عيدان في ليبيا.. فتنة المفتي!


واقع مؤلم فى ليبيا، وانقسام خطير، بالتزامن مع الانقسام فى السودان، عيدان للفطر فى ليبيا، تراشق فى صلاة العيد، شرق ليبيا أعلن أن الجمعة أول أيام العيد، وغرب ليبيا أعلن أن السبت أول أيام العيد، فى مشهد مؤسف وغريب ونادر، لكنه انعكاس طبيعى للانشقاقات السياسية والحزبية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعى استنكر الليبيون هذا الوضع المؤسف.اللجنة العليا للإفتاء التابعة للهيئة العامة للأوقاف والشئون الإسلامية (الحكومة والبرلمان) أعلنت الجمعة أول أيام العيد، بينما أعلنت دار الإفتاء الليبية فى طرابلس (ذات الانتماء الإخوانى التابعة لحكومة الوحدة) السبت أول أيام العيد، وهنأ فتحى باشاغا رئيس الوزراء شرق ليبيا بالعيد، كما هنأ عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية غرب ليبيا بالعيد!

هذا هو الواقع فى ليبيا، واقع محكوم بالأيديولوجيات السياسية، والدعم الذى يتلقاه كل طرف سواء من الداخل أو الخارج، وللأسف فإن الإفتاء هو أحد أهم المتضررين من الوضع الليبى، الذى يعد الصادق الغريانى مفتى ليبيا هو أكبر المحركين لهذا الانشقاق، وحالة الانقسام الليبى تلك جعلت كل طرف من الطرفين يحظى بقبول شعبى فى المناطق الموجود بها، بالإضافة إلى دعم أحد الفرقاء السياسيين لدرجة اعتبار الآخر كأن لم يكن.

مادة اعلانية

قال لى الأستاذ الصديق طارق أبوهشيمة -الخبير فى مجال حالة الفتوى فى العالم- إن ما يحدث ليس تعدداً للمرجعيات يمكن قبوله والتعامل على أساسه، لأن التعدد يحمل بين طياته فكرة قبول الآخر واحترامه، حتى ولو لم آخذ به، وهذا الأمر غير موجود، بل الموجود شقاق وتكفير حول الانحيازات السياسية وانتشار خطاب الكراهية، وتوظيف الخطاب الإفتائى فى الواقع السياسى يصحبه فعل تحريضى يصل لدرجة تكفير الآخر والدعوة إلى المواجهة المسلحة له.

والذى حدث لا يُستبعد أن ينذر فى يوم من الأيام بمواجهة مسلحة، كما حصل فى حالة السودان، بعكس الحالة المصرية، التى استقر فيها العمل الإفتائى على دار الإفتاء المصرية، وعلى ما يصدر من الأزهر الشريف، والدار والأزهر يخرجان من مشكاة واحدة، ثم الفتاوى المعارضة لهم من التيار الإخوانى أو السلفى لا تتجاوز الفضاء الإلكترونى.

لقد بلغ الانقسام بين دار الإفتاء الليبية الإخوانية من ناحية، والهيئة العليا للإفتاء من ناحية أخرى، تبادل الاتهامات بصفات الخوارج، لهذا برزت الفتاوى حول تعريف الخوارج وحكمهم الشرعى، ومن ينطبق عليه لفظ الخوارج، هل: الإخوان أم الحكومة الليبية والمشير حفتر؟.

وسبق لمؤشر الفتوى -الصادر عن دار الإفتاء المصرية- أن رصد أن الفتوى الليبية غلب عليها القضايا السياسية بسبب الصراع السياسى الذى تشهده البلاد، وخرجت النسبة الأكبر من دار الإفتاء الليبية، والملاحظ حدوث تداخل شديد وخلط معيب بين الفتوى الشرعية وتوجهات تنظيم الإخوان من دار الإفتاء، فكانت الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء موظفة لخدمة التنظيم والهجوم على مصر والسعودية والإمارات، ولم تخلُ من فتاوى منضبطة تخص جانب العبادات وإهدار الأموال.

وأما الهيئة العامة للأوقاف والشئون الإسلامية (الهيئة العليا للإفتاء) فكانت فتواها منضبطة، لكنها أقل انتشاراً وزخماً، وحظى الصادق الغرياتى مفتى ليبيا المنتمى لجماعة الإخوان بتفاعل شعبى لا سيما فيما يتعلق بالقضايا السياسية، ويمكن تفسير هذا التفاعل بأثر اللجان الإلكترونية للمنتمين للجماعة والمتعاطفين معها والخطاب الحماسى فى الفتوى، وأما الهيئة العامة للإفتاء فهى وإن شهدت زخماً أقل فقد شهدت نشاطاً إيجابياً إفتائياً وتفاعلاً شعبياً فى بعض الفترات.

وتعددت الفتاوى المسيّسة لدار الإفتاء، حتى إنها أصبحت فرعاً يعبر عن توجهات تنظيم الإخوان، ومن ذلك فتوى المفتى «الصادق الغريانى» التى يقول فيها: «يجب على المسلمين جميعاً مقاطعة البضائع الإماراتية بسبب ولاء الإمارات لليهود وتسويقها لبضائعهم فى البلدان الإسلامية»، ومن فتاواه أيضاً: «لا يجوز صرف أموال الزكاة فى الخدمات العامة، بما فى ذلك صرفها فى شبكة الصرف الصحى أو ما شابه ذلك من مصالح الناس».

كما أنه أصدر فتوى حماسية تدعو إلى الجهاد فى فلسطين والنفور بالأموال والأنفس فى سبيل الله ضد الإسرائيليين، ولم يوضح كيفية الجهاد، ولا من الذى يقوم به، ولا طريقته، ولا أدواته، وإنما هو حماس جارف لتحريك العواطف، كما أفتى بمنح ثروات الليبيين لتركيا، وحرَّم شراء السلع من مصر ومن الدول الأخرى المعادية (لتنظيم الإخوان) معتبراً أن شراء السلع من مصر والدول المماثلة فيه تقوية للأعداء.

كما أصدر فتوى يطالب فيها الجماهير الليبية بالإشادة بتركيا، لأنها منعت عنهم الرعب والقتل كما يقول، ومن فتاواه أيضاً: «الأردن ومصر والسعودية وفرنسا أعداء، وفتوى مقاطعة العدو وقَّع عليها خيرة علماء ليبيا، ويجب ألا يُعان بالمال ولا يُباع معه أو يشترى معه، لأنه يعين على قتل المسلمين، وهذا لا يجوز، لأن المال يعود رصاصاً لمن هم فى الجبهات، ويجب أن توضع مصر والسعودية والإمارات فى قائمة الحظر، والتجارة حرام معهم، والاستيراد منهم حرام».

هذا النماذج من الفتاوى المسيسة الخادمة لتنظيم الإخوان وتوجهات الجماعة انتهت إلى وجود عيدين فى بلد واحد، وجهتين للإفتاء متناقضتين تماماً، وكل جهة تعانى مشكلات.

يُذكر أن دار الإفتاء الليبية تأسست عام 1951، واستمرت فى فترة الحكم الملكى فى ليبيا، وتم إلغاؤها على يد القذافى 1983م، وفى فبراير 2012 أعيد تأسيسها بقانون ثارت حوله انتقادات، ليصبح الصادق الغريانى أحد قيادات جماعة الإخوان مفتياً لليبيا، ومع أن موقع الدار الرسمى يقول إنه دار الإفتاء: «جهة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية أو ما حل محله»، إلا أنها على أرض الواقع تعد أحد أفرع التنظيم الدولى للإخوان.

*نقلا عن الوطن

تاريخ الخبر: 2023-04-26 21:18:32
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 92%
الأهمية: 97%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية