كان أدب الديستوبيا موجودًا منذ قرون، لكنه في الوقت الراهن يشهد عصره الذهبي، وهذا ما يظهر من النجاح الباهر الذي حققته بعض الأعمال مثل "حكاية الجارية" لمارجريت أتودد، و"مباريات الجوع"  لسوزان كولنز. 

صارت مصطلحات مثل "أورويلي"، و"الأخ الأكبر" اليوم لغة شائعة، ولكن ما الذي جعل هذا النوع من الأدب المتشائم والمظلم والقائم على اليأس شائعًا؟ 

في محاولة للإجابة على السؤال ولماذا كانت هناك مصطلحات “أورويلي” و“الأخ الأكبر”، ألقى التقرير الذي نشره موقع FEE الضوء على أهمية الخيال ذاته، فالخيال قد يكون مسليًا، لكن ليس الجانب الخيالي هو مصدر التسلسة، إنه القصة التي يرويها الخيال.

الأكاذيب لإيصال الحقيقة

الخيال هو مجرد أكاذيب نقولها لبعضنا البعض، فالعديد من الأشخاص يفترضون أن وظيفة الخيال هي الترفيه، سواء كان ذلك من خلال الكتب أو الأفلام أو البرامج التلفزيونية، ومع ذلك فإن قيمة رواية القصص تكمن في قدرتها على تفسير الأشياء، ونقل الدروس بطريقة مؤثرة عاطفيًا، واستخدام الأكاذيب لإيصال الحقيقة.

في القصص الخيالية مثل "ذات الرداء الأحمر" يعي القارئ أنها لم تحدث أبدًا؛ فمن المؤكد أن الذئاب لا تستطيع التحدث أو إعطاء انطباعات ذات مصداقية عن الجدات اللطيفات، لكن الحقيقة الأساسية والدرس الذي تعلمنا إياه  هي أن الخطر كامن في الغابة، وليس كل شخص يهتم لأمرك، لذا كن حذرًا. 

في عالم سرد القصص، كل الأنواع لها مكانتها الخاصة، ولكن رواية الديستوبيا تقع تحت عنوان أوسع بكثير وهو "الخيال التأملي" الذي يتضمن الخيال العلمي وجوانب غير واقعية. 

الخيال التأملي

تظهر روايات الديستوبيا عالماً في حالة انحدار أو انهيار، ومنها مصطلحات "أورويلي"، و"الأخ الأكبر" بغض النظر عن السبب الجذري، فإن الشخص العادي يعمل تحت شكل من أشكال السيطرة القمعية، والجناة الأكثر شيوعًا هم الحكومة والتكنولوجيا والوضع الاجتماعي.

في رواية “1984" لجورج أورويل، يكافح وينستون سميث ضد حالة مراقبة منتشرة، يختفي أعضاء المجتمع عندما يخرجون عن الخط، والأخ الأكبر يراقب الجميع دائمًا.

وفي "حكاية الجارية" لمارجريت أتوود، الولايات المتحدة هي دولة جلعاد، وهي دولة ثيوقراطية وأبوية للغاية حيث تُمنع النساء من القراءة أو حيازة الممتلكات أو تولي أي مناصب في السلطة. 

"عالم جديد شجاع"، و "آلة الزمن"، و"هل تحلم الروبوتات بخرفان آلية؟" هذه كلها أمثلة بارزة على روايات الديستوبيا، وكلها مختلفة تمامًا عن بعضها البعض,

 ما يجعل هذه الأعمال تلقى صدى لدى الآخرين ليس أن هذه المواقف الخيالية مرغوبة  ولكن لأنه ما يزال من الممكن وقوعها.

التشاؤم الدفاعي

تعلمنا الديستوبيا أن نكون حذرين، حتى عندما تسير الأمور على ما يرام، إذ يمكن أن تضرب الكارثة بدون أي تحذير؛ انهيار بيئي  أو حرب عالمية أو ثورة الروبوت.

في علم النفس الحديث، يُطلق على التصور لأسوأ السيناريوهات "التشاؤم الدفاعي". على الرغم من أن مثل هذه الممارسات يمكن أن تعود جذورها إلى آلاف السنين؛ إلى فلسفة الرواقية، يمكن أن يساعد في تخفيف القلق ووضع الحياة الواقعية في منظورها الصحيح. بطريقة ما، قراءة رواية ديستوبية هي نوع من التشاؤم الدفاعي.