن آثار الردة المجمع عليها فقهًا وقضاءً، أن الردة سبب من أسباب الفرقة بين الزوجين، ومن أحكامها أنه ليس لمرتد أن يتزوج أصلًا لا بمسلم ولا بغير مسلم، إذ الردة فى معنى الموت وبمنزلته، والميت لا يكون محلًا للزواج، والردة لو اعترضت على الزواج رفعته، وإذا قارنته تمنعه من الوجود، وفقه الحنفية أن المرأة المتزوجة إذا ارتدت انفسخ عقد زواجها، ووجبت الفرقة بين الزوجين بمجرد تحقق سببها، وبنفس الردة وبغير توقف على قضاء القاضى، وأما ردة الرجل فهى عند أبى حيفة وأبى يوسف فرقة بغير طلاق «فسخ» وعند محمد فرقة بطلاق، وهى بالإجماع تحصل بنفس الردة فتثبت فى الحال وتقع بغير قضاء القاضى، سواء كانت الزوجة مسلمة أو غير مسلمة. 

ولا يصح التذرع فى هذا الخصوص بالقول بأن الدستور يكفل حرية العقيدة، فهذه مقولة حق يُراد بها باطل، وقد استقر القضاء المصرى بجميع جهاته ودرجاته، استقرارًا مطلقًا على أن أعمال آثار الردة حسبما تقررت فى فقه الشريعة الإسلامية ليس فيها ما يخالف أحكام الدستور، وليس فيه أى مساس بحرية العقيدة أو المساواة بين الأفراد فى الحقوق والواجبات، ذلك أن هناك فرقًا بين حرية العقيدة، وبين الآثار التى تترتب على هذا الاعتقاد من الناحية القانونية، فكل فرد حر فى اعتناق الدين الذى يشاء فى حدود النظام العام، أما النتائج التى تترتب على هذا الاعتقاد فقد نمتها القوانين، ووضعت أحكامها، فالمسلم تطبق عليه أحكام الشريعة الإسلامية، والذمى تطبق عليه أحكام أخرى تختلف باختلاف المذهب أو الطائفة فى حدود القوانين والنظام العام، وتطبيق القوانين الخاصة فى كل طائفة تبعًا لما تدين به ليس فيه تمييز بين المواطنين، ولكن فيه إقرار بحرية العقيدة وتنظيم لمسائل الأحوال الشخصية فى حدودها وحدود الدين، ولا مشاحة فى أن الشريعة الإسلامية تضمنت أحكامًا متعلقة بالأحوال الشخصية وتتصل بالنظام العام، ولا يمكن إهدارها أو إغفالها مثل حكم المرتد.

وقد أشار المشرع إلى قاعدة النظام العام، وأوجب مراعاته فى المادة ٦ من القانون رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٥٥، على أنه بالنسبة إلى المنازعات المتعلقة بالمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة، الذين لهم جهات قضائية وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام فى نطاق النظام العام طبقًا لشريعتهم، كما نصت المادة ٧ على أنه لا يؤثر فى تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدمة تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم من طائفة وملة إلى أخرى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام فتطبق الفقرة الأولى من المادة ٦ من هذا القانون، وتأسيسًا على ذلك تكون أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالمرتد عن الإسلام هى الواجبة التطبيق والإعمال باعتبارها قاعدة متعلقة بالنظام العام على ما سبق بيانه، وليس فيه مساس بحرية العقيدة أو المساواة بين المواطنين. 

وخلاصة القول إن المعلن إليه الأول وقد ارتد عن الإسلام طبقًا لما قرره الفقهاء العدول، فإن زواجه من المعلن إليها الثانية- ابتهال يونس- يكون قد انفسخ بمجرد هذه الردة، ويتعين لذلك التفرقة بينهما بأسرع وقت، منعًا لمنكر واقع ومشهود. 

وهذه الدعوى من دعاوى الحسبة، بحسبان أنها طلب تفريق بين زوجين والأمر بكفهما عن معاشرة لا تحل لهما، فهى دعوى تدافع عن حق من حقوق الله تعالى، وهى الحقوق التى يعود نفعها على الناس كافة لا على أشخاص بأعينهم، لأن حل مباشرة المرأة وحرمتها من حقوق الله تعالى التى يجب على كل مسلم أن يحافظ عليها ويدافع عنها. 

لكم أن تتصوروا أن من كتبوا هذا الكلام كانوا يعيشون فى نهاية القرن العشرين، وتخيلوا أكثر أن نصر أبوزيد كان مضطرًا لأن يرد عليهم. 

غدًا.. نصر أبوزيد يرد على دعوى التفريق بينه وبين زوجته: لست كافرًا

تاريخ الخبر: 2023-04-16 21:21:10
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:55
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:47
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:26:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:54
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية