حـقـيـقـة “الـنـهـر الـمغـلـي” الذي اكـتـشـف بـواسـطـة أسـطـورة لاتـيـنـية


وفقاً للأسـطـورة .. بعد قتل الأسـبـان لآخــر” مـلـوك حضارة الإنكا ” بحـثـاً عن الـذهـب في أعماق أدغال الأمازون التهماتهـم ثـعـابـيـن عـمـلاقــة.

وفقاً للسكان المحليون في البيرو .. أن المياه الساخنة نتيجة وجـود تـعـبـان عمــلاق يسمى “يوكاماما”

تزخر الطبيعة بعجائب مذهلة على كوكب الأرض حتى إن بعض الظواهر الطبيعية الغريبة يصعب تصديقها،مثل الـنـهـر المغلي أو” نهر الغليان ” الذى يقع في أعماق غابة الأمازون المطيرة في دولة بيرو بأمريكا الجنوبية،والتي تبلغ درجة حرارة مياهه أكثر من 80 درجة مئوية،وتصل درجة الحـرارة في بعض مـن أجـزاء إلى أكـثـر من 100 درجـة مئوية .. فيـبـدوأن ” نـهـرشـانـاي تـيمبـيـشـكـا” الذي يجـري في قـلب غـابات الأمازون ،على بعد أكثر من ست ساعات من”العاصمة ليما”،وفي”منطقة ماين توياكو”،كأنه من قصص الخيال والأساطير والخرافات القديمة،بيد أنه حقيقة ماثلة، وواقع ملموس .

ويعتبر”نهر شاناي تيمبشكا”واحدا من الأسـاطـيـر الـبـشـريـة التي كانت تـروى على يـد السكان الأصلـيـيـن والـغـزاة الإسبـان الذين تـوغـلـوابحـثـأ عن الذهـب في الغابات المـطيـرة،بعد أن قـضـى الأسبان على “شعب الأنكا” في الأمازون عـادوا يـتحـدثـوا عن نهـر يـغـلي ماءه وظل الأمر مـجـرد أسـطـورة إلى وقت قريب حتى اكتشاف حـقـيـقـة النهر المغلي .. وأن ســرغـرابة هذا النهر أن درجة الحـرارة فيه تصل إلى درجة الغليان و تتصاعد الأبخرة الساخنة منه رغـم أنه على بعد 600 كيلومتر من أقرب بركان،مما حـيّـرعلماء الجيولوجيا طويلا عن سبب هذه السخونة غيرالعادية والتي لا تـتـلائـم مع كـونه نهـر،وينافي أبـسـط قـواعـد الجيولوجيا,ويعتقد العلماء أن منشأ المياه بعيدا عن النهر بل إنها نشأت في جـبـال الأنـديـة التي تبعد 6 كيلو عن النهر وتسربت عبر شـق في طبقات الأرض إلى باطن الأرض لتغلي بفعل الحرارة الداخلية لباطن الأرض ليعاد تسربها مرة أخـرى عبر الأماكن الضعيفة في باطن النهـر.. ورغـم الحـرارة القاتلة التي لا تـتـح السباحة فيه إلا أن الجلــوس على حافـتـه يبدو وكأنك قد حصلت على “جـرعـة ساونا”طبيعية ويستخدم السكان كذلك في العلاج بالطاقة الحرارية… فعن نهـر الغليان بغابات الأمازون المطيرة وما تفسير تلك الظاهــرة؟ .


وصـف نـهـر الغليان

وبحسب عالم الطاقة الحرارية الأرضية, ومكـتـشـف النهـر,د.أندرياس روزو: أن أســم النهر يعني “المغلي بحرارة الشمس” في لغة السكان المحليين، ويمكن سلق بيضة أوحتى دجاجة بكل سهولة وســرعـة،وتحيط مياهه التي يتصاعد منها البخار بلونها التركوازي، جدران من الغابات المُورقة والنباتات والصخور ذات اللون العاجي, وبينما تحتضن الأنهار العديد من الكائنات الحية، يأبى هذا النهر العنيد، إلا أن يقتل كل من يتجرأ بالدخول فيه، من إنسان وحيوان وحتى النباتات، ويسلق حتى الموت,وبحسب الحكايات التقليدية للمنطقة،فإن النهرالمغلي،هو مكان قوة روحية خارقة وأرواح غابات شريرة،يهاب الناس الاقتراب منه, ويتفرع هذا النهر،من نهرالأمازون، ومن الغريب أنه يبدأ بارداً ثم يزداد سخونة لتهدأ حرارته نسبياً في الليل، وتتراوح درجة حرارته بين 45 إلى 100 درجة مئوية كحد أقصى,ويقدر نظام النهرككل،بنحو 9 كيلومترات، لكن تقع المياه الساخنة في الجزء السفلي منه بطول 6.4 كيلومتر, كما يبلغ عرض النهر 25 متراً بعمق يصل لنحو 6 أمتار,ومعظم المياه المتدفقة في النهر،خاصة في مواسم الجفاف،ساخنة بالدرجة التي تكفي لقتل الإنسان،ما يعني اتخاذ الحيطة والحذر لأقصى درجة؛ لأن أي انزلاق يعني النهاية,كما أن الزواحف الصغيرة والثدييات أو الحيوانات البرمائية،عادة ما تقع فيه لتغلي وهي حية حتى الموت.

وأكد على وجود ثلاث فرضيات علمية لتفسير ســر المياه التي تغلي في”نـهـر شاناي تيمبيشكا”،لكن أكثرها أهمية ما إذا كان هذا النهر طبيعياً أم لا,لوجود مثل هذا النظام الكثير من الحرارة الجوفية، يتطلب توافر ثلاثة أشياء،مصدرضخـم من الحرارة وحجم كبير من المياه،بالإضافة لنظام ضخ يقوم بضخ المياه من العمق إلى السطح,ومن بين الفرضيات،أن هذه سمة بركانية ونظام انصهاري , ما يعني تدفق الماء الساخن من باطن الأرض، بمعدل مرتفع بشكل غير طبيعي. وكلما تعمقنا في الأرض، كلما زادت سخونة فيما يسمى “بالتدرج الجيوحراري,وعند هذه الدرجة من الحرارة، تبدأ المياه بالتدفق من أدنى إلى أعلى بسرعة كبيرة. وتذهب الفرضية الأخيرة، بتفسير هذه الظاهرة غير الطبيعية،بأنها مجرد حادثة وقعت لأحد الحقول النفطية أثناء عمليات الحفر،كما حدث في إندونيسيا في 2007،خاصة أن النهر يبعد ما بين 2 إلى 3 كيلومترات،من أقدم حقل نفطي في منطقة البيرو, لكن في حقيقة الأمر، أن نهر شاناي تيمبيشكا، طبيعي وليس سمة بركانية أو حرارية أرضية، خاصة أن أقرب بركان إليه يبعد بنحو 700 كيلومتر، ويتدفق بمعدلات عالية,كما أن سبب الغليان ليس مصدره حرارة الشمس، بل تلك الينابيع من المياه الساخنة التي تتدفق للسطح من باطن الأرض.

وأضاف:تهـدد منطقة النهر،مخاطرإزالة الغابات التي يقوم بها السكان الأصليون،ما يعني إمكانية اختفاء النهركلياً, وبالبحث عن حقيقة هذا النهر الشديد الحرارة، لكنه وجد الكثير من الشكوك لدى الخبراء الذين تحدث إليهم عن إمكانية وجود نهر بهذه المواصفات في تلك المنطقة, بوجود الأنهار الساخنة في العالم مرتبط عموما بالبراكين،ولا يوجد براكين في ذلك الجزء من البلاد,ودخل روزو غابات الأمازون المطيرة عام 2011 يحدوه الأمل في إيجاد النهرالأسطورة، وهو ما حدث، فقد رأى العالم البيروفي النهر الشهير الذي تقارب حرارته درجة الغليان.

واصفا تلك اللحظة “لمنتدى تيد”عام 2014، إنه سارع لقياس درجة حرارة النهر فوجدها 86 درجة مئوية،وهي ما يقترب من درجة الغليان ,وأثار حجم النهر الكبير الذي يصل عرضه إلى 25 مترا وامتداده بالحرارة نفسها مسافة تزيد على ستة كيلومترات، حيرة العالم البيروفي عن مصدر هذه الحرارة، خصوصا أن النهر يبعد حوالي سبعمائة كيلومتر عن أقرب بركان منه, وأمضى روزو السنوات الأخيرة في دراسة النهر والنظام البيئي المحيط به على أمل معرفة ما يجري،بإذن من “الشامان”المحلي، وكان السكان الأصليون يعرفون النهر منذ قرون باسم “بشاناي تيمبيشكا”، ويعني: النهر الذي يغلي مع حرارة الشمس,واستطاع عن طريق منحة من ناشيونال جيوغرافيك- أن يكشف في النهاية عن بعض أسراره، ويبين أن الشمس ليست هي التي تسبب في غليان الماء، بل الينابيع الساخنة المغذية له.

BUBBLES
It is the scale of the Boiling River that is truly impressive. It flows hot for just under 4 miles, can get up to 80 feet wide at its widest point, and up to 15 feet deep in others. The thermal flow is a result of fault-fed hot springs super-charging the river with geothermal waters bubbling up from below.

في الأصل كانت مطرا

وقد كشف التحليل الكيميائي لمياه أنها سقطت في الأصل مطرا في أعلى منبع النهر،ربما من مكان بعيد مثل سلسلة جبال الأنديز،وعلى طول رحلته تتسرب المياه إلى الأرض،حيث تسخن من خلال الطاقة الأرضية للأرض، تتجمع في نهاية المطاف في الأمازون،على شكل نهر ـوار.

وهذا يعني أن النظام جزء من نظام حراري هيدرولوجي هائل، ليس له مثيل في أي مكان آخر على هذا الكوكب,والأمر الأكثر إثارة هو اكتشاف أنواع جديدة من الميكروبات تعيش في النهر رغـم الحرارة الشديدة, ويسبح السكان الأصليون في النهر عند نزول الأمطار الغزيرة، حيث تخف درجة حرارته مع اختلاطه بالماء البارد،كما أنهم يستخدمونه لصنع الشاي،بينما تتجنبه الحيوانات خوفا من الوقوع فيه والموت من شدة حرارته,كما استمر العالم الجيولوجى “روزو”في دراسـة النهرومصدره،لكن تركيزه الأساسي هو على كيفية حماية النهر والأراضي المحيطة به،ويسعى حاليا لكي تضع حكومة البيرو تدابير الحماية المناسبة له.

وقال عالم في الطاقة الحرارية الأرضية البيروفي:أن مصادر المياه الساخنة في النهر،طبيعية وليست جديدة،معللاً ذلك أنه يمكن العثور على الينابيع الحرارية الأرضية في جميع أنحاء العالم، في أماكن مثل آيسلندا على سبيل المثال, وأن غابات الأمازون المطيرة،الرئة التي تتنفس الأرض من خلالها فهي الغابة البكرفي القارة الأمريكية،كما أنها هي الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال

أسـاطيـر حـول النهـر المغلي

ولـقـرونٍ عـدة..كان سكان البيرو المحلّيون يروون قصة النهر الذي يغلي في الأمازون بدرجة حرارة قاتلة، وتروي الأساطير أن المستعمرين الأسبان عـامـر بحماقة داخـل الغابات المطيرة باحثين عن الذهب،ليعود قليل منهم ويـروواحكاياتٍ عن ماء مسموم،وأفاعٍ ملتهمةٍ للبشر،ونهرٍيغلي .. ويعتقد السكان المحليون أن مياه النهر مصدرها ثعبان عملاق , أما العلماء الجيولوجيون فالبعض منهم يعتقد أن النهر مجـرد أسطورة مؤلفة من سكان المنطقة،معتمدين على نظرية أن حــرارة المياه في الينابيع والمسطحات المائية والأنهار مرتبطة بوجود بركان قريب منه يعمل على تسخين تلك المياه.

ووفقاً للأسطورة,فإن الأسبان بعد قتلهم لآخـر”مـلـوك حضارة الإنكا”,وانطلاقهم في رحلة بحثاً عن الذهب في أعماق غابات الأمازون المطيرة,ولم ينج منهم إلا القليل ,الذين عادوا وقصوا ما رأوه في أدغال الأمازون من أمور غريبة..عن المياه السامة,والثعابين آكلة البشر, والنهر الذي مياهه تغلي ..هذا النهر يطلق عليه السكان المحليون إسم”Shanay-timpishka”,الذي يترجم إلى ” المسلوق بحرارة الشمس”,ويعتقد السكان المحليون في البيرو أن المياه الساخنة تنتج من قبل ثعبان عملاق يسمى يوكاماما (ويعني:أم المياه)،وفقاً للأسطورة ,وكان الأمر مجرد أسطورة إلى أن كشف عن حقيقتها الباحث الجيولوجي من البيرو”أندريس روزو”,وهو عالم في الطاقة الحرارية الأرضية في الجامعة الميثودية الجنوبية,وقد سمع روزو عن أسـطـورة النهر من جده عندما كان في الثانية عشر من العمر, و فـتـن بهذه الاسطورة منذ الطفولة , وما لبث أن استكمل مشروع الدكتوراه في إمكانيات وجود الطاقة الحرارية الأرضية في البيرو,حتى بدأ في البحث عن حقيقة وجود هذا النهر في منطقة الأمازون, ووفقاً للخبراء وعلماء الجيولوجيا كان هذا الأمر مستحيلاً.. فقد أخبروا ” أندريس روزو”أنه لا يمكن أن توجد أنهار ساخنة في الأمازون , فعلى الرغم من وجود الينابيع الساخنة الموثقة في غابات الأمازون إلا أنه لم يكن هناك نهر بهذا الحجم يحوي مياهاً ساخنة ,وذلك لأن الأمر سيستغرق قدراً هائلاً من الحرارة الجوفية حتى تغلي قدر صغير من مياه النهر,كما أن الأنهار الساخنة يرتبط وجودها عادة بوجود البراكين , وليس هناك أية براكين في المنطقة , إذ يقع حوض الأمازون على بعد 400 ميل من أقرب بركان نشط , ولكن الأمر لم يكن كذبة بالنسبة لسكان البيرو فلم ييأس روز,وإنطلق في بحثه في غابات الأمازون وبالفعل وجده ….. لم يكن حقاً مجرد أسطورة , واستمر روزو في بحثه عن أسرار هذا النهر,واعتمد في بحثه أيضاً,على بعثة فريق مستكشفين من ناشونال جيوجرافيك ,والذي كشفت عن بعض أسرار النهر المغلي,قد كشف التحليل الكيميائي لمياه النهر أن,تلك المياه قد سقطت على شكل أمطار, ويعتقد روزو أنها سقطت في أماكن بعيدة عن منطقة النهر,مثل منطقة جبال الأنديز, ثم تسرب هذا الماء إلى أسفل داخل الأرض , حتى تم تسخينها بفعل الطاقة الحرارية الارضية , ومرت بعد ذلك إلى نهر الأمازون, ومنه إلى نهر”Shanay-timpishka”

مبادرة النهر

في فـبـرايـر 2016 أصدرالعالم الجيولوجي أنديس روز وكتابه , بعنوان “النهر الفوار”،آملا في أن يساهم نشره في معـرفة الناس عن نظامه الفريد،وأن تساهم تلك المعرفة في تحركهم من أجل حمايته. وأسس روزو مبادرة “النهر الفوار” (The Boiling River) مع ثلاثة من زملائه من الشباب، لحماية تلك العجيبة الطبيعية، وأنشأ لها موقعا على الإنترنت، يقدم فيه ما هو متاح من معرفة علمية حول النهر وبيئته، وعن المجتمعات البشرية ومجتمعات الكائنات التي تعيش في بيئة النهر، وعن الأسباب التي تدعو لحمايته والأخطار التي تهددها…كما يعـرض في الموقع الطرق التي يمكن للناس أن يساعدوا بها في حماية النهر ومحيطه الحيوي، سواء بالزيارة أو التبرع،أو من خلال ممارسة ما يسمى بعلوم المواطن (Citizen Science)،وهو إرسال معلومات عما هو متاح في البيئات المختلفة في العالم عن الأنهار أو الينابيع الحارة لمقارنتها بما لدى فريق إدارة المبادرة من معلومات حول نهرهم.

اكتشاف النهر بشكل علمي عام 2011،حيث كان قبل ذلك مجرد روايات لم يصدقها أحد لابتعاده عن أي مصدر حراري مرئي قريب، لكن اكتشف العلماء منذ 6 سنوات مصدر هذه الحرارة التي تمتد إلى 6 كم تقريبا، ويبلغ طول النهر 4 أميال بينما يبلغ عمقه 6 أمتار وتكون الحرارة في أغلب اجزائه 80 درجة مئوية عدا الأماكن الضيقة من نهر تبلغ الحرارة فيها 100 درجة كاملة.

تاريخ الخبر: 2023-04-21 15:22:26
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

بانجول.. المغرب والـ “إيسيسكو” يوقعان على ملحق تعديل اتفاق المقر

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:25:06
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية