عملك‏ ‏ثمرة‏ ‏إيمانك


يقول‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏:‏ينبغي‏ ‏لي‏ ‏أن‏ ‏أعمل‏ ‏أعمال‏ ‏من‏ ‏أرسلني‏ ‏مادام‏ ‏النهار‏. ‏فسيأتي‏ ‏الليل‏ ‏الذي‏ ‏لا‏ ‏يستطيع‏ ‏أحد‏ ‏أن‏ ‏يعمل‏ ‏فيه‏ (‏يو‏ 4:9). ‏من‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏تلميذا‏ ‏لمعلمه‏, ‏يجب‏ ‏عليه‏ ‏أن‏ ‏يحب‏. ‏ولكي‏ ‏يصبح‏ ‏مسيحيا‏ ‏حقا‏, ‏يجب‏ ‏عليه‏ ‏أن‏ ‏يعمل‏. ‏فالمتدين‏ ‏الذي‏ ‏ينسي‏ ‏تعاليم‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏لدي‏ ‏انصرافه‏ ‏من‏ ‏الكنيسة‏, ‏ولا‏ ‏يعمل‏ ‏بموجب‏ ‏ما‏ ‏أوصي‏ ‏به‏ ‏الإنجيل‏ ‏الذي‏ ‏سمعه‏ ‏منذ‏ ‏لحظات‏, ‏يبني‏ ‏حياته‏ ‏علي‏ ‏الرمل‏ ‏ويخدع‏ ‏نفسه‏, ‏كما‏ ‏أنه‏ ‏يجهل‏ ‏أن‏ ‏تدينه‏ ‏تدين‏ ‏باطل‏. ‏يحكي‏ ‏عن‏ ‏سيدة‏ ‏أنيقة‏ ‏كانت‏ ‏تسافر‏ ‏دائما‏ ‏بالقطار‏, ‏وفي‏ ‏كل‏ ‏مرة‏ ‏كانت‏ ‏تنثر‏ ‏من‏ ‏نافذة‏ ‏القطار‏ ‏بذورا‏ ‏صغيرة‏ ‏تحملها‏ ‏في‏ ‏حقيبة‏ ‏يدها‏, ‏وكانت‏ ‏تكررهذا‏ ‏مرات‏ ‏عديدة‏, ‏مما‏ ‏جعل‏ ‏المسافرين‏ ‏معها‏ ‏يندهشون‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏التصرف‏ ‏الغريب‏. ‏فسألها‏ ‏أحد‏ ‏المتطفلين‏ ‏عما‏ ‏تفعله‏, ‏فأجابته‏: ‏أنا‏ ‏أنثر‏ ‏هذه‏ ‏الحبوب‏ ‏منذ‏ ‏عدة‏ ‏سنوات‏ ‏أثناء‏ ‏سفري‏, ‏فقد‏ ‏عاهدت‏ ‏نفسي‏ ‏ألا‏ ‏أركب‏ ‏القطار‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏أنثر‏ ‏من‏ ‏نافذته‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏البذور‏ ‏والحبوب‏, ‏ولا‏ ‏سيما‏ ‏في‏ ‏الأراضي‏ ‏الجرداء‏. ‏أنظر‏ ‏هناك‏, ‏ألا‏ ‏تري‏ ‏تلك‏ ‏الزهور‏ ‏التي‏ ‏تزين‏ ‏الطريق؟‏ ‏لقد‏ ‏قمت‏ ‏بالفعل‏ ‏ذاته‏ ‏منذ‏ ‏سنوات‏, ‏ونحن‏ ‏الآن‏ ‏نتمتع‏ ‏بجمالها‏, ‏لأنها‏ ‏تبهج‏ ‏عيون‏ ‏الذين‏ ‏ينظرون‏ ‏إليها‏, ‏وتبعث‏ ‏في‏ ‏نفوسهم‏ ‏الحزينة‏ ‏سعادة‏ ‏لا‏ ‏مثيل‏ ‏لها‏. ‏حقا‏ ‏أنه‏ ‏عمل‏ ‏بسيط‏ ‏ولا‏ ‏يكلفنا‏ ‏جهدا‏ ‏ووقتا‏, ‏ولكنه‏ ‏يعود‏ ‏علينا‏ ‏بنتائج‏ ‏مبهرة‏. ‏إذا‏ ‏يمكننا‏ ‏أن‏ ‏نقوم‏ ‏بالفعل‏ ‏نفسه‏ ‏مع‏ ‏من‏ ‏نتقابل‏ ‏معهم‏. ‏ما‏ ‏أكثر‏ ‏النفوس‏ ‏الجرداء‏ ‏علي‏ ‏طريق‏ ‏الحياة‏, ‏إنها‏ ‏نفوس‏ ‏استبد‏ ‏بها‏ ‏اليأس‏, ‏وأظلمت‏ ‏الحياة‏ ‏أمامها‏, ‏لذا‏ ‏يجب‏ ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏ننثر‏ ‏فيها‏ ‏بذور‏ ‏الأمل‏ ‏والتفاؤل‏ ‏والسعادة‏! ‏لذلك‏ ‏سنحمل‏ ‏علي‏ ‏عاتقنا‏ ‏مسئولية‏ ‏التقصير‏, ‏إن‏ ‏لم‏ ‏نسع‏ ‏في‏ ‏بذر‏ ‏الأمل‏ ‏والفرح‏ ‏في‏ ‏نفوس‏ ‏الذين‏ ‏هم‏ ‏من‏ ‏حولنا‏, ‏سواء‏ ‏في‏ ‏الأسرة‏ ‏أو‏ ‏العمل‏ ‏أو‏ ‏المجتمع‏ ‏الذي‏ ‏نعيش‏ ‏فيه‏. ‏كم‏ ‏هو‏ ‏ضروري‏ ‏أن‏ ‏ننثر‏ ‏بذور‏ ‏التسامح‏ ‏والصفح‏ ‏في‏ ‏القلوب‏ ‏التي‏ ‏تعفنت‏ ‏بالأحقاد‏ ‏والكراهية‏ ‏ورفضها‏ ‏للآخر‏, ‏وأن‏ ‏نزرع‏ ‏حبوب‏ ‏المحبة‏ ‏في‏ ‏النفوس‏ ‏التي‏ ‏تلدغها‏ ‏الغيرة‏ ‏والحسد‏, ‏وأن‏ ‏ننثر‏ ‏بذور‏ ‏القيام‏ ‏بالواجب‏ ‏وتحمل‏ ‏المسئولية‏ ‏والاعتماد‏ ‏علي‏ ‏النفس‏ ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏الاتكالية‏ ‏وروح‏ ‏التذمر‏ ‏والشكوي‏. ‏ما‏ ‏أشطرنا‏ ‏في‏ ‏السماع‏ ‏لكلمات‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏, ‏ولكن‏ ‏ما‏ ‏أكسلنا‏ ‏في‏ ‏الممارسة‏! ‏يا‏ ‏ليتنا‏ ‏نطبق‏ ‏إيماننا‏ ‏بنفس‏ ‏الدرجة‏ ‏التي‏ ‏فيها‏ ‏نندفع‏ ‏في‏ ‏أمور‏ ‏الدنيا‏, ‏فنسارع‏ ‏إلي‏ ‏الالتزام‏ ‏بكلام‏ ‏الله‏ ‏وتطبيقه‏, ‏كما‏ ‏نسارع‏ ‏إلي‏ ‏تحقيق‏ ‏ما‏ ‏تغرينا‏ ‏به‏ ‏الدعايا‏ ‏والإعلانات‏ ‏التي‏ ‏تغزو‏ ‏عقولنا‏ ‏وأفكارنا‏, ‏وتسيطر‏ ‏علي‏ ‏إرادتنا‏ ‏من‏ ‏التليفزيون‏ ‏ووسائل‏ ‏التواصل‏ ‏الاجتماعي‏! ‏فالإنسان‏ ‏المتدين‏ ‏حقا‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏يجعل‏ ‏إيمانه‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏صلب‏ ‏تفكيره‏ ‏بالغير‏, ‏وفي‏ ‏صلب‏ ‏عمله‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الغير‏. ‏كم‏ ‏من‏ ‏المرات‏ ‏التي‏ ‏رددنا‏ ‏فيها‏ ‏هذه‏ ‏الكلمات‏: ‏لا‏ ‏شيء‏ ‏أسمي‏ ‏من‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏, ‏وما‏ ‏أجمل‏ ‏هذه‏ ‏العظة‏. ‏ونبدأ‏ ‏في‏ ‏الوعود‏ ‏لعمل‏ ‏هذا‏ ‏وذاك‏ ‏وكفي‏, ‏ونتوقف‏ ‏عند‏ ‏هذا‏ ‏الحد‏, ‏فلا‏ ‏إقدام‏ ‏ولا‏ ‏تنفيذ‏ ‏ولا‏ ‏عمل‏ ‏جدي‏. ‏فالإنسان‏ ‏المتدين‏ ‏حقا‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏يسعي‏ ‏دائما‏ ‏إلي‏ ‏تجميل‏ ‏ما‏ ‏حوله‏, ‏ويزرعه‏ ‏في‏ ‏حقول‏ ‏القلوب‏ ‏والنفوس‏, ‏ولنزرع‏ ‏الإيمان‏ ‏بالله‏ ‏في‏ ‏داخلنا‏, ‏لنسند‏ ‏الضعفاء‏ ‏ونشجع‏ ‏الخائفين‏, ‏لنزرع‏ ‏ولا‏ ‏نقطع‏, ‏نزرع‏ ‏حبنا‏ ‏لله‏ ‏وللقريب‏, ‏لأن‏ ‏الحب‏ ‏هو‏ ‏مصدر‏ ‏الخير‏ ‏الذي‏ ‏يحمل‏ ‏معه‏ ‏النعم‏ ‏التي‏ ‏تمنحنا‏ ‏السعادة‏ ‏الحقة‏. ‏لنزرع‏ ‏ولا‏ ‏نقطع‏, ‏نزرع‏ ‏أفضل‏ ‏ما‏ ‏نملكه‏ ‏من‏ ‏مبادئ‏ ‏سامية‏ ‏وآمال‏ ‏رائعة‏ ‏وطموحات‏ ‏نبيلة‏. ‏والكارثة‏ ‏الكبري‏ ‏أننا‏ ‏نظل‏ ‏في‏ ‏النظريات‏ ‏ونتوقف‏ ‏عندها‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏ننتقل‏ ‏إلي‏ ‏التطبيق‏ ‏العملي‏ ‏كما‏ ‏يدعونا‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏, ‏ونتوقف‏ ‏عند‏ ‏المجادلة‏ ‏والنقاش‏ ‏في‏ ‏أمور‏ ‏لانهاية‏ ‏لها‏, ‏والنتيجة؟‏ ‏لا‏ ‏شيء‏. ‏فالمحبة‏ ‏ليست‏ ‏بالكلام‏ ‏أو‏ ‏باللسان‏, ‏بل‏ ‏بالعمل‏ ‏والحق‏ (1‏يو‏ 18:3). ‏المحبة‏ ‏بالكلام‏ ‏هي‏ ‏محبة‏ ‏أولئك‏ ‏الذين‏ ‏يجتمعون‏ ‏لدراسة‏ ‏القضايا‏ ‏التي‏ ‏تخص‏ ‏الفقراء‏ ‏والمهملين‏, ‏وبعد‏ ‏الأخذ‏ ‏والرد‏ ‏وتداول‏ ‏الآراء‏, ‏ينصرف‏ ‏كل‏ ‏شخص‏ ‏إلي‏ ‏حاله‏ ‏دون‏ ‏التفكير‏ ‏في‏ ‏تنفيذ‏ ‏أي‏ ‏شيء‏ ‏من‏ ‏الوصايا‏ ‏المعلنة‏. ‏كم‏ ‏من‏ ‏الأشخاص‏ ‏الذين‏ ‏تقابلنا‏ ‏معهم‏ ‏وكانوا‏ ‏في‏ ‏أمس‏ ‏الحاجة‏ ‏ليد‏ ‏المعونة‏, ‏ولم‏ ‏نلتفت‏ ‏إليهم؟‏ ‏كم‏ ‏من‏ ‏محتاج‏ ‏طرق‏ ‏علي‏ ‏بابنا‏ ‏ولم‏ ‏نفتح‏ ‏له؟‏ ‏كم‏ ‏من‏ ‏شخص‏ ‏طلب‏ ‏منا‏ ‏كسرة‏ ‏خبز‏ ‏ليسد‏ ‏جوعه‏, ‏ولكننا‏ ‏أغلقنا‏ ‏آذاننا‏ ‏وعيوننا؟كم‏ ‏من‏ ‏مبالغ‏ ‏باهظة‏ ‏أنفقناها‏ ‏في‏ ‏مناسباتنا‏ ‏المختلفة‏, ‏بالرغم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏هناك‏ ‏ملايين‏ ‏البشر‏ ‏يموتون‏ ‏جوعا‏, ‏لأنهم‏ ‏لم‏ ‏يجدوا‏ ‏المأكل‏ ‏أو‏ ‏المشرب‏ ‏أو‏ ‏الغطاء‏ ‏الذي‏ ‏يقيهم‏ ‏من‏ ‏البرد؟‏ ‏لن‏ ‏يتغير‏ ‏العالم‏ ‏الذي‏ ‏نعيش‏ ‏فيه‏ ‏للأفضل‏, ‏إذا‏ ‏لم‏ ‏يشعر‏ ‏كل‏ ‏منا‏ ‏باحتياج‏ ‏الآخر‏ ‏ويمد‏ ‏يد‏ ‏المعونة‏ ‏له‏.‏ونختم‏ ‏بالقول‏ ‏المأثور‏: ‏ليس‏ ‏المهم‏ ‏أن‏ ‏تعرف‏ ‏ما‏ ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏دموع‏ ‏الباكين‏ ‏لسبب‏ ‏معقول‏ ‏أو‏ ‏لا‏, ‏ولكن‏ ‏الأهم‏ ‏هو‏ ‏أن‏ ‏تمسح‏ ‏هذه‏ ‏الدموع‏. ‏

تاريخ الخبر: 2023-04-22 15:22:01
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

الإصابة تنهي موسم المصري طارق حامد مع ضمك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:07:11
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 89%

"رويترز" ترسم سيناريو رد موسكو في حال صادر الغرب أصولها المجمدة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:07:09
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 88%

قلق في تل أبيب من توقف مصر عن تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:07:07
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 91%

الأمم المتحدة تقدر كلفة إعادة إعمار غزة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:07:08
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 89%

لم دمّر الروس والسوريون والليبيون والعراقيون وغيرهم بلدانهم؟

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:07:15
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 87%

ماليزيا تطالب "أسترازينيكا" بتوضيح الآثار الجانبية للقاح كورونا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:07:10
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 95%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية