بعد تحوله إلى وجهة استقرار.. كيف يساهم المهاجرون الأفارقة في اقتصاد المغرب؟


شيماء مومن – صحافية متدربة

 

يتمركزون في أحياء خاصة ويزاولون مهنا مختلفة، أولئك فئة من المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، منهم مهاجرون نظاميون يمتلكون أوراقهم القانونية ويعيشون بشكل مندمج داخل المجتمع، وآخرون غير شرعيين دخلوا البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر الحدود مع الجزائر، أو مع موريتانيا. ليتخذوا المغرب موطأ قدم للاستقرار والبحث عن عمل، أو محطة عبور إلى الضفة الأوروبية، خصوصاً الأراضي الإسبانية. جل هؤلاء المهاجرين بمختلف أصنافهم يشكلون دعما اقتصاديا للقارة، بعدد لا يتجاوز 70 ألف مهاجر مقيم وغير مقيم.

 

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قال خلال الاجتماع الخامس للجنة العليا المكلفة بـ”أجندة عشرية الجذور الإفريقية والمغتربين الأفارقة”، الذي عقد مساء الخميس الماضي، إن المهاجرين الأفارقة يشكلون رصيدا هاما، ودعما اقتصاديا يتجاوز بكثير مستويات التنمية ومستويات الاستثمارات، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل أيضا على الصعيد اللامادي بعدد 150 مليون مهاجر إفريقي في أنحاء العالم.

 

 

 المغرب: قبلة المهاجرين الأفارقة

 

بات المغرب يشكل وجهة للمهاجرين الأفارقة المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء ، وقبلتهم الرئيسية  سواء للاستقرار أو العبور.

في هذا الصدد، أكد الخبير في قضايا الهجرة، خالد مونة،  في تصريحه لـ”الأيام24″ أن المغرب بسبب موقعه الجغرافي كمفترق الطرق بين أوروبا وافريقيا، أصبح  أكثر من أي وقت مضى  مرتبط بصورة توافد عدد مهم من المهاجرين نحوه، هذا التوافد له علاقة  بالمنظومة القانونية والسياسية في المغرب، والتي رغم قسوتها إلا أنها تبقى أقل عنفا في تعاملها مع المهاجرين من الدول المجاورة،  مشيدا بالدور الهام الذي باتت تلعبه  مؤسسات المجتمع المدني في الدفاع عن حقوق المهاجرين،  الذي يجسد  الصورة الإيجابية  الماثلة أمام اختياره من طرف عدد مهم من المهاجرين حسب رأيه.

 

من بلد عبور إلى بلد استقرار

 

بعد أن كان المغرب وجهة المهاجرين للعبور وتحقيق حلم أروبا، بات اليوم موطأهم للاستقرار وملجأهم لتحقيق أحلام النظاميين وغير النظاميين منهم لدوافع وأسباب كثيرة.

 

في هذا الجانب، أوضح المهدي منشيد، مختص بقضايا الهجرة وحقوق الإنسان،  أن موقعنا الجغرافي يغري المهاجرين للانتقال، لاعتبارات كثيرة منها استقراره  السياسي، و تواجد العديد من المؤسسات والمشاريع المهيكلة التي تغري بالاستقرار،  مضيفا أنه ‘‘وقع هناك تحول في مسار الهجرة والمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، فبعد أن كان هدفهم الأول هو الانتقال في الضفة الأخرى تدريجيا بعد تشديد القوانين الأوروبية والحراسة في الحدود مع دول أخرى، تحول هنا المغرب من دولة للعبور إلى دولة للاستقرار‘‘.

 

وقال المتحدث نفسه، في تصريحه لـ”الأيام24″، أن استقرار هؤلاء المهاجرين من الأفراد والجماعات، دفع بالمغرب إلى إعادة التفكير والنظر  في سياسته الهجروية، خصوصا بعد التقارير التي أنجزتها العديد من المنظمات الحقوقية سواء كانت دولية أو وطنية، منها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يعد تقريرا جريئا  سواء في طريقة انتقاده للقوانين المؤطرة أو لدراسته للمهاجرين المستقرين بالمغرب بشكل عام، حسب قوله.

 

المهاجرون: قيمة مضافة للاقتصاد

 

لفت وزير الخارجية إلى أنه “على مدار الفترة ما بين 2010 و2020 بلغت تحويلات المهاجرين الأفارقة من العملة الأجنبية أكثر من 600 مليار دولار، منها 440 مليار دولار إلى إفريقيا جنوب الصحراء، ونحو 200 مليار دولار إلى باقي البلدان الإفريقية “مضيفا أن هؤولاء “يشكلون رصيدا هاما ليس فقط على المستوى الاقتصادي بل على الصعيد اللامادي بعدد 150 مليون مهاجر إفريقي في أنحاء العالم”.

 

في هذا السياق، أوضح مونة، أن  ‘‘ المهاجرين الأفارقة يشكلون قيمة مضافة على المستوى الاقتصادي،  فالأنشطة التجارية خصوصا منها التجارة الاثنية المرتبطة بنمط عيش هؤلاء المهاجرين الأفارقة، والتي انعشت بشكلٍ كبير النشاط التجاري، منها نموذج سوق الأفارقة في الدارالبيضاء ‘‘،  مضيفا أن عدد  كبير منهم اندمج في الأنشطة ذات البعد الخدماتي والتي تعاني من نقص حاد ا في اليد العاملة، مشيرا في نفس الوقت إلى أن حاجة المغرب لهذه اليد العاملة سيبرز في السنوات القادمة خصوصا مع مشروع هيكلة القطاع غير المهيكل.

 

وأوضح مونة  في حديثه عن إشكالية إدماج هؤلاء والاستفادة منهم، أن ذلك يجب أن يتم عن طريق المجال أولا، من خلال ادماجهم في أحياء يقطنها السكان المحليون، هذه الاحياء ستشكل قنطرة عبور نحو الاندماج الثقافي،  معبرا عن فشل النموذج الفرنسي لسنوات الستينيات والسبعينيات، لأنه بني على فكرة تجميع المهاجرين وعزلهم عن المجتمع الفرنسي، يجب بناءً نموذج مغربي يراعي خصوصية المجتمع مع استحضار فكرة الاختلاف والعيش المشترك كمبادئ حقوقية واجتماعية وثقافية حسب رأيه.

 

في نفس السياق، قال المهدي منشيد، أن العديد من المهاجرين لهم إمكانيات ثقافية وفنية وفكرية، حسب دراسات قام بها باحثين في الهجرة، حيث أكد أن في جهة الرباط- سلا تم اكتشاف عينات من المهاجرين مشهود لهم بالكفاءة، منهم 370 فنان  يتوزعون بين مسرحيون، سينمائيون، فنانون تشكيليون، إضافة إلى مستثمرين ورجال أعمال استثمروا  في أعمال تجارية في المغرب.

 

سياسات الهجرة: أي دور؟

 

قال المهدي منشيد، بخصوص سياسة المغرب في التعاطي مع ملف الهجرة، ‘‘ طرأت تحولات على  واقع سياسة الهجرة بالمغرب، وتم وضع قوانين تقنن هؤلاء المهاجرين، لكن تم العمل على 3 مشاريع فقط  لم يصدر منها إلا واحدا يتعلق بمحاربة الاتجار في البشر‘‘ مشيرا إلى تعثر صدور بعض القوانين الأخرى إلى حد الآن منها القانون الخاص باللجوء إلى المغرب، والذي كان سيكون سابقا في التاريخ، حسب قوله. إضافة إلى قوانين أخر مجهولة المآل كقانون الإقامة والهجرة.

 

وأردف المتحدث نفسه، أن المغرب بدل جهودا كبيرة على مستوى إدماج المهاجرين وأبناؤهم في المنظومة التعليمية بغض النظر عن الوضعية الاجتماعية للآباء، وتم منحهم المنح على المستوى التعليمي، وإمكانية اللجوء للسكن الاقتصادي، والتطبيب،  ودمجهم في برامج قطاعية سواء تعلقت بالصحة، السكن، التشغيل…

 

وخلص منشيد إلى أن المغرب مقارنة بالدول الأخرى قطع خطوات كبيرة نحو سياسة إدماج المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، معتبرا أن المملكة استوعبت اليوم أن الهجرة ليست إشكالية بل هي رافعة للتنمية.

تاريخ الخبر: 2023-04-19 00:19:50
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 84%

آخر الأخبار حول العالم

"طاس" تكشف جديد قضية مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 15:27:13
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

"طاس" تكشف جديد قضية مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 15:27:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية