لم تكن شوارع المدن السودانية هي الوحيدة التي شهدت الاشتباكات بين الجيش السوداني من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى فقط، بل كان هناك اشتباك وحروب ضروس تدار على منصات التواصل الاجتماعي، مستخدمة أسلحة منها التضليل والحسابات الوهمية وتكتيكات خبراء يعملون لترجيح كفّة طرف على آخر.

منذ اندلاع الاشتباكات في 15 أبريل، لجأ الجيش وقوات الدعم إلى «إغراق وسائل الإعلام بمعلومات» وصفها البعض بأنها مضللة، حسب رغدان أورسود، الشريكة في تأسيس مركز «بيم ريبورتس» الذي يحقق في المعلومات المضللة في السودان.

الملاذ في الأزمة

مع لجوء السودانيين إلى الاحتماء في منازلهم لتجنب نيران المعارك، باتت منصات التواصل مثل فيسبوك وتويتر ملاذا ومصدرا مهما وأساسيا للمعلومات، لكن الصعوبة تكمن في صعوبة تدقيق تلك المعلومات التي يبث جزء كبير منها خدمة لأحد طرفي النزاع، مع تركيز كلا الطرفين كما يقول خبراء على نشر «حقائق ملتوية» في حملة إعلامية لخلق «حالة من الخوف» تسيطر على الناس.

تقليد وخبرات

يرى متخصصون أن هناك خبراء يديرون معارك المنصات، وبدأت بعض الحسابات تبث حتى بالإنجليزية المتقنة، للدعاية لهذا الطرف أو ذاك وادعاء أن الطرف الآخر «يشن حملة وحشية ضد الأبرياء»، ويحاول تقويض الديمقراطية.

وأشار هؤلاء إلى أن ذلك دليل على الاستفادة من خدمات خبراء في مجال الصورة والتواصل الإلكتروني.

وبدا أن قوات الدعم تستثمر منصات التواصل التي يديرها خبراء حسب بعض المتخصصين منذ فترة للتأثير على صورة الجيش، فيما أشاروا إلى أن الجيش يستخدم حسابات وهمية على مواقع التواصل، كانت بالكاد ناشطة قبل المعارك، وأنها نشرت بيانات للجيش أقرب ما تكون إلى دعاية مضللة.

تأثيرات ماسك

زاد خطر التضليل في المعركة الإلكترونية، بتزامنها مع قيام إدارة «تويتر» بتجريد الحسابات من علامات التوثيق الزرقاء المجانية، ومنها تلك العائدة رسميا للبرهان وقوات الدعم.

ولكلا طرفي النزاع تاريخ طويل في استخدام مواقع التواصل لتلميع صورته، فقد أشارت شركة «بيم ريبورتس» إلى وجود حملة ممنهجة لتلميع صورة قوات الدعم السريع على فيسبوك منذ مايو 2019، وأكدت تيسا نايت من مختبر «دي أف آر لاب» للتدقيق الرقمي الأمريكي، أن قوات الدعم تلاعبت سابقا بمنصات التواصل، واستخدمت نحو 900 حساب على تويتر يُحتمل أنها مقرصنة منذ ديسمبر 2022، لتضخيم شعبيتها.

لعبة دولية

لا يقتصر الحديث عن التلاعبات بمنصات التواصل على الداخل السوداني، فهناك أحاديث عن تداخلات دولية وعن تعاقدات مع شركات علاقات عامة واستشارات بملايين الدولارات، وهناك كذلك تدخلات من شبكة فيسبوك التي أغلقت شبكة مئات الحسابات التابعة لقوات الدعم على منصتي فيسبوك وإنستجرام بسبب "سلوك زائف منسق".

كما أغلقت حسابات كانت تروّج لمضامين وسائل إعلام تسيطر عليها السلطات السودانية.