خبير آثار: مدرسة النسيج بالمحلة تحفة معمارية وتاريخ عريق


مدرسة النسيج المصري بالمحلة الكبرى أنشئت عام 1910 وهي واحدة من أهم وأقدم المدارس الصناعية بالدلتا وتخصصت في تعليم وتدريب طلبة المحلة على فنون ميكانيكا النسيج والجاكارد
وفي هذا الصدد كانت دراسة الكاتب والمؤرخ مصطفى أبو شامية التي أشارت إلى اهتمام الخديوى عباس حلمي الثاني بمدرسة النسيج وحرصه على زيارتها بنفسه حيث طاف بكل أقسامها وأصر على استقدام ناظر انجليزى لقيادتها وهو مستر ” هربرت بارتل ” من أجل نقل خبراته في أعمال الميكنة وتخريج كوادر جديدة تستطيع قيادة تطوير صناعة النسيج بمصانع وشركات المحلة فى بداية القرن العشرين .

ويشير المؤرخ مصطفى أبو شامية إلى أن المدرسة أقيمت على مساحة أربعة أفدنة تبرع بهم ” على محمد الشيشينى ” أحد أعيان المدينة من أجل المساهمة فى إنشاء المدرسة بعدما تقدم محب باشا حاكم الغربية الأسبق بطلب للخديو عباس حلمى الثانى عام 1910 للموافقة على تنفيذ هذا الحلم، كما أوقف عبد الحميد بك أبو جازيه وهو من كبار الملاك بالغربية 20 فدانًا خصص ريعها مناصفة على مدرسة النسيج المصرى ودار الكتب التابعة لمجلس مدينة طنطا وذلك لأهمية التعليم الفني والصناعي
واستمر العمل قائمًا بمنشآت وعنابر المدرسة التى تم تشييد مبانيها على طراز فريد بواسطة مجموعة من المهندسين الأجانب حيث أقيمت حوائطها وأعمدتها على قواعد مطاطية سميكة أسفل الأساسات الخرسانية للبناء من أجل امتصاص اهتزازات وحركة ماكينات النسيج العملاقة التى تم استيرادها من دول أوروبا الشرقية ..

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار الضوء على هذه الدراسة مشيرًا إلى تاريخ الافتتاح الرسمى لمدرسة النسيج عام 1914 وقد افتتحها الخديو عباس رسميًا حيث نزل ضيفًا على سراى محمد بك صيام سر تجار المحلة وعين أعيانها وكان فى معيته أصحاب السعادة حسين رشدى باشا رئيس مجلس النظار ومحمد محب باشا ناظر الأوقاف وعدلى يكن باشا ناظر الخارجية وعثمان مرتضى باشا رئيس الديوان وإبراهيم باشا فتحى مدير الغربية ومندوبو الصحافة وغيرهم .


كما كان في استقبال جنابه على بك المنزلاوى رجل الزراعة الشهير ونائب مركز المحلة بالجمعية التشريعية ونعمان بك الأعصر عمدة المحلة والشيخ على جاهين ومحمود بك خليل ومحمد أفندى نوفل مدير التعليم بالغربية وأعضاء المجلس البلدى بالمحلة، بعدها انطلق الموكب إلى الصيوان الفخم الذى أقامه أعيان المدينة بجوار المدرسة فشرب فيه القهوة وسمع كلمات الترحيب وقال سموه: أنه منذ 22 سنة وأنا أفكر في زيارة المحلة المشهورة بإخلاص أهلها وجمال منسوجاتها، وأظهر سروره بما علمه عن نمو الزراعة فى المركز فهتف الجميع داخل الصيوان ثلاثًا: ليعيش أفندينا المعظم وردت الجماهير الهتافات فى الخارج .

ثم تفقد أقسام المدرسة التى تولى مسئوليتها الشاب النابغة كامل أفندى أحمد وكان من خريجي مدرسة بولاق الصناعية، وكانت هناك قطعة قماش مركبة على أحد الأنوال وفيها رسم مصرى قديم بديع الشكل وقد كتب فى وسطها ” ليعيش مليكنا المعظم ” فظهر على وجه سموه السرور من حسن نظام المدرسة وإتقان منسوجاتها التى شهدها فى غرفة المعرض وكان هذا اليوم مشهودًا فى تاريخ المحلة الكبرى وذاكرتها.

وقد بلغ عدد طلبة المدرسة وقتها ثلاثين طالبًا ويتقاضي كل منهم أجرًا عن إنتاجه أثناء فترة التعليم ليزداد حبًا وإقبالُا وانتماءً، أما عن الأساتذة الأوائل للمدرسة فكانوا الأستاذ كامل أحمد مدرس مادة النسيج، والأستاذ محمد ياقوت خريج الفنون الجميلة مدرسًا للرسم الصناعي والأستاذ محمد سعيد مدرسًا للرياضة، والشيخ بسطويسى بركات مدرسًا للغة العربية والأستاذ إبراهيم عبود سوداني الجنسية مدرسًا للغة الانجليزية كما كان للمدرسة أربعة فراشين وريس، وبعدها بعام حضر من انجلترا مستر ” هربرت بارتل ” الذى تولى مسئولية نظارة المدرسة وكان من ذوى الخبرة فى أعمال الميكنة الحديثة.

وتابع الدكتور ريحان من خلال دراسة المؤرخ مصطفى أبو شامية بأنه بمرور الأيام والسنوات حاصر الإهمال المدرسة من كل جانب ولم تشهد أى أعمال تحديث أو تطوير، كما أصبحت ماكينات جميع الأقسام متهالكة ولا تتناسب مع التكنولوجيا والتطور الرهيب الذى طرأ على صناعة الغزل والنسيج بجانب عدم توافر المواد الخام ومستلزمات الإنتاج لنقص الدعم اللازم وتحول اسمها من مدرسة النسيج المصرى إلى مدرسة الصنايع ثم إلى المدرسة الثانوية الزخرفية وهو اسمها الحالى وأصبح نشاطها يقتصر على أقسام النجارة والخرسانة والدهانات وقسم الأثاث المعدنى وأعمال السباكة، بالإضافة إلى الأقسام الأساسية للغزل والنسيج والذى يضم النسيج الآلى واليدوى وتحضيرات النسيج والفحص والتجهيز والطباعة والسجاد والجاكارد.

وكانت المدرسة محاطة بمجموعة نادرة من أشجار النخيل والكافور والجميز وبها ملعب للتنس وملاعب لكرة السلة والقدم واليد ومخزن للأغذية لكن تم القضاء على معظمها بجانب هدم عددًا كبيرًا من منشآتها القديمة وبناء فصول ذات أشكال قبيحة ولم يتبق منها حاليًا سوى العنبر الرئيسى الذى يسعى البعض لهدمه وبيع ماكيناته لتجار الخردة
ويعيش أهل المحلة فى قلق وغضب وحزن شديد وهى تفقد كل فترة بعض من معالمها التاريخية بحجة الاستثمار .

ويناشد الدكتور ريحان محافظ الغربية الأستاذ الدكتور طارق رحمى بالتحرك لانقاذ ما تبقى من العنابر القديمة للمدرسة من خطر الإزالة حيث أن هناك من يفكر فى القضاء على آخر ما تبقى من عنابرها التاريخية بحجة التطوير وبناء فصول حديثة وكذلك سرعة ترميمها أسوة بالمدارس التاريخية فى القاهرة كالسعيدية والخديوية والتوفيقية حيث كانت المدرسة شاهدة على التطور والنهضة العلمية للمحلة فى بداية القرن الماضى.

تاريخ الخبر: 2023-04-24 15:22:00
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية