في التاسع عشر من أبريل الجاري كان الشاب “كنكش” على موعد مع الموت، حيث رحل في صمت وهدوء كما كان يعيش حياته البسيطة بين أزقة وشوارع وأسواق مدينة الأبيض متجنباً ضجيج الناس والمحركات. ومع ذلك، ذهبت روحه بوحشية بعدما طالته آلة الحرب بقذائفها.
الأبيض: فتح الرحمن حمودة
لم يكن له اسم يعرف به سوى “كنكش” وهو الاسم المعروف لدى معظم سكان مدينة الأبيض فهو شاب عشريني كما أنه واحد من فاقدي السند وذو حالة خاصة بل غريبة، ولكنه عندما كانت تسمع أذنيه أصوات هتافات مواكب الثورة تجده أول المتقدمين للصفوف.
كان قد اختار السوق الكبير للمدينة ساحة ومنزلا له حيث تجده دائما يتمسك أحيانا بالمارة في السوق ليس تعديا، بل وكأنما يشتاق إلى حنان الأسرة فارقت روحه ولكنها لم تسقط من قلوب أهل المدينة.
“كنكش” وآخرون غيره من فاقدي السند لم يكونوا على وعي كامل بما سيحدث عندما بدأت الأطراف المتقاتلة وسط المدينة صبيحة يوم الخميس الماضي فكان الاشتباك الذي استغرق أكثر من ساعة من القصف الوحشي والقنص المخيف والقذائف المدمرة التي نتج عنها مقتل أكثر من خمسين مدنياً الذين كان من بينهم.
حيث أنه، “كنكش”، كان نموذجاً للأوفياء بأوطانهم إلى أن صعدت روحه الطاهرة وقلبه الطيب الذي كان يحمل أطنانا من الحب لبلاده و لكن بسبب “لعنة الحرب” أخذته سيمفونية الذخيرة التي ما زلت تعزف نشيد الموت على مسامع أهل البلاد.
كان شخصاً محبوباً لدى جميع سكان المدينة بل أصبح من ظرفائها كما أنه من الشخصيات المشهورة في مواكب بمدينة الأبيض، بل رمزا من رموزها الثابتة.
“كنكش” مثله ومثل العديد من فاقدي السند الذين ما زالوا ينامون تحت أرصفة الشوارع ولا يعلم أحد كيف يحصلون على طعامهم ومشربهم. فالبعض منهم يموتون قبل أن تشرق عليهم الشمس واليوم أيضا لا يدري أحد ماذا حدث لهم في ظل تلك اللعنة المستمرة.
