قام المسيح وسحق الموت
قام المسيح وسحق الموت
لم يكن ممكنا أن يمسك منه (أي من الموت) (أع2:24), بهذه العبارة المركزة شرح القديس بطرس الرسول سر انتصار القيامة علي الموت, إذ أنه حينما سقط آدم الإنسان الأول وجب عليه حكم الموت لأن أجرة الخطية هي موت (رو6:23). والنفس التي تخطئ تموت (خر18:20), ودخل الموت إلي البشرية موتا رباعيا خطيرا (الموت الجسدي والموت الروحي والموت الأدبي والموت الأبدي)..
الموت الجسدي
إذ بدأت عوامل الفساد والانحلال تدب في الطبيعة البشرية, ومنع آدم وحواء من الأكل من شجرة الحياة لئلا يحيا إلي الأبد في هذا الفساد الذي طرأ علي الطبيعة البشرية.
الموت الروحي
وكما أن الموت الجسدي هو انفصال الروح عن الجسد, فالموت الروحي هو انفصال الروح عن الله, والخطية هي انفصال عن الله.. والله هو الحياة إذن فالخاطئ هو إنسان ميت.. وهذا ما حدث لآدم حينما أخطأ.. طرد من الفردوس ومن حضرة الله منفصلا عن الله, بعد أن كان يتمتع بعشرة الله في الفردوس.. وصارت الخطية حائلا وحاجزا وفاصلا بينه وبين الله.
الموت الأدبي
والموت الأدبي وفقدان الإنسان لمركزه الاجتماعي أي أن لا يكون له كيان أو وجود في المجتمع فيكون كأنه ميت.. وهذا ما حدث لآدم, إذ فقد مركزه الكبير, كابن لله وجليس للحضرة المقدسة وشريك للملائكة وسكان السماء, وصار عبدا للعدو.. يفترسه المرض, تطحنه السنون, ويذله الشيطان, وتحطمه الكوارث الطبيعية.
الموت الأبدي:
لأن لحما ودما لا يقدران أن يرثا ملكوت الله ولا يرث الفساد عدم فساد (1كو15:5).. وهكذا كانت تهبط كل النفوس إلي الجحيم, الهاوية, مهما كان برها الذاتي أو جهادها الصادق, الكل معا تحت قبضة الشيطان, يتهددهم خطر العذاب الأبدي (إلا الذين ماتوا علي الرجاء).. بل إن الخطية التي تقود إلي الموت الروحي تقود أيضا إلي الموت الأبدي.
ولكن جاءت القيامة.. تثبت بر المسيح غير المحدود, لأنه مات بإرادته, ولما حاول الموت أن يمسكه ارتعب, إذ صعقه تيار اللاهوت المتحد بالجسد الموجود بالقبر, والنفس النازلة إلي الجحيم, وفي اليوم الثالث الذي حدده الرب لقيامته, قام الرب منتصرا علي الموت وهكذا أبطل الرب الموت, وأنار الحياة الخلود, واستطاع وهو بعد علي الصليب أن يقيم أجساد الكثير من القديسين الراقدين (مت27:52) الذين لم يجسروا أن يظهروا للناس قبل أن تعلن قيامة بكرهم المسيح, فلم يخرجوا من قبورهم سوي يوم الأحد, وهكذا رأي التلاميذ تفاهة الموت وعجزه فلم يرهبوه بل طلبوه حبا في الوصول إلي النصيب الأبدي والحبيب الإلهي اشتهوه مثل القديس بولس الرسول (في1:23).